18 ديسمبر، 2024 7:07 م

ستة عشر سنة مضت، ولم نرى النور في العراق، ظلمة تلو الظلمة، وفقر يتلو الفقر، وفساد يتلو الفساد، عذرا إنه ليس زمن العراق في البناء والتنمية والاصلاح والازدهار، إنه زمن الاحزاب الفاسدة، وسلب الارادة، زمن الضياع والتشريد، والقتل والتهجير، ستة عشر عاما ،تسلح الأحزاب نفسها وتقتسم السلطة وتسيطرعلى مقدرات الدولة ،سلطة- ومال- ونفوذ- وميليشيات،وهي خطيئة ارتكبها العراقيون يوم تخلوا عن واجبهم في الدفاع عن حقوقهم عبرتلك السنوات،وتركوا الأحزاب تفعل ما تشاء وتستولي على ما تشاء.

تلك خطيئة لن تغفرها الأجيال التي لم تتعرف على العراق إلا باعتباره محمية مسلوبة الإرادة تتناوب على حكمها أحزاب طائفية، لا تملك مشروعا وطنيا للبناء والتنمية والإصلاح.

وها نحن اليوم نشهد اليوم صراعات بين المواطن والفقر، بشتى انواعها… وفي كثير من الاحيان تميل الكفة للفقر، والسبب واحد هو غياب العلاجات والخطط الرسمية، في ظل انعدام تام للخدمات على جميع المستويات، وغياب فرص العمل والتوظيف والخدمات الاساسية، واصبح المواطن يعيش في الأحياء المتهالكة وبيوت التجاوز ومخيمات النزوح، وسط غيابٍ تام للتعليم والخدمات الضرورية للحياة.

وفي ظل موجة التظاهرات التي شهدها العراق مؤخرا، للمطالبة بتغيير جوهر النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية، يعيش العراق اليوم فراغا دستوريا، بعد نفاذ المدة اللازمة لاختيار رئيس حكومة جديد عمقت الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، حيث قوبل ترشيح شخصيات سياسية عبر وكلاء إيران في العراق برفض الشارع الذي أكد في أكثر من مناسبة على ضرورة أن يكون رئيس الحكومة المستقبلي مستقل ولا تربطه أي صلة بالأحزاب السياسية.

وتواصل الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، مقاومة الضغوط الهائلة التي يمارسها الشارع المحتج ضد تصاعد نفوذ نظام ولاية الفقيه وضد الفساد والتبعية للخارج.

وبرغم إجبار الشارع رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي على تقديم استقالته، إلا أن القوى التي دعمته من تحالف البناء ، تصر على إنتاج خليفته بالطريقة نفسها، التي تسببت في تفجر تظاهرات حاشدة،وتلتها انتفاضة شعبية عارمة

وتضغط إيران على حلفائها في العراق المتمثل بكتلة البناء، بشقيها الشيعي_السني، الكتلة التي تبتها ايران، ودعمتها للحصول على منصب رئيس الحكومة ابان فترة الانتخابات الاخيرة، ولتكون في مواجهة القوى الشيعية والقوى السياسية الاخرى المناوئة للنفوذ الايراني في العراق، حيث تسعى ايران لتقديم بدائل أمام حالة الانسداد السياسي، التي يمثلها العجز عن تقديم مرشح بديل لعبدالمهدي بما يضمن الحفاظ على موطئ قدم لها في العراق،في ظل المتغيرات الحالية،وتسعى إيضا إلى حفاظ الأحزاب الشيعية الموالية لها على جميع مكاسبها السياسية، كي يتسنى لها الاستمرار في قيادة البلاد وعدم خسارة نفوذها وسيطرتها ، لكن هذا المطلب يصطدم بجدار الشارع العراقي المنتفض الذي رفع شعار لا للتبعية إلى دول الخارج، فالشعب العراقي يبحث اليوم عن زمن جديد للعراق لأستعادة هويته وسيادته الوطنية ،وطن يضمن للجميع حياة كريمة وامنة، في ظل قوانين عادلة ومنصفة ومؤسسات دولة حقيقية، تقدم الخدمات وتامين المستلزمات وطن يحكمه رجال دولة وليس قطاع الطرق والعملاء والخونة والمرتشين.