من يقرأ التاريخ وما نقل لنا عبر جامعيه لوجد أن ثورة الحسين كانت ابلغ دعوة للجهاد ضد الفاسد,فلم تكن دعوة الحسين للجهاد وخروجه على يزيد لأجل السلطة بل كانت لإصلاح دين أمة محمد (ص), فيزيد الفاسد وصل به الحد من الفساد والمجون لا يمكن لعقل الإنسان السوي أن يتخيله خصوصا وان التاريخ يروي لنا قصصا بأنه قد زنى حتى بأخته و بعمته فهل هناك أشنع من هذه الأفعال؟ والشناعة هنا ليست بنظر الدين الإسلامي فقط بل بنظر كل الأديان التي سبقت الإسلام السماوية منها و غير السماوية , فلا تجد شريعة أو دين أو أي توجه ديني يبيح الزنا بالمحارم, والزنا باب من أبواب الفساد وحاربته كل الأديان والشرائع والأنظمة والقوانين ولم تكتفي بمحاربة الزنا بل حاربت كل أنواع الفساد فلم يكن المشرع أيا كانت خلفيته يوما ما متساهلا مع الفساد والفاسدين بل كان دائما بالمرصاد للفساد وأدواته, ولم تأتي محاربة الفساد بمجيء الإسلام ونزول القران الكريم الذي حرم الفساد بكل أشكاله بل سبقه في ذلك بقرون , فحمورابي الملك البابلي حارب الفساد حربا شعواء وانزل اشد العقوبات في حق الفاسد ولم يميز بين الفساد الأخلاقي والمالي والإداري وضرب بيد من حديد كل أنواع الفساد وأشاع ثقافة احترام القانون والنظام العام واحترام المال العام وعدم التلاعب به وفرض عقوبات مشددة تصل إلى الموت على من يسرق المال العام (( المادة رقم 8 من قانون حمورابي…. إذا سرق سيد ثوراً أو شاة أو حماراً أو خنزيراً أو قارباً، إذا كان (المسروق) يعود للإله أو للقصر، فعليه أن يعطي 30 مثلاً. أما إذا كان يعود إلى مسكين، فعليه أن يدفع 10 أمثال كاملة، إذا لم يكن لدى السارق ما يعوّض به فإنه يعدم)) لاحظ هنا في هذا النص انه قال ((إذا سرق سيد…)) ولم يقل إذا سرق شخص عادي لأن السيد هو الاقرب للمال العام وفرصته اكبر من فرصة الشخص العادي في سرقة المال العام كونه على مقربة منه وفي متناول يديه , أما في روما القديمة فقد صدر قانون عام 159 ق.م يحرم على كل من يأخذ الرشوة تولي الوظائف العامة أو عضوية مجلس الشيوخ طيلة حياته، كما خول القاضي حق الحكم على المرتشي بالنفي أو الإعدام …. وقد أدانت الأديان جميعاً الفساد وبخاصة الأديان السماوية، في العهد القديم (توراتهم) ورد ذكر الفساد سبع مرات على نحو أو آخر، فقد جاء فيها: “الرشوة تفسد القلب” (سفر الجامعة /7ـ7) و في (قانون التوراة-خروج 21/37 ……إذا سرق رجل ثوراً أو شاة فذبحه أو باعه فليعوض بدل الثور خمسة من القطيع. وبدل الشاة أربعة من الخراف)).
كما ورد ذكر الفساد في الإنجيل على نحو أو آخر ست مرات، فقد جاء في رسالة بطرس الثانية (2 ــ19): ((يَـعِـدون هؤلاء ــ المعلمين الدجالين ــ بالحرية، وهم أنفسهم عبيد للفساد)). كما أن قصة يهوذا الأسخريوطي الذي باع المسيح لجلاديه بدراهم معدودة مدونة ومعروفة , أما في الإسلام فالقران الكريم حارب الفساد في آيات عدة وفي سورة البقرة الآية 205 يختصر لنا مدى كره الباري عز وجل للفساد
(( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ)) ….ناهيك عما ورد من أحاديث نبوية شريفة ضد الفساد وفي حق الفاسد.
ومن هنا نطالب سماحة السيد السيستاني بإعلان الجهاد ضد الفاسدين أسوة بإعلانه الجهاد ضد الدواعش والإرهاب, فالفساد رأس الأفعى والإرهاب هو الذيل ولا يموت الذيل إلا بقطع الرأس, فإذا كان الإرهاب يحصد أرواح بعض الناس فالفساد يحصد أرواح الناس جميعا , فالإرهاب آفة موضعية أصابت جزءاُ من البلد لكن الفساد آفة سرطانية فتكت بالبلد بالكامل, لقد أن الأوان يا مرجعيتنا الرشيدة وحانت ساعة الحسم لإعلان الجهاد ضد الفساد وضد المفسدين و ما هي إلا إشارة من سماحتكم حتى يقضي الشعب على كل الفاسدين وبالتالي سيسقط الإرهاب تلقائيا, فسقوط الموصل والرمادي وصلاح الدين وغيرها من المدن والقصبات كان نتيجة الفساد وبعمل الفاسدين أمثال الإخوة النجيفي والقادة العسكريين الخونة وغيرهم,
حان الوقت للقضاء على هذه الآفة الخطيرة التي فتكت بالعراق والعراقيين وسيسجلها التاريخ لسماحتكم كما سجلها حين أعلنتم الجهاد ضد داعش, والأمل بكم بعد الله كبير فأنقذوا هذا الشعب المسكين الذي عانى ما عانى خلال هذه الحقبة الزمنية السوداء من تاريخ العراق الحديث بل سوداء عبر تاريخ العراق بأكمله, ولتكن هي الحاسمة بوجه كل فاسد ومفسد.