18 ديسمبر، 2024 9:20 م

أنها عقودا للقران وليست عقودا للاذعان

أنها عقودا للقران وليست عقودا للاذعان

الزواج مشروع مدني يقيمه اثنان ، يراد منه التسليم بقوة أحكام الطبيعة على الحياة الإنسانية لتجديد تواتر البشرية وتواجدها على هذا الكوكب الكبير ، والزواج اذن منذ القدم كان محلا للتنظيم ، وهو بمثابة وحدة لكائنين مختلفين جسديا تثمر عن جيل جديد يأخذ دور الآباء والأجداد في تحديث الموروث وتطويره أو الإتيان بما هو غير معروف أو غير مألوف ، ولكن غير المألوف هو ما يعتقده بعض الرجال من أن الطبيعة وهبته قوة تفوق قوة المرأة لينال من إنسانيتنا بتلك القوة بعد أن يحولها إلى قوة غاشمة ، والغريب أن الرجل أي رجل يعرف بقرارة نفسه ومقدما أن ليس من الرجولة بمكان أن تفعل هذه القوة على مخلوق أضعف جسما وربما اقوى عقلا ، أردنا بهذه المقدمة أن نقول إن عقود الزواج هي عقود اشهار من ان الزوج صار اهلا لإقامة كيان اجتماعي جديد ، وقد اشار قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ المعدل في الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه إلى أن الزواج بين رجل وامرأة تحل له شرعا غايته انشاء رابطة. للحياة المشتركة والنسل ، واراد المشرع بالحياة المشتركة الحياة الدائمة التي يقيمها الطرفان بموجب العقد ، ورتبت الحياة البشرية عرفا وقانونا التزامات مشتركة متبادلة بين الطرفين ، وهذا ما أشارت إليه الفقرة ثانيا من المادة أعلاه ، حيث نصت ، إذا تحقق انعقاد الزوجية لزم الطرفين احكامهما المترتبة عليه حين انعقاده ، ولكن من خلال البحوث والدراسات الاجتماعية في كل أنحاء العالم ، ولكل المجتمعات ثبت باليقين المطلق أن النسبة الغالبة جدا من حالات فشل عقود الزواج يعود إلى نكول الأزواج بشروط العقد من خلال التمرد على قيود هذا الزواج ولأسباب لا حصر لها ، ربما اقتصادية ، نفسية ، اجتماعية ، غير أن لقصة فشل الزيجات في العراق قصة طويلة ، مرجعها الأساس اجتماعي ، ومنه تتفرع الأسباب الأخرى ، وان السبب الاجتماعي المتصدر قائمة الأسباب تقف ورائه مقولة ( زوج بنتك واخلص من كعدته بالبيت ) و(زوج ابنك واخلص من مشاكلة) ومن هنا بدأت عادة تزويج القاصرات والقاصرين ،
وهي عادة لا تتماشى لا مع الشرع ولا مع القانون ، أو ان الزيجات الحالية يقف وراءها عامل اقتصادي بحت وهو المنتشر بين زيجات اليوم وهو إقبال الشباب على الزواج من الموظفات أو العاملات لغرض المساعدة في مواجهة أمور الحياة ومتطلباتها ، غير أن أغلب هذه الزيجات بدأت تتعرض للفشل بسبب جنوح الأزواج نحو استغلال الزوجات والتطاول على مواردهن بغية تحقيق مقاصد شخصية بعيدة عن متطلبات الأسرة ، وهذا بدوره صار يعصف بالأسرة العراقية ويوسع مساحات الانفصال وتحطم الأسرة التي كانت هي الأقوى في الماضي القريب ، ولقد ذهب الكثير من الشباب عند استحالة قيام واستمرار الحياة الزوجية الطلب بالدولار مبالغ طائلة من أجل الموافقة على التفريق ، وتشهد اليوم محاكم الأحوال الشخصية الكثير جدا من حالات الطلاق تعود أسبابها إلى قلة الموارد وارتفاع نسب غلاء المعيشة وغياب السكن اللائق ، وارتفاع بدلات الإيجار ، وقلة الرواتب والأجور للسواد الاعظم من الشباب والشابات في القطاعين العام والخاص ، وان انقياد السواد الأعظم من الأجيال المعاصرة لاغراءات الشبكة العنكبوتية وما عليها من برامج متنوعة والتي اخذت تفرغ محتوياتها السلبية والضارة في العقول والنفوس وتحولت الأغلبية العظمى من القوى المنتجة بفعل البطالة والأدمان على تعاطي النت او الادمان على المخدرات والنركيلة إلى عوامل هدم لعقود الزواج وان ظلت دون تفريق كأنها النار تحت الرماد ، وان ارتفاع نسب الطلاق التي أعلن عنها القاضي فائق زيدان والتي قدرت ب(٧ ) حالات طلاق كل ساعة ، إنما تشير إلى مجتمع يضرب نفسه بطريقة نرجسية لا يمكن تقدير نتائجها ، والسب الاول هو الزواج فير المتكافئ ، أو الزواج المبني على عقد جعل الرجل العراقي من المرأة محلا للاستفادة والاذعان والظلم وفي كل الأحوال ومهما تعددت اسباب الطلاق فإنه يظل أبغض الحلال عند الله ..