يركض الناس في هذه البلاد وراء الأحداث بجنون وبلاهه ربما وتفاجئهم الأحداث فيصابون بالدهشة والابلاس والحيرة ويذهبون بعد ذلك في تفسيرها كل مذهب وكل كتلة وكل تيار .. الخ ويظلون يختصمون ويتشاجرون حتى يقع لهم حدث يذهلهم عن الماضي فينتقلون للتفكير فيه وينسون الحدث الماضي تماما وهكذا شأنهم في ذلك شأن تلاميذ مدرسة تجمعوا لمشاهدة بهلوان ماهر فلا يزال يذهلهم بحركاته وألاعيبه وبين كل لعبة وأخرى يختصمون ويتشاجرون كيف خرجت البيضة من الموقع هذا اوذاك عند التلميذ وكيف طارت الحمامة من فمه … الخ !!
ونحن في هذه البلد التي يتحكم فيها البهلوان القريب والمتمكن البعيد والشيطان القريب البعيد نرى في كل يوم ألاعيب مدهشة وحوادث مضحكة مبكية وقليل الذي يرى نتائج الحوادث قبل أن تقع ومآل الأمور قبل وقوعها يعيش في أحزان متصلة وينظر الناس إليه دائما نظرة الريبة والاستغراب وقد يثني الناس على فهمه وعقله بعد حدوث ما توقع ولكن الشياطين الماهرون لا يمهلون الجمهور حتى يشغلوهم بحادث جديد ونسأل أنفسنا لماذا نفاجأ دائما بالقرار السياسي ولماذا نذهب دائما في تفسيره كل مذهب وكل تيار وكل قومية … الخ
والجواب باختصا أننا نعلن ذلك لسببين إننا لا نشترك في القرار السياسي فالشعوب في الوطن كم ولا وزن له مطلقا في قرار سياسي وتزييف اراداته سهل جدا في أي استفتاء ونستطيع أن نجد للرأي ونقيضه مؤيدين ومشايعينزبل يستطيع الدهاة أن يستخرجوا من القرآن والشريعة المشرعنة أيضا ما يؤيد الرأي ونقيضه فإذا اتخذنا قرار ما مثلا قال القائلون وافتى المفتون وهكذا يستطيع المزيفون أن يزيفوا إرادة الشعب لأنه لا رأي له وكذلك حكم الله وحكم والشريعة لأن الذين يفتون بهذا أيضا لا رأي لهم اليوم واقتطاع الآيات وتحريف الكلم عن مواضعه سهل أيضا لمن أراد ذلك وأما السبب الاخر فهو ما ذكرت في البداية من أن الجمهور الذي يشاهد البهلوان تنحبس أنفاسه دائما عن رؤية الماضي والمستقبل ويعيش فقط في ظل اللعبة الحاضرة والتي لا يربطها بأسبابها الماضية ولا يفكر بتاتا في نتائجها الآتية أنه يفكر فقط مشدودا مدهوشا كيف ستنتهي هذه اللعبة العجيبة ..
فيا أيها الأخوة أسياد البلد رعاة مصالحها نريد إصلاح ما تسمونه بالصراع الداخلية نريد مساواة حقيقية بين الغني والفقير نريد أن يوضع كل رجل من الشعب في مكانه الصحيح نريد القضاء على الرشوة والفساد والسرقات نريد أمنا وسلاما لنا نحن الشعوب قبل أن تحققوا أمن وسلام الكم ولمن يلوذ بكم لا نريد أن تخطفوا أبصارنا لينهب من ينهب ويسرق من يسرق ونحن غافلون بل اصبح لسنا بغافلون وليموت من يموت ويستشهد من يستشهد ثم يقال عنهم إنهم حمقى مغفلون ماتوا في غير معركة واستشهدوا في غير قضية كما تحللون عن رغبه وتحرمون ايظا .
أيها السادة حطموا مسرحكم السياسي قليلا وأنزلوا إلى الشعب المسكين واسوا ضعيف وارحموا فقير وأجبروا الكسيرواسمعوا منه فقد ملت السماع لكم والجلوس الممل حول المذياع لتنسم أخباركم التي باتت كل يوم حبلئ .
