في السماوة حكمت المحكمة على طفل يبلغ من العمر 8 اعوام بتهمة سرقة اربع علب من ورق التنشيف او ما يعرف ب (كلينكس)، وازاء هذا الخبر الغريب والعجيب كان يجب ان تكون هناك وقفة انسانية من الجميع امام قضية هذا الطفل البريء لنكتشف حجم المأساة والفساد والقسوة والظلم الذي نعيش في ظلاله بهذا البلد المنتهك والمذبوح على يدي ابنائه الجلادين .. في قضية هذا الطفل البريء هناك ثلاثة متهمين في قضية انتهاك حرمة الطفولة :
1- صاحب المحل الذي نزعت الرحمة من قلبه وعرض هذا الطفل الى هذه المظلومية .. فمن اجل 2000 دينار وربما أقل انسلخ من إنسانيته واظهر بشاعته وقسوته أمام طفل ربما اضطر للسرقة ليشبع جوعه .
2- القاضي الذي حكم على هذا الطفل وجعله كبش فداء لفشل وفساد القضاء العراقي الذي عجز منذ 13 عشر عام ان يحاسب مسؤول حكومي واحد رغم ان العراق تعرض الى عملية سرقة لم يشهد لها التاريخ نموذجا. 3- السلطات التشريعية والتنفيذية في المركز وباقي المحافظات ومؤسسات الدولة المعنية بالطفل الأسرة والتي عجزت عن تحتضن وترعى مثل هذا الطفل لتنقذه من الوقوع في براثن الفقر الظالم والذي انتج جيشاً جرارا مؤلف من آلاف الاطفال المشردين والمتسولين .
وطبعا ليست هذه الجهات هي المسؤولة فقط على مثل مأساة هذا الطفل وامثاله من الضحايا وانما تقع المسؤولية على القيادة الدينية المتصدية الراعية والمسؤولة عن رعيتها أمام الله تعالى والتي كان عليها التصدي بكل ما تملك من قوة وتأثير لحماية العراق وشعبه من الزمر التي حكمت العراق بعد 2003 وسرقت وبددت ثرواته واهلكت ابنائه نتيجة الأنانية والاستبداد بالسلطة ومؤسسات الدولة .والأحزاب والتيارات والمؤسسات والحركات السياسية التي جعلت هدفها الأساسي هو الهيمنة على السلطة والتلاعب بمقدارات الدولة والسيطرة على مؤسساتها حتى عم الخراب والفساد والدمار كل أرجاء البلاد .ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الانسانية التي اكتفت بإقامة الكرنفالات والمهرجانات والسيلفيات والدورات التدريبية عن حقوق الإنسان والتنمية البشرية وتركت واجبها في تقديم الدعم الحقيقي والرعايا الفعلية المسؤولة لمثل هؤلاء الاطفال وإحتضانهم وتقديم كل ما يساهم في نيل وتحصيل حقوقهم المستلبة .
ان مأساة هذا الطفل لم تكن الأولى ولن تكن الأخيرة لان هناك المئات من الاطفال تمت محاكمتهم وايداعهم في سجون الأحداث ولمدد مختلفة وهناك اطفال بعمر 13 عاما تمت الحكم عليهم ب 15 عام لسرقتهم او اتهامهم بسرقة دراجة نارية ، كل هؤلاء الاطفال الذي تكتظ بهم سحون الأحداث سوف يتحولوا في المستقبل الى مجرمين حقيقين في عصابات منظمة بعد ان تمت سرقة البراءة منهم بسبب قضاة قساة او فاسدين ..فمتى يلتفت الجميع الى مسؤوليتهم تجاه هذا الظلم والضياع الذي تتعرض له الطفولة في العراق .