18 ديسمبر، 2024 8:23 م

أهلا بصلاة الجمعة وخطب النوازل والمستجدات ولا مرحبا بالبعيد من خطبها عن هموم الناس ومآسي الشعوب وتربية الاجيال واصلاح المجتمعات والأوطان

أهلا بصلاة الجمعة وخطب النوازل والمستجدات ولا مرحبا بالبعيد من خطبها عن هموم الناس ومآسي الشعوب وتربية الاجيال واصلاح المجتمعات والأوطان

وهكذا ستقام الجمعات مجددا بعد توقف دام لأكثر من ستة أشهر في العراق إعتبارا من الجمعة المقبلة ولله الحمد والمنة والكل يتحدث حاليا عن أهمية لبس الكمامات،جلب السجادات،استخدام المعقمات،الإمتناع عن المصافحة والأحضان والعناق والقبلات ،التباعد الجسدي بين المصلين وترك المسافات،الوضوء في المنازل ومنع إستخدام أماكن الوضوء والحمامات،منع اطالة الجلوس في المسجد أو التجمع خارجه عقب انتهاء الصلوات،وكلها ولاشك نصائح سديدة لابد من الالتزام بها حرفيا على مستوى المصلين،المأمومين،المؤذنين،الحراس،وعلى مستوى الافراد والجماعات وذلك للوقاية من وباء كورونا المستجد “كوفيد -19″ وبقية الأوبئة الفتاكة والجائحات !
ولكن دعوني أتحدث هنا قليلا وأوجه نصائح حصرية للائمة والخطباء في كل الربوع والأصقاع بهدف التنبيه الضروري الذي لايخلو من حجة وإقناع ،واقولها وبكل صراحة وشفافية بلا رتوش ولا تقية ولا قناع ، لخطباء السنة والشيعة،العرب والكرد والتركمان ومن غير لف ولا دوران: محزن ، محبط ، مؤلم ، مقلق ،مستفز للغاية ان تكون خطبتك في جامعك وجمعتك ومن على منبرك وبعد كل هذا التوقف الطارئ الذي لامثيل له في التأريخ الاسلامي كله والذي دام لأشهر عدة ، في حقبة هي الأسوأ بتأريخ العراق والمنطقة والعالم كله ،حدثت خلالها الاف الوفيات ،عشرات الوف الاصابات،مئات الاف الانتحارات والمشاجرات العائلية والمناكفات الأسرية والنزاعات العشائرية،غصت بالخلع والتفريق والطلاقات،قطع وتأخير صرف الرواتب والمخصصات،قلق الموظفين والموظفات،انهيار أسعار النفط والغاز وبقية الثروات، فقدان الاف العراقيين مصادر رزقهم الوحيدة يستوي في ذلك صغار التجار واصحاب الأكشاك والكادحين والبسطيات، سواق التاكسيات والكيات والكوسترات ،أصحاب المهن الحرة والتك تك والستوتات،اصحاب الدخل الاسبوعي المعدود والشهري المحدود يتقدمهم أصحاب الأجور والقوت الذي لايموت واليوميات ،طرد الاف المستأجرين والمستأجرات لعدم قدرتهم وبسبب انهيار السوق وركوده علاوة على الحظر والحجر والتضخم وضيق ذات اليد على دفع ما بذمتهم للمؤجرين وأصحاب المحال والعقارات من مبالغ ومستحقات،عدم قدرة العاطلين والمحرومين على دفع حساب المولدات،عدم قدرة المرضى الفقراء على شراء الادوية وإجراء التحليلات الطبية اللازمة والرنين والسونار والمفراس ودفع تكاليف قناني الاوكسجين والزنك والمغنيسوم وفيتامين سي وD3 وتوفير المطهرات والمعقمات، ناهيك عن ثمن العلاجات وإجراء العمليات،تكاليف الاقامة في المحاجر الاجبارية ونقل المصابين والمرضى من والى المستشفيات، حجر وحظر وقطع طرقات، بؤس وفقر وخيام نازحين وعشوائيات ،وباء وقهر واكاذيب سياسيين وسياسيات ،خداع كتل وتيارات ،نفاق منظمات وتحالفات، خطف وغدر وانفجارات ،تهديد السلم المجتمعي وزعزعة الأمن والاستقرار المحلي يحلق في سمائنا يوميا عشرات الكاتيوشات تتبعها الهاونات، سلاح مواز وآخر منفلت وميليشيات + فتح ملفات واجراء تحقيقات لمعرفة الجناة تحت شعار – أواعدك بالوعد وأزيك ياكمون وعلى عناد القلق السابق بان كي مون – ناهيك عن التخنيع والتركيع شبه الجماعي العربي مع الكيان وتطبيع العلاقات ، بالتزامن مع تصاعد حدة الصراع في اليمن وليبيا وسورية بين الاثنيات والطوائف والقوميات بدعم مباشر وغير مباشر من جميع الحاقدين وكل المستدمرين والغزاة عبر مؤامرات لاتنتهي تتلوها مؤامرات ،تصاعد حدة الفوضى العراقية وعلى كافة المستويات، اقول من المؤلم والمحزن والمزعج جدا أن تأتي خطبتك وبعد كل هذا البلاء والوباء والغلاء ،وسط حيرة الشرفاء والحكماء والعقلاء، وإرتفاع أصوات الدجل والجدل والمراء والرياء والهراء ،بعضها ظاهري تتناقله على مدار الساعة كل الوكالات والفضائيات والاذاعات ، وبعضها خفي يطبخ على نار هادئة من خلف الكواليس تفضحه بين الحين والاخر تسريبات ووثائق وصور وتغريدات ، في زمن يموت فيه الاشراف والعلماء والوعول تترا بالجملة، فيما يصعد فيه التحوت والامعات والرويبضات، مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل في الحديث الصحيح ” والذي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ ،لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يَظْهَرَ الفُحْشُ والبُخْلُ ،ويُخَوَّنَ الأَمِينُ ، ويُؤْتَمَنَ الخَائِنُ ، ويَهْلِكَ الوُعُولُ ، وتَظْهَرَ التَّحُوتُ “، قالوا : يا رسولَ اللهِ وما الوُعُولُ وما التَّحُوتُ ؟ قال : الوُعُولُ وجُوهُ الناسِ وأَشْرَافُهُمْ ، والتَّحُوتُ : الذينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ الناسِ لا يُعْلَمُ بِهمْ” ، والموت وعلى قول اجدادنا في زمن الفتن والمحن” ما ياخذ حطب لم ..ياخذ ورد جوري ويشتم “، وبعد كل هذا البلاء الذي عم الأمتين العربية والاسلامية من أقصاهما الى أقصاهما من المعيب جدا ان تأتي خطبتك – رونك سايد ..باهتة ..تغرد خارج السرب كليا وكأنك تعيش في كوكب آخر غير كوكب الارض – وليست لها علاقة بأي هم من هموم الامة، بأية مأساة من مآسي الشارع، بأية آفة من آفات المجتمع ،بأي كارثة من كوارث الشعوب والاوطان، ستصيبنا ان فعلت بصدمة لن نستفيق منها طويلا، وانا أول من سيصاب بتلكم الصدمة وإن كانت لدى بعضهم ، ومن بعضهم متوقعة وليست مستغربة بالمرة “وأرجو ان لاتزعل مني وأن تتحمل صراحتي ، واسمحلي هنا ان اعظك قليلا قبل ان اتربع بدوري في مسجدك لسماع موعظتك ” لأن خطبتك الاولى تلك وبعد التوقف التأريخي غير المسبوق اطلاقا للجمعات والعيدين والتراويح والقيام والتهجد والاعتكاف ودروس تحفيظ القرآن وحلق العلم والذكر فضلا عن اقامة الجماعات وتوقف مناسك الحج والعمرات ” مهمة للغاية وستحدد مدى الوعي وسعة الأفق وحجم الفهم والإدراك لمقاصد الشريعة الغراء، كما ستحدد مدى إستيعاب فقه المصالح والموازنات والنوازل والمستجدات وحسن تخير الخطاب بما يتناسب مع المتسارع من الاحداث والمتغيرات ومع المصاب الجلل بلا أدنى تقصير ولا قصور ولاخلل ، وستكشف لنا مدى الشعور بالمسؤولية تجاه الدين عموما والمجتمع والناس خصوصا من عدمها أولا بأول ..وأقولها بصراحة ولست مضطرا للمجاملة اذا لم تكن مستعدا لخطبة – رصينة – والاقتصار بدلا من ذلك على واحدة – تشربت ..أو كوبي بيست مستعارة من اشرطة قديمة لعبد الحميد كشك أو الشيخ الوائلي كل احترامي وتقديري لهما رحمهما الله تعالى وأسكنهما فسيح جناته – فأنصح بالاستعانة بخطيب مفوه يعتلي المنبر بدلا منك تكون خطبته اكثر ملامسة لهموم الشارع الحالية ، لهواجس الناس الحاضرة والمستقبلية ، لمصائب الأمة الكارثية بدلا من خطبة -تقليدية – على شاكلة ” دخل أحد الصالحين في قرن من القرون وعقد من العقود وسنة من السنين على احد السلاطين فقال له “احذر …” فبكى السلطان فورا حتى ابتلت لحيته ..لماذا جنابك ؟ ” لأنه لو كان هناك سلطان يبكي من خشية الله حاشا الصالحين والعادلين منهم بتذكرة واحدة جاءت عرضا على لسان عبد صالح عابد زاهد دخل عليه قصره – شلون ..ما أدري ،لأن علمي هو أن الصالح العابد الزاهد صاحب الطمرين يتحاشى مجالسة السلاطين قدر الإمكان أولا ، ولأنه مدفوع عن الأبواب ثانيا – أبواب عامة الناس فما بالك بأبواب السلاطين والطغاة والجبابرة ؟ -مع انه لو اقسم على الله لأبره -ولأن قصورالسلاطين في العادة دونها كلاب وذئاب واسلاك وذباب -الكتروني طبعا – لوجدت كل الشعوب المسحوقة ضاحكة مستبشرة بالامن والطمأنينة والاستقرار ،بالعدالة الاجتماعية والحرية والازدهار،وليس العكس حيث السلطان يضحك مع حاشيته ويقهقه عاليا وهو في نعيم مقيم على جثامين وجماجم الشعوب وفي مجالس عزائها ملء فيه فيما الشعوب المغلوبة على أمرها غارقة في بحار من الدموع والمياه الآسنة والبرك الراكدة والفقر المدقع والبؤس والجوع والجهل والمرض والنزوح والتهجير والتشرد والخوف والدم ..المطلوب ملامسة الواقع ، الاقتراب من هموم الشارع ، تربيت الاكتاف ، مسح الدموع ،تخفيف الالام ، رفع المعنويات ، إعلاء الهمم ،تأليف القلوب ،التحذير من الكبائر التي اكتسحت مجتمعاتنا ودمرت شبابنا كالطوفان تدميرا، ولاتشعرنا بأنك كنت وطيلة المأساة ومازالت مستمرة بأبشع صورها في إجازة خارج البلاد في أرض لا وباء فيها ولا جوع ولاخوف ولا بلاء ولاغلاء، ربما في جزر الكناري وربما في جزرالواق واق..رجاء !اودعناكم اغاتي