نعم..وبدون أية تخريجات أو تبريرات ..أفتح يدي اليمنى وأغمّهم ..أولئك الذين تسيدوا على السلطة وقادوها في العراق, طيلة العقود الثمانية الماضية .. ولكن هذه أل( أهمداكم), تكون أقوى وأشد, مقترنة بالكثير من مشاعر الأسف والألم ,وتستحق فتح الكفين الأثنين, ل( تصكع) السياسيين العراقيين الحاليين, الذين أثبتوا وبجدارة الفاشلين المطلقة, أنهم يستحقون هذه ( الأهمداكم) ,ليس مني فحسب, بل من ملايين العراقيين !
ربما ..وربما !
ربما نعطي العذر للنظام الملكي, لقلة الموارد العراقية آنذاك, وربما أيضا نجد العذر لعبد الكريم قاسم, الذي حاول خلال فترة حكمه التي لم تزد عن أربع سنوات إلا قليلا ,وفي ظل تناقضات سياسية حادة ,وصراعات دامية بين القوى السياسية التقليدية.,حاول تنفيذ منجزات مؤشرة لحد الآن .. وربما نلقي اللوم أيضا على الفترات التي أعقبت شباط1963, التي تسنمت المسئولية خلالها شخصيات ذات اتجاه قومي, بالإضافة إلى الضباط الطامحين والطامعين بالسلطة ,من أمثال عبد السلام عارف, الذين لم يحققوا شيئا على صعيد المنجزات المدينية والاقتصادية, حيث أقدموا على خطيئة تأميم مصانع وشركات ومرافق القطاع الخاص, فخنقوا أحد المنافذ الأساسية للتطور والتنوع الاقتصادي, فيما فلتت من العراق فرصة ,كان يمكن أن تضعه على أعتاب الاقتصاد الليبرالي ,تحت قيادة عبد الرحمن البزاز, رئيس وزراء عهد عبد السلام عارف, والذي انتهى دوره باختيار شقيق عبد السلام عبد الرحمن عارف لقيادة العراق ..أما الفترة الأطول في حكم العراق, فكانت لحزب البعث واحمد حسن البكر ولصدام حسين مجتمعين منذ تموز من عام 1968, ولصدام حسين منفردا ,منذ عام 1979, التي تحققت خلالها بعض المنجزات, ولكنها لم ترق إلى ما سنتحدث عنه في السطور اللاحقة ..وربما نتفق على أن جميع تلك الفترات,كانت مغرقة بعنف السلطة ,تجاه المواطنين بسبب من اعتناقهم عقائد سياسية أو دينية أو مذهبية .
حكومات من دون مناهج!
وليس علينا إلّا الاعتراف بحقيقة ..أن جميع العهود السياسية ,لم تكن على مستوى المسئولية الوطنية والأخلاقية , في التخطيط الإنمائي والاقتصادي, وفيما يتعلق بالبني التحتية ,التي تعد الأساس في التنمية الشاملة متكاملة الأذرع.. ولعل نسبية التوفرعلى عامل الإخلاص للعراق ولقضيته, يعد العامل الأساس في ذلك الإخفاق, الذي طبع أداء الحكومات والأنظمة المتعاقبة على العراق .. ونحن هنا لانريد أيجاد التبريرات لأي من الأنظمة السابقة والحالية , بسبب من أنه بالحقيقة فقط ,يمكن بناء المجتمعات وتلمس سبل تطورها !
رباط الفرس في ذلك المتن المطول لهذه المقالة, ما شاهدته من اعجازعمراني لبناء مدن عالمية, في فترات قياسية زمنيا , من خلال استخدام مناهج مجربة ,بخبرات استشارية وتنفيذية , وفرشة من القوانين الجاذبة لرؤوس الأموال , بالإضافة إلى رأس المال الوطني المعتمد على عائدات البترول !
واحات تختصر الطموح!
الأمارات بحواضرها الثلاث ( أبوظبي, ودبي , والشارقة)
واحات الخليج, و(دبي) خاصة , اختصرت جميع الطموحات البشرية لأعمار الأرض,, وتأشير جهد الإنسان الخلاق, لبناء مدن في صحراء قاحلة ,كانت قبل سبعينات القرن الماضي, عبارة عن صحراء يباب وبضعة خيم ومباني متواضعة, لتنشأ فيها غابة من الأبراج المذهلة ,وسيدها برج ( خليفة ) في (دبي), الذي ينبغي إضافته الى عجائب الدنيا ..الأمر لايعود إلى الأبراج العمرانية الحديثة فحسب, بل يمر بالبني التحتية والخدمية, في النقل وأداء المؤسسات الحكومية ونظام الاتصالات والتعليم ونظافة المباني والشوارع , قبل ذلك احترام القوانين في بلد عدد مواطنيه تسعمائة ألف نسمة فيما يقيم فيه حوالي ثمانية ملايين نسمة ,ويبرز بشكل أساس التصميم والتخطيط العمراني للمدينة ,التي تلتحم بمدينة ( الشارقة)..وفي كل مكان تجد ما نعزها كلاما و( نطيح حظها فعلا ), النخلة.. حاضرة مكرمة باسقة ,,أرادوا لها انتظاما, وترفعا ,فبانت مثل سارية تنظوي تحتها جميع الأنشطة البشرية ! ولمعرفة كيف شمخت هذه النخلة التي لم تكن تجد إلا القليل منها في تلك الصحراء, ينبغي العودة إلى سنوات التأسيس الأولى, في عهد زايد, حيث عين لرعاية كل نخلة هنديا, فأذا ماتت النخلة يسفر الهندي فورا !.
لانبيع (الباجة) !
قد يقول متفوه ( أن الإمارات دولة نفطية ), فنقول له ( نحن أيضا لانبيع الباجة )..نحن كذلك نفطيون ونصدر ربما أربعة أضعاف ) ماتصدره الإمارات من البترول, الذي يستخرج من ( ابوظبي فقط), في حين أن العراق ..كل العراق , يعوم على بحيرة من النفط , حيث تبلغ أحتياطياته حسب الدراسات الدولية 150 مليار برميل نفطي.. وأن أخر برميل نفط في الكون سيخرج من العراق !
لانريد الخوض بمؤثرات الأزمة المالية العالمية ,على اقتصاد الأمارات (الدولة), وتأثيراتها على رأس المال في اماراتها, الغنية ,والتي جعلت من مصادر غناها ,قروض ومشاريع كبرى دولية من البنوك العالمية , مما أنعكس مؤخرا على سوق العقارات ,فهي دولة تؤثر وتتأثر بتطورات الأزمات المالية العالمية كأية دولة معاصرة
والآن ألا يسأل المتسائلون , لماذا حدث ويحدث, هذا التفاوت بين دول خليجية كانت حتى السبعينات, لاتضم من مظاهر الحياة العصرية غيرالقليل ل( تشق الكفن ) , وتنشأ تجارب يفتح لها الأوربيون أفواههم ويقولون ( واو) تعجبا وانبهارا !
هل بسبب من كون حكام الأمارات على درجة من الدروشة والنزاهة؟ ولايمدون أياديهم الى المال العام ؟ أم بسبب عقلياتهم العبقرية في إدارة الدولة والمجتمع ؟
الروح العراقية ..أين !
ليس هناك من مغالاة, عندما نقول أن الروح الوطنية, التي صاغت الأهداف في بناء هذه المعالم الحضارية المؤشرة ,هي التي كانت وراء صيرورة مظاهر وكثير من مضامين التنمية بهذه الصورة, التي وجدت عليها الأمارات الثلاث الرئيسية, التي توفرت لها حظوظ التطور ! فهل أن سياسيونا
مجردون ن الروح الوطنية ؟ وهل يتوجب على المواطن أن يتمتع بمواصفات محددة, لكي تكون الروح الوطنية ,عنوانا ثابتا يشكل الدافع لعمله في الخدمة العامة ؟
هذا بالرغم من أن التأريخ الحديث لم يثبت أن حاكما عربيا كان على درجة من النزاهة ,باستثناء عبد الرحمن سوار الذهب ,وعبد الكريم قاسم !
لابد لأي متفحص متبصر, من أن يرى في شوارع وساحات ومراكز التسوق والتجارة ,على أفضل مستوى من الحداثة والتطور فيما زرعت المواقع الترفيهية في كثير من المناطق, وهي في معظمها تعتمد على مواقع منشئة أو استثمار لمواقع طبيعية كالبحر , وبذلك تتوفر للمواطن فرص الترويح عن النفس !
والمثير للاهتمام الذي تركه المؤسس (زايد) اعتباره (النخلة) ترقى الى الرمز الوطني, حيث تراها بكثافة منظمة, في ( أبوظبي) ,بينما تأخذ دورها كعمود التشجير الرئيس في( الشارقة ودبي).
نفطنا ونفطهم!
ونحن نقارن بين ماعمله أولئك الذين يستحقون ( أهمداهم) ..لا ننظر إلى حكام هذه الأمارات المرمية على ساحل الخليج العربي ,والتي كان يمكن أن تكون كغيرها من القرى المتناثرة من دون النفط !.. ولكن ها هي النار الأزلية في (كركوك) تؤرخ لاستخراج أوائل البراميل النفطية ,في المنطقة, التي كان يمكن أن تجعل العراق على أرقى درجات الاكتفاء والتطور الاقتصادي والاجتماعي!
فأين نحن من هذه المتمنيات ؟ التي فنيت أجيال من العراقيين من دون أن ينعموا بما حبا الله هذه الأرض المباركة, من ثروات تتجاوز النفط إلى الكبريت والغاز والفوسفات والمياه والموارد البشرية العاملة, التي يمكن أن تديم مفردة واحدة منها دول حديثة !
غمة أكثر الغمّات همّا!
الذين أغمهم اليوم بيدي الاثنين, أكثر من غيرهم كون أخطاءهم وخطاياهم ,تعتصر قلوبنا , وتضغط على أدمغتنا, وتهدر ثرواتنا ,وتتسبب في إذلال شعبنا, وهجرته غير المرحب بها حتى في كثير من البلدان الشقيقة ,ولم تفلح هذه الهياكل السياسية الفارغة, من المحتوى, والمضامين الفاعلة على طريق البناء والتنمية ,وتطوير البنى التحتية , وأخيرا جعل المواطن يتمتع بنعمة الباريء.
ليس مانؤشره وليد اليوم, بل أن لحكام العراق ,تأريخ هو تأريخ أقامة الدولة العراقية الحديثة عام 1921, لم يصل فيه التطور الاقتصادي والاجتماعي, والاكتفاء لدى الشعب العراقي المستوى المطلوب والمتجانس مع ثروات العراق وإمكانياته اللوجستية .
ترى هل أن العلّة في نقص الروح الوطنية لدى الحكام ؟ أم هو الجهل بالأساليب المجربة في تطور البلدان ؟ أم هوفساد ذمم السياسيين؟
الواقع يجبرنا على القول ..أن كل تلك العوامل مجتمعة تضاف أليها عوامل أخرى كثيرة , ليس لمن يعمل بها الحق, في منعنا من أن نقول ..( أهمداكم ) !
ورود الكلام ..
شفتك فوك شفتك حدر..الناس تصعد وأنت تنحدر!
[email protected]