منذ أيام الرسل ما بعد المسيح انبثقت الكنيسة كمفهوم تبشيري جامع للمؤمنين بالمسيحية دون إن تخص بأمة ما أو عرق أو قومية أو جنس هكذا كانت وهكذا ستكون، والأمة (الاشورية) كباقي الأمم – إن لم نقل – كانت من أوائل الأمم التي أمنت بالمسيحية وظلت هذه الأمة موحدة في كنيسة موحدة جامعة لحين إن انشطرت عام 1964 إلى جناحين الأول جاء تحت اسم (كنيسة المشرق الاشورية) والثاني تحت اسم (الكنيسة الشرقية القديمة)، وهنا لا ادخل في تفاصيل وأسباب الانشقاق بقدر ما يهما اليوم إن نقدم رؤية مستقلة عن أهمية الوحدة الكنسية في تاريخ الأمة لبناء حاضرها بما يرتقي لمستوى حضارتهم العريقة (الحضارة الاشورية)؛ بعد إن تمت مبادرة من لدن قداسة (البطريرك مار آوا الثالث، بطريرك كنيسة المشرق الاشورية في العالم) لتوحيد الكنيستين؛ وقد استجاب قداسة (..غبطة المطران مار يعقوب دانيل راعي أبرشية استراليا ونيوزيلندا للكنيسة والوكيل البطريركي العام؛ وقد جاءت وكالته على كرسي البطريركية بعد وفاة البطريرك مار ادي الثاني بطريرك كنيسة الشرقية القديمة) على طلبة، ومن المتأمل إن ينعقد اجتماع والبدء بالمحاور موسعة لتباحث عن كيفية تذليل المعوقات والمضي قدما للوحدة ولم شمل الكنيستين بعد انشطارهما؛ ويأتي أجماع الكنيستين في (التاسع من الشهر الجاري أيار 2022 ) وقد تستمر الاجتماعات والمداولات بين الطرفين لفترة من الزمن لحين التوصل إلى اتفاق الوحدة أو من عدمه .
فالوحدة كمفهوم عام له قيمة عاليا في تحقيق أهداف نبيلة لنمو وازدهار وتقدم وبناء ومواجه التحديات سواء في التاريخ القديم أو المعاصر، فبالوحدة يتم تذليل الصعاب وتحقيق النصر على أعداء الأمة؛ وبالفرقة تذوق الأمة مرارة الفشل والانهزام والإحباط والفشل والتراجع والإذلال، لندرك مدى أهمية الوحدة في ثقافة أبناء الأمة لتجسيد نهضتهم وبناء مستقبلهم التي جمعتهم لغة مشتركة هي (اللغة الاشورية) التي ربطت ثقافة أبناء الأمة مع بعضهم البعض؛ وهي التي تحفزهم في امتلاك الوعي والإرادة وتمكنهم على تحقيق استقلالهم والإسهام في تذليل الصعاب لمواجهة تحديات الحاضر؛ ليتم تهيئة لمستقبل مشرق لنهضة الأمة (الاشورية) التي تلازم الوحدة مع كل طموحاتهم الأخرى، لان كل الروابط التي يحملها الفرد (الاشوري) من قيم ومشاعر هي روابط تدفعهم للوحدة لتغلق نوافذ التشرذم.. والانعزال.. والفرقة؛ لان هناك مبادئ ومصالح تفرض لأبناء الأمة إلى وحدة الكنسية التي تربطهم بها بروابط عقائدية من صعوبة تفريط بها، لان (المجتمع الاشوري) مجتمع مؤمن؛ ولكن هذا الإيمان يجب إن يكون موازيا مع تطلعات الأمة في الوحدة؛ لا إن تكون (الكنيسة) سببا للفرقة ومحرضة عليه؛ بل يجب إن تكون (الكنيسة) مشجعة وسببا للوحدة الجامعة لتمضي الأمة قدما لتحقيق طموحاتهم في الحرية وحق تقرير المصير؛ لان الوحدة بين تنوع العشائر والقبائل المتنوعة في جسد الأمة (الاشورية) حالة سليمة لان آلية الديمقراطية لا تكتمل في الأمة إلا بمشاركة الجميع؛ لان الوحدة بين هذه المكونات التي تسكن في جسد الأمة هي في ذاتها متكاملة بهذا التنوع؛ وعدا هذا المبدأ فإننا نسهم لإشعال الفتن وانشقاقات داخلية – داخلية؛ والتي ستذكي نيرانها أعداء الأمة؛ ولكن مدى كانت الأمة موحدة؛ فان تأثير هذه الإطراف الخارجية سيكون محدود إن لم نقل معدوما، لان خيار الحر للأمة – إن توفرت الإرادة الديمقراطية الحقيقية لهم – هو خيار وحدة الكنيسة؛ بأي صيغة عمل كانت؛ طالما إن خيار الأمة اليوم هو خيار الوحدة؛ وهذا سيكون جليلا إذ ما تم أعطاء حق التعبير الشعبي في ممارسة حقوق أبناء الأمة (الاشورية) في المشاركة لأداء أرائهم وحقهم في التعبير الحر.
