11 أبريل، 2024 11:48 ص
Search
Close this search box.

أهمية النظام التعليمي في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

يقوم النظام التعليمي على أسس التشكيلات الإدارية والفنية المجسدة لما يتضمنه القانون التربوي النافذ ، حيث تحديد مسؤولية وزير التربية ، كونه الرئيس الأعلى للوزارة ، وتصدر عنه التعليمات والأنظمة الداخلية والقرارات والأوامر في كل ما له علاقة بتنفيذ مهام الوزارة وتشكيلاتها وصلاحياتها وسائر شؤونها الإدارية والمالية والفنية ضمن حدود القانون ، إضافة إلى تحديد عدد مساعديه من الوكلاء والمستشارين لإدارة شؤون الوزارة الفنية والإدارية ، وتنفيذ السياسة التربوية والتعليمية في جميع مراحل التعليم الذي تختص به الوزارة ، وما تحتاج إليه من التشكيلات والهيئات ومنظومات العمل المكونة للهيكل التنظيمي , وما ينبغي القيام به من المهام والواجبات المناطة بكل منها ، على مستوى التخطيط التربوي والمناهج والوسائل التعليمية وشؤون التعليم العام والمهني والتربية الرياضية والتقويم والإمتحانات والإشراف التربوي وإعداد وتدريب المعلمين والمدرسين والعلاقات الثقافية والشؤون الإدارية والمالية في ديوان الوزارة والمديريات العامة للتربية في المحافظات . وللوزير أن يستعين بالخبراء والمختصين والجهات ذات العلاقة من خارج الوزارة ، والإستئناس بـآراء المختصين من غير العراقيين مــن العــرب والأجانب وخبراتهم .

إن التغيير في فلسفة الدولة وسياستها كضرورة تأريخية ، يفرضها النهج العقائدي في مسيرة البناء والتقدم ، الذي يستلزم تغيير التشريعات لتجسيد أهداف وطموحات فكر المرحلة في بناء الإنسان ، من خلال جهاز تربوي سليم ، يضمن نهضة الأجيال ، ويمكنها من تحمل مسؤولياتها على مر العصور ، متسلحة بالعلم والمعرفة ، وذلك ما وجدناه من خضوع الجهاز التربوي لعدد من التشريعات التي إستمدت منهج ونهج المنظومة التعليمية من سياسة الدولة ومنطلقاتها ، من غير إهمال لما سبقها من التشريعات بشكل كامل ، لأن إتساع مصادر العلم والمعرفة ، وتعدد الأجهزة التنفيذية للسياسة التربوية ، كفيلان بإيجاد البديل المناسب ، الذي يضمن وحدة التشريع والتنفيذ ، مع مراعاة موجبات الإصلاح والتغيير في تفاصيلهما ، كلما كان ذلك مطلوبا تحت فعل المؤثرات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية للدولة والشعب ، مع توافر إمكانيات التطبيق والتنفيذ المادية والمعنوية .

لقد خضع التعليم في العراق لأحكام نظام المعارف العامة العثماني الصادر في 24/جمادي الأولى/1286ه ، إلى حين إلغائه بموجب قانون المعارف رقم (28) لسنة 1929 ، لتعقبه أربعة قوانين خامسها قانون وزارة التربية رقم (22) لسنة 2011 ، إضافة إلى (12) إثنا عشر نظاما ، آخرها نظام وزارة التربية رقم (13) لسنة 1972 نافذ المفعول لغاية الآن ، الذي توج النظام التعليمي في العراق في العام 1979 فخرا ، أن يكون واحدا من أفضل النظم التعليمية في المنطقة ، التي إستحق عنها بجدراة تعليمية وتربوية نيل جائزة منظمة اليونسكو لمحو الأمية ، إلا إن بدء التدهور السريع بسبب الحروب والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه لأكثر من (13) ثلاثة عشرة سنة ، شكلت عقبات ومعوقات لا يستهان بها في طريق تطوره وتقدمه ورقيه العلمي ، ووفقا لتحليل منظمة اليونسكو في العام 2003 ، فقد كان تفاقم سوء النظام التعليمي في محافظات الوسط والجنوب أكثر وضوحا ، على الرغم من توفير الأساسيات المطلوبة من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء ، أما في محافظات الشمال التي تشكل ( إقليم كوردستان حاليا ) فلم يتأثر التعليم بقدر كبير من السلبية ، بسبب إعتماد برامج إعادة التأهيل والإعمار للمنطقة من خلال الأمم المتحدة وعدة وكالات أخرى .

