23 ديسمبر، 2024 6:48 ص

أهمية النظام الاسري بنظر المرجعية

أهمية النظام الاسري بنظر المرجعية

بُعد النظر الذي تتمتع فيه المرجعية الدينية العليا, جعلها تركز في خطبتها الثانية, منذ مطلع عام 2017, ما يدل على وجود استشراف مستقبلي, لا يراه الا ذوي النظرة الثاقبة للأحداث, أربع خطب متتالية تنصب حول الاوضاع الاجتماعي في العراق, ما ينذر بخطر يداهم البناء المجتمعي لأسباب منها؛ الفكرية والاقتصادية والنفسية.
   الخطبة الثانية لصلاة الجمعة, بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي, بتاريخ 28/ ربيع الآخر/1428هـ, الموافق 27 /1 /2017م, ركزت على نظام الاسرة في الاسلام, قطعاً محور الحديث يدور حول العراق انموذج, التحولات العالمية, وتصاعد حمى الصراعات الفكرية, والتأثيرات الاقتصادية, تشكل مجتمعةً عوامل تأثير كبير على الاسرة, كونها تعد الحجر الاساس في بناء المجتمع وتكوينه, فأن صلحت صلح المجتمع, وأن فسدت فسد.
   الوضع الاسري؛ هو من يتفاعل معه الفرد نفسياً وفكرياً وعاطفياً, ويساهم بتشكيل شخصيته, ومن الاسرة يتلقى الاشخاص المبادئ والقيم وتقاليد الاجتماعية, لذا أهتم الشرع الاسلامي ببناء وتشكيل خصوصيات الاسرة ونظامها, وفق أسس مشددة وواسعة, لضمان تشكيل شخصية الفرد, لان الاسرة المسؤولة عن توفير عوامل الاستقرار النفسي, والطمأنينة والراحة القلبية, وتشكيل الاسرة بذاته يوفر عامل إشباع للحاجات الغرائزية الجنسية والعاطفية والروحية.
   وضع الاسلام نظام الاسرة المتكامل, المبني على أسس تتفق والفطرة الانسانية, والحاجات الاساسية, الملائمة للنوع الانساني كمخلوق, يتميز عن باقي المخلوقات, أختاره الله تعالى كخليفة له في الارض, من خلال تنشئت الاسرة لأبنائها على تعلم المبادئ, والاعراف الحسنة, والتوجه السلوكي والاخلاقي السوي, الذي يرسخ المثل والقيم، وينعكس على شخصية الفرد في سعيه الجاد نحو تحقيق ذاته السليمة, وبناء المجتمع السليم.
   وضع الاسلام لنظام الأسرة مبادئ عامة, مبدأ الحقوق والواجبات؛ فعلى كل فرد واجبات, وله حقوق تجاه الاخرين, ومراعاتها يمثل العامل الأهم في سعادة الأسرة وانتظام أمورها, مبدأ الحب والمودة والرحمة؛ يزد الانسان بالقدرة على العطاء, وتحمل المشاكل وتجاوز الصعاب, الابتلاءات التي تمر بها العائلة, مبدأ التعاون والاحترام؛ كل فرد يتحمل جانباً من المسؤولية يختلف عما يتحمله الآخر, كارتباط أعضاء الجسد.
   مبدأ القوامة؛ أنيط بالرجل مهمة القوامة على الاسرة, فهو كالربان للسفينة, عليه توجيه الاسرة لما فيه خيرها وصلاحها, ولابد لأفراد الاسرة من رعاية توجيهاته والالتزام بها, مبدأ التسامح والعفو عن الاخطاء؛ الانسان معرض للخطأ والزلل والهفوات, ومن دون التعامل بالتسامح والعفو, والصفح بين افراد المجتمع, بإزاء هذه الأخطاء, فإن الحياة تصبح جحيماً لا يطاق, وتتحول الى عالم من الصراعات والاحقاد.
   خلال ذلك نجد, إن إفراد الاسرة كأفراد, هم المعنيين بذلك, واهتمام المرجعية العليا جاء من أهمية التذكير أولاً؛ بالنظام الاسرة في الاسلام, والتحذير للأشخاص ازاء المخاطر المحدقة بالمجتمع ثانياً, فكثرت الانحرافات السلوكية؛ يمثل عامل مهماً في انحراف المجتمع, أذا لم يحصن بشكل متين, لاسيما بتوجيهات وارشادات مصدر الانبعاث الروحي له.