فلو سمحت أوضاع امتنا في الحراك الشعبي لاكتشفنا كيف سينطلق الصوت المطالب لوحدة صفي الكنيسة – اليوم قبل الغد – ولاكتشفنا مدى توق هذه الأمة للوحدة وتبنيها لبرامج الكنيسة الموحدة؛ وكل المشاريع التي تدفعها للتكامل مع بعضهم البعض ورصف الصفوف لتبني قضايا الأمة المصيرية؛ بدلا المتاهة في انشقاق لم يجلب للأمة إلا مزيدا من التراجع والانكسار على كل مستويات الحياة؛ لان انشقاق (الكنيسة) يمهد لأعداء الأمة اختراقها وتشويه طقوسهم وإيمانهم؛ رغم أصالة انطلاقاتهما الإيمانية؛ لان خيار الوحدة بين الكنيستين ليس فحسب خيار أبناء الأمة بل هو خيار اغلب رجال الدين المنتمين والتابعين لهذه الكنيسة أو تلك، لان الكل اليوم هو جزء من جسد الأمة (الاشورية) ويشارك بهذا الشكل أو ذلك ويتحمل مسؤولية مصيرها؛ لان وحدة الكنيسة ترتكز على منظومة التلازم بين (القومية الاشورية) و(الديانة المسيحية)، وهذا هو أيطار تفاعل الحضاري المبهر الخلاق (اشوريا – مسيحيا) منذ إيمان (الأمة الاشورية) بالمسيحية في انطلاقتها الأولى؛ لتؤسس كنيستها وفق طقوسها الشرقية الخاصة بها والتي أخذت تبشر وفق هذا المنطلق منذ انطلاقها والى يومنا هذا .
لذلك فان في ظل (وحدة الكنيسة) فان المجتمع (الاشوري) سيكون – بدون ادني شك – أكثر قوة وازدهارا وانتماءا إلى الأمة (الاشورية)؛ لان وحدة الكنسية؛ هو الإطار الأمثل لمواجه التحديات التي تواجهها الأمة سواء في الداخل أو ممن هجروا ونزحوا في الشتات، فواقع الأمة اليوم يواجه صعوبات عنيفة هي الأخطر في تاريخهم؛ من تمزيق وتشتيت أبناء الأمة بعد إن ضغط أعداء الأمة بكل أساليب قذرة والضغط إلى ترك أراضيهم وقراهم وممتلكاتهم من داخل الوطن في بلاد الرافدين (العراق)؛ ليهجروا قسرا.. وليشتتوا في كل بقاء الأرض؛ وهو هدف مارسه أعداء الأمة؛ منذ سقوط إمبراطوريتهم (الاشورية) في 612 قبل الميلاد والى يومنا؛ وخاصة اثر قيام (الدولة الإسلامية الداعشية) واحتلالهم لمدينة (موصل) و(سهل نينوى)، حيث عملوا إلى تهجير أبنائنا من (مدينة موصل) و(سهل نينوى) وتجريف قراهم ومنازلهم وكنائسهم ومقابرهم؛ بعد إن كان استهدافهم قد بدا بشكل منظم بعد سقوط النظام في (العراق) عام 2003 ؛ ليم تهجيرهم من كل مدن (العراق) التي كانت تزخر بأبنائنا (الاشوريين المسيحيين) المسالمين، وفي ظل هذا الاستهداف وتشتيت الأمة فان بقاء الكنيسة (الشرقية القديمة والمشرق الاشورية) في حالة الانقسام أمر مؤسف حقا؛ ولابد لرجال الدين إدراك مخاطر هذا الانقسام على مستقبل الأمة؛ لأنه يؤثر تأثيرا سلبيا حتى على عمل (الأحزاب الاشورية) القومية؛ وتدفعها هي أخرى بأمور لا تحسد عيه، لان لانقسام الكنيسة وصل امتداده وتأثيره إلى عمل الأحزاب، ومن هنا تأتي أهمية وحدة الكنيسة؛ لان وحدة الكنسية من شانه إن يترك بصمة قوية في رصف صفوف أبناء الأمة وجمعهم في مشاريع النهضة.. ولحمة الفكر.. والنضال.. والمقاومة؛ ليتم نبذ التعصب والعصبيات البعيدة عن روح (الأمة الاشورية) التي في الأغلب تلعب دورا سلبيا في تحطيم كل صيغ وأشكال التعاون ومبادرات المسئولة للوحدة الكنسية بين (الكنيسة الشرقية القديمة وكنيسة المشرق الاشورية) لينزلقوا في ثغرات من التخلف.. والتراجع.. والفساد.. وانقسامات قبلية وعشائرية متعددة الأشكال والمظاهر؛ متناسين دور الأعداء في تعميق هذه الشروخ في جسد الأمة كي تبقى على حالة التشرذم والانقسام؛ وفي كثير من الأحيان نجد بان أعداء (الأمة) و(الكنيسة) تحديدا كانوا وما زالوا يغذون المعوقات لتبقى (الكنيسة الاشورية) متفتتة – لان ضنهم – كلما بقت (الكنيسة) متفتتة كلما ساهم ذلك إلى تفتيت وتجزئة الأمة، وهو ما يؤدي إلى تعميق فهم التجزئة في عقل أبناء الكنيسة؛ الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الاحتقانات.. والنعرات.. والعصبيات.. وعلى كل المستويات؛ لنجد كيف يعم إطلاق إلف مبرر – ومبرر بين هذا الطرف وذاك لعدم انعقاد اجتماعات متواصلة بين الكنيستين (الشرقية القديمة والمشرق الاشورية)، وذلك من اجل إن (لا) يعرف الجميع حجم المشتركات بينها؛ ولكي (لا) يتم العمل على بنائها باتجاه الجمع والاتحاد وبما يتم تحقق انجازات ملموسة في العلاقات بين الطرفين يتعاونوا على تنفيذها من اجل إن لا تنزلق الأمة في صراعات ليصبح توحيد (الكنيستين) امرأ مستحيلا؛ فكيف بوحدة طوائف الأمة، بعد إن يتم تدمير كل مقومات الوحدة وقراراتها المصيرية في الحرية وحق تقرير المصير……!…………..؟
إن عجز رجال الدين على توحيد (الكنيستين) وابتعاد التنظيمات القومية للأمة على تقريب وجهات النظر بين الطرفين المنشقين كنسيا؛ تحت ذريعة بأنهم رجال (السياسية) ولا يتدخلون في شان (الدين) بمعنى أنهم يفصلوا بين (العمل السياسي) و(الدين)؛ وهذا فعل صحيح، ولكن ما نقصده هو مبادرة من اجل المصالحة وقع داخل مؤسسة الكنيسة، لان مصالحة بين الطرفين ليس من شانه تدخل بأمور الطرف الأخر؛ بقدر ما يأتي الفعل كمبادرة لحسن النوايا؛ طالما إن الهدف هو هدف نبيل يخدم أبناء الأمة ويجمع بين الإخوة المفترقين؛ والذي يأتي في إطار عمل قومي شريف موحد، وعدا هذه الحقيقية فأمره سفسطة غير مجدية وبدعة لإبقاء الكنيسة (الاشورية) بصورة عامة؛ أسيرة التشرذم والانقسام.
