10 أبريل، 2024 8:16 م
Search
Close this search box.

أنهيار و غربال و وأعمار

Facebook
Twitter
LinkedIn

قد يختلف معي البعض مما سأكتبه في هذه السطور ولكن الكثير سييؤيدني في ذلك كون فيه أرادة وتصميم فيتعلمون من التاريخ ما يُعينهم على خلق أفضل خاتمة ممكنة لصالحهم. والأهم أن يتعلموا بأن مسار التاريخ لا ينعكس، وأن مسايرته قد تكون أفضل بكثير من العِناد معه.

على مدى اربع عقود من الزمن يمر العراق بأنهيار مستمر واستنزاف لثرواته من جراء استهتار حكامه بالشعوب وارادتهم ولعدم أدراكهم المسؤولية مما اطاح بالبلد ونهوضه ومنذ ثلاث عقود لم تكن هناك طائفيه قد طفت على السطح الا ماكان باطن ومن التمييز مابين المذاهب ابان تلك الفتره من خلال امور كثيره من ضمنها اعطاء المناصب الحساسة التنفيذية لطائفه على حساب طائفه اخرى ولأجل التوازن اعطاء مناصب الى طائفه اخرى لتبييض وجه الحاكم فقط رغم أسوداده ..وفي العقد الرابع من هذه الفتره وفي العام 2006 قد بانت الطائفيه وحروب الأشبة بالأهليه والتي سميت  بالقتل على الهوية ويجب أن لا نغالط انفسنا في ذلك فقد دق الفاسدين  الاسفين في قلب العراقيين ليشعلوا حرب أهلية  مع ممن جاؤوا من خلف الحدود من عصابات وخنازير متوحشه .

وفي استرداد تاريخي لتجارب عديدة، لا يمكن إحصاؤها هنا، عشرات الحروب الأهلية أو دولية أعقبها نهوض أمم وشعوب كان الظن قد غلب، لفترة طويلة، أنها باتت في غياهب التاريخ.

للتاريخ كلمته، فكما أن الشدائد التي لا تقضي على الفرد، تؤدي إلى صقله وتقويته، كذلك تفعل الشدائد مع الأمم والشعوب، مع جرعة ألم مُضاعفة، و((غربلة)) للنفوس الضعيفه من الطرفين و للعناصر غير المناسبة للنهوض مستقبلاً، والأهم، تجربة مريرة، تجعل المستقبل أكثر سُطوعاً من الماضي، في غالب الأحيان.

في حالات الشعوب والأمم، يذكر التاريخ أن لكل منها انهيار وغربال وأعمار  ومع وجود استثناءات نادرة تؤكد القاعدة التاريخية ولا تنفيها، يبدو أن نهوض معظم الشعوب يُسبق بشدائد ومحن، قد تكون على هيئة كوارث طبيعية، كالطاعون الذي أتى على ثلث سكان أوروبا قبيل عصر النهضة، لكنه أدى لاحقاً إلى حراك اقتصادي وعلمي واجتماعي فريد ساهم في نهوض “القارة العجوز” يومها. وفي معظم الأحيان، يكون أنهيار الدول  على هيئة حروب مدمرة، تأخذ، في الأغلب، هيئة الحروب والصراعات الأهلية أو حروب عصابات .

معظم الأحيان تؤدي الصراعات الاهلية أو حروب العصابات ، لضرب  مصالح شريحة من المجتمع، لا بد أنها ستدافع عن مصالحها المتمثلة في تسلطها على بقية شرائح المجتمع، بكل الوسائل الممكنة، ومن ثم ستندلع حرب أهلية، يكثر فيها سفك الدم، في مشهد يُظهر الفوضى للعيان، لكنه يضمن في غياهبه ((غربلة))حتمية للمجتمع وللقيم في الوقت نفسه، فتكون الخاتمة  لا يختلط  الزيت بالماء .

اليومو العراق يشهد  تكراراً لتلك الحتمية التاريخية، سياسة فاشلة طيلة ثلاث عقود من الزمن لتستكمل بثمان سنوات جديدة من أضطهاد  للطوائف والتيارات أدت الى دخول داعش  لتعم الفوضى في بعض المحافظات ولتؤثر تأثيرا ملموسا على الوضع الاقتصادي والذي يهدد الان البلد بالافلاس مع نهب مانهب من ميزانياته ابان حكومة الفشل السابقة  لتعم الفوضى الظاهرة ..لكن بهذه الفوضى الغربال في عمل مستمر ليغربل الصالح من الطالح وللقيم غير الصالحة، ولأولئك الذين ساقهم العِناد عكس مسار التاريخ الحتمي. والذي بات واضحا جدا لكل غيور على هذا الوطن ومهما طالت السنوات، ففي نهاية المطاف سينهار الطالحون  والمكابرون من كل الأطراف تحت وطأة الاستنزاف، فتلك لعنة التأريخ وأشبه بلعنة الفراعنة.

المدقق في المشهد العراقي  يرى أنه خراب اقتصادي كامل ، ويعتقد أن هذا البلد لن تقوم له قائمة بعد اليوم، لكن التاريخ ينفي ذلك، في معظم الحالات، ولا يعني ما سبق أنه لا توجد استثناءات، لكنها استثناءات من الندرة بحيث تؤكد القاعدة التي تقول بأن الشدائد تصقل تجارب الشعوب فتنقلها بصورة نوعية نحو الأمام، نقلةً ربما ما كانت لتحدث لولا حالة “الغربلة” البشرية التي عاشها أفرادها.

وفي نهاية المطاف، ستنتهي قعقعة السلاح، وسيتنحى الطالحون لسقوطهم من غربال التأريخ ، لصالح القادرين على القيام بزمام الأمور في لحظة إعادة الإعمار، ليس على الصعيد الاقتصادي فقط، بل على الصعيد السياسي والوطني أيضاً.

وسيرجع الكثير من العراقيين الى بلدهم الاول بتجاربهم التي اكتسبوها من شعوب وبلدان قد لجؤا اليها وبعضهم سيعود ومعه افكار استثمارية حثه فيه اللجوء والمأساة على الابداع اولئك العائدون مع الصامدين المجاهدين في بلدهم سيُعيدون إعمار هذا البلد، ليكون كغيره من التجارب التاريخية التي تسردها الكتب، عن أمم وشعوب نهضت من تحت رُكام ورماد الحرب، لتصنع تجارب أدهشت المُراقبين وحيرت عقولهم لعقود.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب