لاأحب الساسة فهم منتفعون في الحقيقة؟ ويفضلون مصالحهم على شعوبهم، ثم حين يجدون وقتا فإنهم يفكرون في تقديم شيء للناس، ثم ينشغلون أكثر فينسون مافكروا فيه حين وجدوا وقتا، وهكذا يدورون، وندور معهم في فلك التجاهل، وفقدان الأمل.
هذا الكره للسياسيين لايمنعني من قول الحقيقة، ووصف الصراع، والحاجة لتحقيق متطلبات متعلقة بصراع أعمق قد يؤدي الى مشاكل كبرى إن لم يتم تدارك أسبابه، وتلافيه بمعالجات لايدرك العامة كنهها لأنهم عاطفيون مندفعون بحزنهم وغضبهم نتاج المحن التي مروا بها، وخذ مثلا زيارة الرئيس مسعود البرزاني الذي مايزال ممسكا بأسباب صناعة القرار السياسي في كردستان، بينما بقية السياسيين فهم عيال عليه، فالرجل يحتفظ بعلاقات راسخة مع الأمريكيين، ويتجنب إغضاب الاكراد، ولديه تفاهمات مع السعودية والإمارات، وفي أوربا، ويملك أوراق لعب لم تحترق، ويبدو معارضوه في الإقليم مجموعات من الساخطين المنفعلين غير القادرين على التأثير.
حين يزور برزاني بغداد، ويلتقي بالمالكي والعامري والحلبوسي وعبد المهدي، ثم يزور النجف عاصمة القرار الديني الصانع للقرار السياسي ويلتقي بالصدر والحكيم، ويعقد المؤتمرات الصحفية، ويتباحث في مختلف الشؤون، ولديه وزراء ونواب في البرلمان الإتحادي، وبعد أن تمت ترضيته بمنح الديمقراطي الكردستاني حقيبة المالية، فهذا يعني أنه مايزال مؤثرا وصانعا.
وإذا كنا ننتقد البرزاني على خلفية أحداث وحوادث، فلدينا منها الكثير تدفع للإعتراض على مثل هذا الإستقبال الحافل متعلقة بساسة سنة متهمين بالفساد والتبعية والعنف، وساسة شيعة متهمين بالفساد والتبعية والخراب وبرغم ذلك يتصدرون المشهد، ولكن وفي النهاية فإن الذين إستقبلوا البرزاني لديهم جمهور بعضهم يقدس، وبعضهم يمجد، وبعضهم يحمد، فالمالكي له محبوه، والعامري له مؤيدوه، والصدر له مناصروه، والحكيم له مساندوه، وهذا يعني إن الذين إستقبلوا البرزاني في بغداد وفي النجف يستحوذون على كامل الجمهور، وهم ليسوا قلقين من إعتراض المعترضين على الإستقبال الحافل للبرزاني, فالواقعية السياسية أكبر من أن نتحداها بمجرد كلمات.