ومن هنا يأتي السؤال ما العمل لتحقيق وحدة الكنيسة (الشرقية القديمة وكنيسة المشرق الاشورية) لتجاوز العوائق التي تحول دون الوحدة بين الطرفين……………….؟
إن القراءة الموضوعية للعمل الوحدوي بين الكنيستين) هو تحديد (الايجابيات) والعمل على تطويرها؛ وكذلك تحديد (السلبيات) والعمل على تجاوزها، وهذا لا يتم ما لم يستوعب الجميع قيمة الوعي الوحدوي الذي يجب إن ينشر في وسائل الاتصال والتواصل والأعلام (الاشوري) لكي يتم استيعاب مبررات الانقسام أيا كانت؛ والدعوة إلى التعامل مع الايجابيات وترك المهاترات جانبا.. والابتعاد عنها.. والعمل على تعميق المنهج الفكري ديمقراطيا بين المتحاورين، لان (الوحدة) ليس طغيان طرف على حساب الطرف الأخر؛ لان (الوحدة) ليست إقصاء بل هي صيغة اتحادية لتكريس الإخوة والتعاون بين الإطراف؛ هم أسسا أبناء امة واحدة.. ويتكلمون لغة واحدة، لذلك يجب تنمية ثقافة الإخوة.. والوحدة.. والمشاركة.. والتعاون بين أبناء الأمة (الاشورية) بمؤسساتها المدنية والكنسية والسياسية وعلى كل المستويات؛ ونبذ ثقافة الانقسام.. والتشرذم؛ والعمل على تنمية قيم الوحدة وثقافة التواصل؛ لان لا تقدم ولا نهضة بدونها، لان (الوحدة) بوابة لدخول إلى مشاريع البناء والازدهار تدر إلى الأمة خيرا.. وأمنا.. وسلاما، وعلى الجميع إن يدركوا بان الانقسام الكنيسة لا يخدم مصالح الأمة في الحرية وحق تقرير المصير؛ بقدر ما يهدد أمنها ووجودها، رغم إن المجتمع (الاشوري) هو صاحب الإرادة والفاعل الأساسي في قيام الوحدة؛ ومن صميم مصلحته قيام الوحدة الكنيسة بين (الكنيسة الشرقية القديمة والمشرق الاشورية)، لان الانقسام ترك في جسد الأمة شروخا تفاقمت بحدة توترات بين الطرفين المنشقين، لان الوحدة هي وحدة جامعة بينهم طالما إن المنتمين لهذه الكنيسة وتلك هم أبناء امة واحدة.. ويتكلمون لغة واحدة.. وتجمعهم روابط القربى والنسابة متداخلة من صعوبة إن يتم الانشطار بينهم؛ لان التعصب مهما تفاقم فانه لن يكون إلا لمرحلة محددة وسرعان ما تزول المسببات فيعود موحدين كما كانوا قبل الانقسام؛ ومن هنا تأتي أهمية ثقافة الحوار البناء للوصول إلى حلول يرضى بها الجميع وتكون مقبولة من الجميع؛ لان الوحدة بين الكنيستين ممكن.. وأسهل ما تكون؛ شرط إن يتوفر بين المتحاورين إرادة وتصميم للوحدة؛ بغض النظر عن الخلفيات الإيديولوجية سواء لهذا الطرف أو ذاك؛ وذلك لا يكون إلا بوجود قيادة حكيمة تتحمل مسؤولياتها الكاملة لمواصلة الحوار والعمل من اجل أزالت كل العوائق التي تحول دون قيام الوحدة وعبر الآليات شفافة وبشكل يضمن التواصل والتكامل فيما بينها وبذلك يمهدون لفتح الطريق لتحقيق الوحدة، لان بالانقسام الطرفين ضيقوا أنفسهم في اطر ضيقة محدودة الإبعاد؛ أشبه ما يكون بمحاصرة أنفسهم بأنفسهم وتعطيل وإجهاض دورهم في إشعاع نهضة الأمة واستقرارها، لان الأمة في العقود الأخيرة تعرضت لمتغيرات خطيرة في أمنها واستقرارها؛ فمن غير المعقول إن تبقى (الكنيسة) تتفرج على أوضاع الأمة وهي متشرذمة لأسباب من الممكن تلافيها بالوعي وبالإرادة وبعزيمة الرجال وهم أسسا رجال الكنيسة ومن المفروض – ومن دون إن نشير إلى ذلك – يجب عليهم إيقاظ ضمائرهم لأنهم أساسا هم رجال دين وأصحاب رسالة تبشيرية لإنقاذ البشرية من الخطية؛ لان الانقسام والتشرذم كمفاهيم عامة هي مفاهيم ضمن أفعال