أما بعد الإحتلال سنة 2003 ، فإن المشاكل الرئيسة التي أعاقت تطور النظام التعليمي وتقدمه ، تمثلت في سيطرة وتدخل سلطة الإئتلاف المؤقتة للإحتلال في النظم التعليمية للبلاد ، ومن ثم توجهات تسييس النظام التربوي عرقيا وطائفيا ومذهبيا ، كما كان لهجرة وتشريد المعلمين والطلاب بسبب التهديدات الأمنية والفساد الإداري والمالي ، الأثر الكبير في تعطيل التعليم وتسرب المتعلمين ، وإنتشار الأمية على نطاق واسع مقارنة بالماضي القريب ، والأنكى من ذلك أن يشرع قانون وزارة التربية رقم (22) في 19/9/2011 ( بغية إعتبار التعليم عاملا أساسيا لتقدم المجتمع ، وحق تكفله الدولة ، ولغرض إستيعاب المبادئ الجديدة التي جاء بها الدستور ، المتمثلة بتعزيز الوحدة الوطنية والسماح بفتح مدارس باللغتين العربية والكردية ، وضمان حق العراقيين بتعليم أبنائهم باللغة الأم ، ومن أجل تشجيع المواطنين على دعم العملية التربوية والتعليمية وبإشراف الدولة ، من خلال السماح بمنح إجازات لفتح مدارس ومعاهد أهلية عراقية وأجنبية ، ولغرض مشاركة منظمات المجتمع المدني مع المؤسسات العلمية والتربوية والثقافية والمهنية في تعزيز العملية التربوية وتطويرها ) ، ولكن المبادئ الجديدة التي جاء بها الدستور تمكنت من إلغاء قانون الوزارة رقم (34) لسنة 1998، ولم تتمكن من صياغة نظام تعليمي جديد يتوافق مع المبادئ الجديدة المتقاطعة والمتعارضة مع ما سبقها ، بدليل نص المادة (41) من القانون على أن ( تبقى الأنظمة والتعليمات الصادرة بموجب قانوني وزارة التربية رقم (124و34) لسنة 1971 و1998 نافذة بما لا يتعارض وأحكام هذا القانون إلى حين صدور ما يحل محلها أو يلغيها ) . والغريب أن تلك المبادئ الهزيلة إستطاعت من أن (( تؤسس وزارة تسمى ( وزارة التربية ) تتمتع بالشخصية المعنوية ويمثلها وزير التربية أو من يخوله )) ، حسب نص الماة (1) من القانون ، وتلك من أسوء ما تم تشريعه بعد الإحتلال ، إذ لا يمكن نكران كل ما سبق من الجهود الموثقة بالتشريعات الفاعلة والنافذة لحد الآن ، والتي أصبحت وبالا وشرا مستطيرا على إدارة التعليم بعد الإحتلال ، كونها دليل الإدانة الكاشف لكل أنواع الفشل والفساد الإداري والمالي والتربوي . ولربما لم يتخرج المشرع أو أحد أبنائه أو أقاربه من إحدى مدارس العراق قبل سنة 2011 ، ليجري قلم التشريع بين يديه الآثمتين ليأت بما لم يأت به الأوائل ؟!.
ومع أن الوزارة تهدف إلى ( تنشئة جيل ينبذ جميع صيغ التعصب والتمييز بما ينسجم مع أحكام الدستور) ، حسب نص المادة (2/ثانيا) من القانون المذكور . إلا أنها لم تتمكن من تجسيد الكيفية التي يتم بموجبها تنشئة الجيل النابذ لصيغ التعصب والتمييز ، مع إقرار فتح مدارس التعليم الأهلي المعزز والمجسد لكل أشكال وأنواع التفاوت والتمييز الطبقي ؟!، التي رفضها وأقرها دستور وقانون المتناقضات في آن واحد ؟!، لأن توجيه الطالب إلى التمسك بالعلم والمعرفة وأساليب التفكير المعاصرة . وتنمية قدراته الإبداعية بما يضمن تكامل شخصيته جسميا وعقليا وإجتماعيا وروحيا . وتعزيز دور التربية والتعليم في الحياة والعمل المنتج ، والحفاظ على إستقلاليته وإتاحته للجميع ، وتحسين نوعيته بإتجاه إستثمار أفضل الموارد البشرية وتحقيق التنمية الشاملة . لا يتفق مع الإهتمام بمدارس التعليم الأهلي وإهمال مدارس التعليم الحكومي ، مع وجود نص المادة (9) من قانون وزارة التربية ، على أن ( يكون التعليم في رياض الأطفال والمدارس والمعاهد كافة والمراكز التابعة للوزارة مجانيا ) ، كما نصت المادة (11/أولا) من القانون ذاته ، على أن ( التعليم الإبتدائي عام وموحد وإلزامي … ) ، وعليه لا تستطيع المدارس الأهلية والخاصة تحويل أو تغيير صفات التعليم ، بإعتباره من الأساس والأصل عاما وليس خاصا ، وموحدا بوسائله وأساليبه التعليمية وليس مختلفا ، وإلزاميا وليس إختياريا ، ومجانيا وليس مقابل أجر سنوي أو شهري تفرضه جهات الإستثمار غير التربوي ؟!، ولتقاطع إستحصال الأجور وتعارضها مع التوجهات السياسة التربوية التي تتبناها الدولة ، ومسؤوليتها المباشرة في كفالة التعليم وتهيأة مستلزماته من الأبنية وأدوات التعليم ووسائل الإيضاح ، بإعتباره من الخدمات والحقوق العامة التي لا ينصرف التكليف بها لغيرها ، فإن ما جاءت به المادة (30/أولا/ج) من القانون ، من أن ( للوزير منح الشخص الطبيعي أو المعنوي العراقي ، إجازة فتح مدرسة إبتدائية أو ثانوية أهلية ) مسألة تحتاج إلى إعادة نظر؟!. بإتجاه إلغاء نظام التعليم الأهلي والأجنبي رقم (5) لسنة 2013 ، وقانون التعليم العالي الأهلي رقم (25) لسنة 2016 ، وحصر التعليم بكافة مراحله في المدارس والمعاهد والكليات الحكومية ، إذ ليس من الإنصاف أن يتساوى خريج المعاهد والكليات الأهلية مع مثيلاتها الحكومية ، التي لم يقبل فيها الطالب بسبب عدم إستيفائه لشروط القبول ، ومن ثم سيكون منافسا في التعيين والقبول في الدراسات العليا داخل وخارج العراق ؟!. كما إن التعليم ليس سلعة إستهلاكية يمكن عرضها في أسواق القطاع الخاص أيها التربويون والأكاديميون ذو الإختصاص ؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب