23 ديسمبر، 2024 12:02 م

أهل القضاء ادرى باحواله

أهل القضاء ادرى باحواله

أين هم المنادون باصلاح القضاء؟، لاسيما من الكتل السياسية التي رفعت هذا الشعار داخل السلطة التشريعية في محاولة لتبرير فشلها في اداء مهامهما لعلها تجدّ منفذاً يسعفها في الخروج من المأزق التي وضعت نفسها فيه بوعود اطلقت خلال الحملة الانتخابية.
هذه الشريحة النيابية حاولت ايهام الناس بأن العراق سيكون بافضل حال وتعالج البطالة وازمات الكهرباء والمشكلات الامنية المتفاقمة وتُوفّر الخدمات بمجرد اقرار القوانين الخاصة بعمل المحاكم، وحملت القضاء مسؤولية عدم مساندتها في تشريعها.
السلطة القضائية أنهت مهمتها في هذا الجانب بداية من العام 2013 عندما شكلت لجان لتقديم مشاريع قوانينها حتى اعلنت عن ارسالها للحكومة تباعاً لغرض تشريعها داخل البرلمان وفقاً للسياقات الدستورية.
يبدو أن القضاء خرق قاعدة اللجان التي باتت معروفة في العراق بأنها وسيلة للماطلة، حيث أن اللجان القضائية هي الوحيدة استكلمت مهامها ضمن سقف زمنية محددة، ولم تكن طريقة لتخدير الشارع العراقي كما هو حال اللجان الحكومة والنيابية.
الجميع لا يعرف ما وصلت إليه نتائج لجان تحقيقية كثيرة للحكومة والبرلمان عن قضايا مختلفة لعل اخرها لجنة مجلس النواب عن تفجير الكرادة، والرأي العام ايقن بأن تشكيلها لامتصاص غضب الشارع.
مشاريع السلطة القضائية جميعها لدى ساحة البرلمان، وهي المخصصة لمجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية العليا، وهيئة الاشراف القضائي والادعاء العام، والادارة العامة للسلطة القضائية.
لنا أن نصل إلى نوايا اوساط نيابية من خلال تعامل البرلمان مع اقل هذه المشاريع خلافيةً بين الكتل وتمرير قانون هيئة الاشراف القضائي بطريقة مشوهة لا تتفق مع طبيعة العمل القضائي وبما يخرق مبدأ استقلالية القضاء.
يأتي ذلك في وقت، وقفت كتل حائرة امام قوانين تخص قمة الهرم القضائي، واختلفت على اقرارها، وبطبيعة الحال أن اغلبها لا يفكر بالمصلحة العامة وتعزيز العدالة في المجتمع العراقي.
ولعل من بين الادلة على ذلك، هو أن الخلاف على طبيعة عمل وعدد اعضاء المحكمة الاتحادية العليا من “غير القضاة”.
هؤلاء الاعضاء الذين تنوي الكتل السياسية وضعهم في المحكمة تحت مسمى خبراء الشريعة والقانون، سيكونون تابعين لمن رشحهم، ويجري مساواتهم بالقضاة في جهود لاخراج المحكمة عن طبيعتها القضائية برغم أن اسمها محكمة!.
وهذا الامر ينسحب ايضاً على مجلس القضاء الاعلى، ومحاولات فصله مرة اخرى عن المحكمة الاتحادية العليا كما حصل في عام 2013، في مساع لتفتيت السلطة القضائية الاتحادية، وجعلها وكأنها اقاليم تضعف من هيبة القضاء.
حيث أن الجهود الحالية تنصب على تقاسم هرم مكونات السلطة القضائية بين الكتل، كما هو حال رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان.
أن هذه الاسباب الرئيسة التي تعطل الكتل السياسية في تمرير قوانين السلطة القضائية، هي عدم اتفاقها على الية حرف هذه القوانين بما يجعلها تتقاسم مكونات القضاء، ولو أنها تفكر بالمصلحة العامة لمرّرت القوانين بالنحو الذي كتبه كبار القضاة تحت عنوان “اهل مكة ادرى بشعابها”.
أنها لمفارقة كبيرة أن تتولى لجنة قانونية نيابية اغلب اعضائها من غير القانونيين تدقيق والتلاعب بمشاريع تمت صياغتها من كبار القضاة!.