غير سليمة خاطئة؛ والخطأ يدرج ضمن أفعال الخطيئة، لذلك يجب مراجعة الذات ومحاسبتها لان التوبة مبدأ تقره المسيحية وهم رجال مبشرين لها، فبمراجع الذات وبتوفر الإرادة الصادقة – واضن إن لمجرد انعقاد مؤتمر بين الكنيستين (الشرقية القديمة والمشرق الاشورية) – هو تصميم قوي قد جاء كصحوة لضمير ومراجعة الذات لتصحيح المسار لقيام التكامل ولم الشمل الكنيسة التي كانت بالأساس موحدة وانشطرت لهذا السبب أو ذاك لظروف مرحلة ما، ولكن آن الأوان للم شمل (الكنيسة)؛ لان كل يوم يمضي على الكنيسة وهي في على حالة التشرذم والانقسام يعمق الشروخ بينهما، وهو الأمر الذي يعكس سلبا بل ويعمق الشروخ في المجتمع (الاشوري) وهو يعيش في مرحلة صعبة وصعبة جدا من النزوح.. والتشرد.. والضياع في دول الشتات؛ ومن كل هذه المعطيات التي ينبغي التفكير بها والعمل الجاد لوضع حد للاستنزاف الذي أحدثه هذا الانقسام، وعلى رجال الكنيسة (الكنيسة الشرقية القديمة والمشرق الاشورية) اخذ دروس وعبر من تاريخ أمتهم (الاشورية) التي صمدت في أحلك الظروف ولم تجنح إلى الانقسام والتشرذم؛ بقدر ما ساهمت تلك الظروف إلى تعزيز روابط الوحدة في المجتمع؛ وشحذ الهمم لمواجه تحديات التي كانت تواجهها؛ ومن خلال ثقافة وحدة الأمة؛ استطاعت الأمة (الاشورية) تحقيق انجازات حضارية مازال التاريخ يذكر انجازاتهم والتي شملت على كل المستويات الحياة السياسية.. والاقتصادية.. والاجتماعية. والعلمية.. والثقافية.. والأدبية.. والفنية؛ بفخر وشموخ وهي انجازات التي منحتها دينامية التواصل والاستمرار وتحدي كل الظروف التي واجهتها خلال مسيرة تاريخها منذ سبعة ألاف سنه؛ وطوال هذه الحقبة ظل هذا التاريخ يشكل هوية الأمة وثقافتها المبنية على ثوابت وحقائق الانتماء للحضارة (الاشورية) باعتبارها القاعدة الموضوعية لوجود الأمة كحضارة.. وتاريخ.. وفكر قومي الذي (لم) يستمد مقوماته من (الدين) ولكن (الدين) استمد خصوصية من تاريخ وحضارة الأمة، لان (الدين المسيحي) الذي تؤمن به (الكنيسة الاشورية) استمد من مقومات (تاريخ الأمة الاشورية) كمنطلقات لفهم (الدين المسيحي) و وفق أسس واكبت معتقدات الموروثة من التاريخ (الاشوري)، ولهذا فان طقوس (الكنيسة الاشورية) استمدت منطلقاتها وفق ثقافة الأمة التي بنت عبر منطلقات التراث.. والعادات.. والمعتقدات.. وتقاليد الأمة (الاشورية) التاريخية؛ بما وضعت لها خصوصية متميزة في الفكر ألاهوتي لها؛ لذلك أخذت طقوسها ومميزاتها من هذا التميز بين المذاهب المسيحية الأخرى، ولهذا بقيت رصينة بمعطياتها ومنطلقاتها وإيمانها المسيحي، فكانت (الكنيسة الاشورية) من أوائل المؤمنين بالمسيحية وأخذت لها دورا في التبشير ونشر المسيحية وفق طقوسها وقد وصلت رسالتهم إلى كل دول أسيا وتحديدا (الهند)، ولهذا فان اليوم هناك في (الهند) ملاين المؤمنين بالمسيحية وفق طقوس (الكنيسة الاشورية) ويمارسونها وفق (اللغة الاشورية)؛ وهذا التمكين للكنيسة (الاشورية) ما كان لها إن تصل إلى هذا المستوى من النشر والتوسع إلا بوجود وحدة في مفاصل الكنيسة التي جعلتها قوية وقادرة على أداء رسالتها بشكل سليم، وهنا يطرح السؤال نفسه:
هل كان بإمكان الكنيسة (الاشورية) إن تصل إلى هذا المستوى من الانتشار والقبول الأخر بطقوسها بوجود خلافات وانقسامات داخل الكنيسة (الاشورية)……….؟
الجواب: حتما لا .
