مايلز كوبلاند ، مفكر استراتيجي امريكي ، وهو أحد مؤسسي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، له كتاب تحت عنوان لعبة الأمم ، وهو واحد من المؤلفات التي تهتم بالشرق الأوسط ، بعد تنازل المخابرات الفرنسية والبريطانية مطلع القرن العشرين للاستخبارات الأمريكية وذلك لسد الفراغ الحاصل في عجز مخابرات الدولتين بسبب التمويل والفشل في تركيا واليونان ، وكان لسوريا مدخل لتلك المخابرات ، حين ساعدت الزعيم حسني الزعيم للانقلاب على الرئيس شكري القوتلي الذي كان معبأ بالوطنية والحس العربي ، ومنذ تلك الفترة وسوريا واحدة من الدول التي دخلت لعبة الأمم ،

أن من كان وراء انفصال سوريا عن مصر هو من كان وراء انقلابات سوريا المتلاحقة ، انقلاب على انقلاب كان آخرها انقلاب حافظ الأسد على الأطباء الثلاثة نور الدين الاتاسي ، يوسف زعين ابراهيم ماخوس في العام ١٩٧٠ ، وتولى الأسد كما تولى صدام السلطة باسم البعث وكانا جزءا من لعبة الأمم ،  وكانا متشابهان في نقاط عديدة منها الهيمنة الشخصية على حزب البعث ، وتغلب حكم العائلة لا حكم المبادئ ، وأنساب كل منها في مخطط اللعبة فدخل صدام إيران ودخل الأسد لبنان ، وتشابه كل منهما بأسلوب الحكم ولكن على وفق ما يدور في عقل الاثنين لا وفق مصالح البلدين ، وظل العراق وسوريا بدوران في فلك اللعبة ودخلت إسرائيل الجولان ، ودخلت امريكا العراق ، والمخطط واحد لا هوادة مع الشعبين ولا استقرار ، واليوم تمر سوريا وسط ذاك الدوار ، ولكن بدور تركي مرتب ومختار ، وتفرج امريكي في وضح النهار ، واللعبة اليوم ربما هي لعبة التقسيم ولكن بأدوات من صنع الآخرين ، ولروسيا دور ثانوي ربما يتغير ولكن على وفق هوى بوتن وظروف حربه مع الاوربيين . والاسد اليوم يقاتل في الخطوط الثانوية للحفاظ على العرين ، وتحاول إيران أن تسد الفراغ إلا بقوة جيش نظامي ولكن بقوة المقاتلين ، ولكن ربما اللعبة اكبر هذه المرة بسبب تعدد اللاعبين ، الأكراد في قسد تحارب جيش بلادها ، وامريكا تضرب المقاومة الإسلامية العراقية ، وداعش تتحين الفرص في وادي حوران لخرق حدود الجيران ، والعشائر تلعب دور المقاتل الحيران لاتعرف البوصلة ولا العنوان ، وتستمر لعبة الأمم وهي عريضة جدا بدءا من غزة ، مرورا بلبنان ، واليوم في سوريا والسودان ، وربما غدا في العراق ، لعبة خيوطها عند انامل الويلايات المتحدة ، ولكنها بيد إسرائيل ، غير أن الآلة تركية ، الكل يقاتل الكل واللعبة اكبر من الكل ، والعبرة بمن يهدأ ويفسر الأوضاع بعيدا عن كل الأطراف ، ويجد الحل لقادم الأيام والحليم تكفيه إشارة الإبهام ،، المهم أن لا تقع بلادنا من جديد تحت وطأة الاقدام …..