أنهيار قيم الوظيفة والتخاطب الرسمي في الدولة العراقيةمن أكثر مظاهر أنحطاط الدول هو شيوع ظاهرة الرشوة والمحسوبية والتزوير , ولكن من معالم أنهيار الدول أنعدام قواعد التخاطب الرسمي , وتصغير قيم الوظيفة.في الدولة العراقية اليوم : تنعدم قواعد التخاطب الرسمي على مستوى كل من :-
1- المؤسسات الرسمية المدنية .
2- المؤسسات الرسمية العسكرية .
3- الجامعات .
4- المدارس .
ففي المؤسسات الرسمية المدنية , لم يعد منصب الوزير , ووكيل الوزير , والمستشار والمدير العام , ورئيس القسم والشعبة , لم تعد كل تلك العناوين محترمة بالرغم من وجود مكاتب للوزير وللوكيل وللمستشار وللمدير العام , ووجود سكرتاريا لكل تلك المناصب , ولهم أسطول من السيارات , وحشد من الحمايات والحواشي ؟والسبب في ذلك : أن الوزير ليس مؤهلا لوزارته , ولا لمنصبه , وكذلك وكيل الوزير , وكذلك المستشار , وكذلك المدير العام , وهؤلاء لآنهم غير مؤهلين لمناصبهم وغير كفوئين لآختصاصات دوائرهم , لذلك تراهم يعتمدون على كل من:1- أحزابهم لحمايتهم لآنهم كثيروا ألآخطاء2- يدفعون رشاوى وأتاوات للبقاء في مواقعهم .3- يعتمدون على الموظفين القانونيين في الصغيرة والكبيرة من القضايا ألآدارية والمالية , ولآن أغلب الموظفين القانونيين ليسوا مؤهلين بالخبرة القانونية الكافية , لذلك أصبحت معاملات المواطنين ومعاملات المقاولين عرضة للآبتزاز وأخذ الرشا والعمولة , ونتيجة أنكشاف هذه الطريقة من التعامل , وعرفها المواطن العادي , والتاجر والمقاول , لذلك لم يعد من أحترام للوزير من قبل العاملين معه , وكذلك ألآمر بالنسبة لوكيل الوزير والمدير العام لآنهم تابعين مباشرة لآوامر الوزير , فسقوط شخصية الوزير هو سقوط لتراتبية المناصب تباعا , أما المستشارين , فهي عناوين للمنفعة لا للخدمة وألآنتاج , فكثير من المستشارين لايعرفون حقل أستشارتهم , ولا يعرفون قواعد وأصول ألآستشارة , ويكتفون بالراتب وألآمتيازات وتعديل وضعهم الشخصي مثل : السفر المستمر للخارج , وزرع الشعر للصلع منهم , وتصليح ألآسنان , مع بعض عمليات التجميل خصوصا للنساء ؟أما المؤسسة العسكرية : ونتيجة الدمج , أصبح من لايملك تحصيلا أكاديميا في الشرطة والجيش أصبح يحمل رتبة : مقدم أو عقيد , أو لواء وحتى فريق , مما لم تعد للرتبة من هيبة وأحترام , وأصبح البعض منهم مكدسين في وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والمديريات التابعة لهما بدون عنوان وظيفي خاص , لآن بعضهم لايعرف كتابة مطالعة , ولا يحسن تنظيم تقرير , ولا يعرف مصطلحات : الدفاع والهجوم , وألآنسحاب , والتجحفل مثلا ؟وأغلب هؤلاء ممن منحوا رتبا جزافية , فالملازم يصبح عميدا , والنقيب يصبح فريقا وهكذا , ولآنكشاف عدم ألآختصاص , أصبح التخاطب بينهم وبين مرؤسيهم بكلمات : حجي , مولانا , وأبو علي , وأبو صلاح , وهكذا , وأختفى التخاطب العسكري المعروف بين الضباط والمراتب , كما لم تعد التحية العسكرية سائدة بين المنتسبين وهي دليل ألآنضباط وألآحترام .ومن جراء ذلك التسيب , لم يعد منصب رئيس مجلس الوزراء محترما , ومن خلال المخاطبات التي يجريها مكتب رئيس مجلس الوزراء مع الوزارات والدوائر المعنية , نرى أن ألآجابة تتم خلافا لكل ألآعراف والمخاطبات الرسمية , فموظفة قانونية يمكن أن ترد على مكتب رئيس الحكومة أو الوزير دون أن يكون الرد من خلال الوزير وأو رئيس المؤسسة , ومثل هذه الحالات أصبحت شائعة , لذلك لم تعد المخاطبات الحكومية تحظى بألآحترام والتنفيذ , ومن ألآمثلة على ذلك , مخاطبات مكتب رئيس الحكومة للجهات ذات العلاقة , ومخاطبات مكتب الوزير للدوائر المعنية , ومخاطبات ألآمانة العامة لمجلس الوزراء للوزارات والدوائر ذات العلاقة , ومثل : تبسيط ألآجراءات الحكومية التي تم ألآعلان عنها ونشر دعايات لها عبر الفضائية العراقية , لكننا لم نجد لها صدى في الدوائر الحكومية التي ظلت تتعامل مع المواطن بنفس الروتين , ومثل توصيات رئيس مجلس الوزراء بعدم طلب البطاقة التموينية في المعاملات ولكن دوائر الدولة لم تلتزم بذلك ؟وبهذه الصورة أصبحت الدولة تعاني من أنهيار قواعد مسلكية الخدمة وأصول التخاطب الوظيفي , والدولة التي تصل الى هذا المستوى لم تعد تسمى قانونيا بالدولة , لاسيما وأن الدولة العراقية فقدت قانونيتها منذ أن أصبحت لاتنقل البريد ولا تأمن التحويل المصرفي ولا تأمن نقل مواطنيها الى حيث يريدون ؟
[email protected]