لذلك علينا إن نفهم أهمية (الوعي) و(ثقافة الوحدة) باعتبارهما ضرورة وحتمية لأي تواصل واستمرار؛ لان (الوحدة) هي أساسا (صناعة) وعلى رجال الدين الكنيسة (الاشورية) المنشقين إجادة هذه الصنعة التي تستمد روابطها من الثقافية وحضارة المجتمع، ولما كانت الكنيسة (الشرقية القديمة والمشرق الاشورية) هما جزء من جسد الأمة (الاشورية)؛ لابد لهما إن يستمدوا مقومات وحدتهم من خلال هذه الروابط التي تتصل بالحضارة والتاريخ الأمة (الاشورية) لكي يتمكنوا تجاوز أخطاء الماضي التي أدت إلى انفصال الكنيسة؛ لان شرعيتهم مهما حاول تمجيدها ستكون ناقصة وغير شرعية بدون وحدتهم، وعلى الكنيستين المنشقتين تأسيس شرعية لبناء وحدتهم ضمن مشروع القومي وحدوي يجمع كل أبناء الأمة بمختلف طوائفهم ليتم وفق ذلك بناء عوامل سياسية وإيديولوجيا لإثبات وجودهم على ارض الوطن في (العراق)، لان (الوحدة) هي عنصر القوة تمنحهم شرعية لمطالبة بحقوقهم والاعتراف بهوية الأمة (الاشورية)، لان المخاطر والتحديات التي تواجها الأمة توقظ مشاعر القومية؛ وهو ما يحفزهم لترميم أي تصدع يحدث في جسد الأمة، لذلك فان تصدع جدار الكنيسة بانقسامها حرك مشاعر الأمة كإرادة لتوحيدها وكأداة ضاغطة وكضرورة حتمية تتطلبها ظروف الأمة في هذه المرحلة من تاريخها المعاصر بعد إن شعر أبناء الأمة (الاشورية) حجم التهديد الذي يتعرضون إليه من قبل تيارات وفصائل الإرهاب منذ ما بعد 2003 والى يومنا هذا، وهذا ما يتطلب من مؤسسات الأمة إعادة النظر في مواقفها لخلق توازن مجتمعي قادر لمواجه تحديات الخطيرة التي تواجهها الأمة في هذه المرحلة لتنتقل محاور (وحدة الكنيسة) بين كنيسة (الشرقية القديمة والمشرق الاشورية) من التنظير إلى مستوى الممارسة؛ لبناء واقع قوي داخل البيت (الاشوري) كنسيا وسياسيا، بعد إن يتم فتح محاور العمل الجاد من قبل الأحزاب القومية للأمة والكنيسة وبما يخدم تطلعات الأمة في الحرية وحق تقرير المصير، ليثبتوا بأنهم أبناء امة أصيلة لها حضارة وتاريخ عريق يستطيعون بناء مؤسساتهم متى توفرت لهم إرادة حرة وقيادات ورجال حكماء كنسيا.. ومدنيا.. وحزبيا؛ مؤمنين بالوحدة وأفكارها ومناهج تطبيقها، لان وحدة الكنيسة في هذه المرحلة بحد ذاته يعتبر انجازا شرط إن تبقى هذه الإرادة قائمة وصلبة واصلب من إرادة الانقسام، وان تبقى العقلية الوحدوية وثقافتها تلازم مسار العمل القومي والكنسي في كل مراحل التاريخ؛ لأن ليس من حق احد إن يعبث بوحدة الأمة و وحدة الكنيسة ووحدة التسمية (الاشورية) أيا كان ومهما كان .