23 ديسمبر، 2024 8:09 ص

أنها الأمية العلمية لأطفال العراق

أنها الأمية العلمية لأطفال العراق

لا نحتاج أدله أو وثائق ، جديدة أو قديمة ، لكي يعرف الشرفاء في هذا العالم حجم الدمار الذي لحق بالعراق ، من جراء حرب ظالمة ، غير أخلاقية ، علاوة على كونها غير قانونية , لا نحتاج إلى تسريبات موقع إعلامي لكي يقول لنا أن هناك ظاهرة خطيرة كبيرة هي تسرب التلاميذ الاطفال من التعليم مشكلة كبيرة ، وتعد من اخطر الآفات التي تواجه العملية التعليمية ومستقبل الأجيال في المجتمعات المختلفة لكونها إهدار تربوي لا يقتصر أثره على الطالب فحسب بل يتعدى ذلك إلى جميع نواحي المجتمع فهي تزيد معدلات الأمية والجهل والبطالة وتضعف البنية الاقتصادية والإنتاجية للمجتمع والفرد وتزيد الاتكالية والاعتماد على الغير , كما تفرز للمجتمع ظواهر خطيرة كعمالة الأطفال واستغلالهم وظاهرة الزواج المبكر .. الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حجم المشكلات الاجتماعية كانحراف الأحداث وانتشار السرقات والاعتداء على ممتلكات الآخرين مما يؤدي إلى ضعف المجتمع وانتشار الفساد فيه , وتسبب مشكلة التسرب ضياعاً وخسارة للتلاميذ أنفسهم لأن هذه المشكلة تترك آثارها السلبية في نفسية التلميذ وتعطل مشاركته المنتجة في المجتمع !
(( أسباب التسرب )) للتسرب أسباب عديدة متشعبة ومتداخلة تتفاعل مع بعضها لتشكل ضاغطا على الطالب تدفعه إلى التسرب والسير في طريق الجهل والأمية ويمكن إيجاز أهم الأسباب بما يلي :

* الأسباب التربوية :

وتتلخص هذه الأسباب في تدني القدرة على الدراسة والرسوب المتكرر وعدم الرغبة في التعليم الأكاديمي عند الطلبة !

* أسباب اجتماعية وشخصية :

وتعود للطالب كعدم الرغبة في التعليم المختلط أو الإعاقات النفسية والجسمية للطالب أو الخطوبة والزواج المبكران أو عدم الرغبة في الدراسة في مكان بعيد عن السكن !

* أسباب اقتصادية :

وترجع لضعف الحالة المادية لأهل الطلاب الأمر الذي يدفع الطلبة إلى ترك المدرسة بحثا عن أعمال بأجور منخفضة رغبة منهم في إعالة آبائهم وأمهاتهم ومساعدتهم !

* أسباب سياسية :

وهذا سبب قوي في التهجير والنزوح والطائفية والمذهبية والمناطقية في العراق بعد 2003 ، فهي ناتجة عن ممارسات الاجهزة الامنية ودخول عناصر داعش اليومية بحق الطلبة العراقيين كالاعتقال ومنع التجول والحواجز وإغلاق المناطق وإغلاق المدارس !

* المدرسة :

وهي مؤسسة اجتماعية تتعامل وتتفاعل مع الواقع الاجتماعي العام ولذلك لها تأثير مهم في بناء شخصية الطفل ولكن سوء معاملة بعض المعلمين للتلاميذ وإتباع أسلوب العقاب البدني لهما تأثير سلبي فيهم مما يثير الخوف لديهم ويبعدهم عن المدرسة ويؤدي إلى تسربهم وان غياب التعامل التربوي في حل المشكلات من قبل بعض المعلمين الذين يلجأون إلى استخدام الأساليب القسرية التي تترك آثارها النفسية العميقة في نفوس تلاميذهم.

* مشكلة تخص التلميذ نفسه :

أ . الغياب : وهي من ضمن المشاكل التربوية التي تعود بنتائج سيئة على التلميذ وقد تؤدي إلى جنوحه ومرافقته لأصدقاء السوء وبالتالي رسوبه وتركه المدرسة وتسربه منها

ب . انخفاض المستوى العلمي : إن جهل المعلمين للفروق الفردية بين التلاميذ وتشخيص التلاميذ ضمن فئات وكيفية التعامل معهم ضمن الخصائص العقلية لكل تلميذ وبالتالي فان بعض التلاميذ لا يستطيعون الوصول إلى أقرانهم في المستوى الدراسي بسبب ضعف القدرات العقلية إذ قد يكون التلميذ بطيء التعلم أو قد يعاني من مشاكل صحية أخرى مثل ضعف البصر أو السمع أو صعوبة في النطق وبذلك لا يستطيع مواكبة المادة الدراسية وبالتالي يؤدي به هذا إلى التسرب من المدرسة.

ج . كثرة تنقل التلميذ من مدرسة إلى أخرى: إن كثرة تنقل التلميذ من مدرسة إلى أخرى يؤدي إلى تسربه من المدرسة بسبب عدم مواكبته للمواد الدراسية من مدرسة إلى أخرى واختلاف طرق التعليم من معلم إلى آخر فانه يجد نفسه متأخراً دراسياً لعدم فهم بعض المواد مما يضطر إلى التغيب والتسرب من المدرسة.

* العوامل النفسية :

أ‌. ضعف التركيز وضعف الذاكرة .

ب‌ . صعوبة الحفظ.

ت‌ . سهولة التشتت أو الشرود.

ث ‌. فرط النشاط.

ج ‌. صعوبة إتمام نشاط معين.

ح‌ . النسيان .

وان هذه العوامل النفسية تعتبر من المشكلات التي يجد معها التلميذ صعوبة في اكتساب المعلومات وعدم اكتشافها ومعالجتها يؤدي به إلى الهروب من المدرسة !

* الأسباب الاجتماعية والاقتصادية:

إن الأسباب الاجتماعية تبرز من خلال بعض العادات والتقاليد التي تنمي الاتجاهات الخاطئة نحو التعلم وبخاصة العلاقات الأسرية وعدم الانسجام بين أفراد العائلة وكثرة الشجار بين الأم والأب والقسوة التي يستخدمها بعض الآباء على أطفالهم كلها تؤدي إلى كره التلميذ للمدرسة وبالتالي تركها .. أما الأسباب الاقتصادية فمنها انخفاض المستوى المعيشي لبعض العوائل وحاجاتها لعمل أبنائها في بعض الأعمال والأماكن لتوفير المال ولتغطية نفقاتها بسبب ارتفاع المستوى المعيشي في البلاد مما يضطر أولئك الأبناء إلى ترك المدرسة من أجل العمل لتوفير لقمة العيش !

النتائج السلبية للتسرب:

( جنوح الأحداث ) تشير كلمة الحدث في اللغة العربية إلى انه صغير السن ومن الناحية القانونية يعرف الحدث بأنه صغير السن التي حددها القانون للتميز ولم يتجاوز السن التي حددها بلوغ الرشد ، أما تعريف الحدث في المفهوم الاجتماعي فهو الصغير منذ الولادة وحتى يتم نضجه الاجتماعي ومن الناحية النفسية (وهو الصغير الذي لم تتكامل لديه عناصر النمو النفسي الصحيح) أما الجانح فيعرف لغوياً بأنه الآثم ، من الناحية القانونية يعتبر الحدث جانحا إذا قام بعمل يعتبره القانون جريمة !

فجنوح الأحداث هو اصطلاح نفسي اجتماعي يدل على سلوك منحرف وبنظر القانون مخالفة أو جنحة أو جناية لكل درجاتها وعقوباتها كما لا يشترط بالجنوح مخالفة القانون بل مخالفة للعرف والتقاليد والآداب !

الأسباب التعليمية أولاً

الأسباب تعليمية في المقام الأول ، وهناك أسباب اجتماعية واقتصادية , والأسباب التعليمية مرتبطة بجودة العملية التعليمية حيث لم تعد مدارسنا مكاناً لجذب التلاميذ إليها ، بل أصبحت مصدر نفور التلاميذ من العملية التعليمية ، علاوة على تقليدية العملية التعليمية وعدم إعداد المعلم الجيد الذي يستطيع جذب التلميذ للتعليم ، ويُضاف إلى هذا المنهج الممل البعيد عن الواقع الذي لا يرتبط بواقع التلاميذ ولا يعود عليه بالنفع ، أضف إلى هذا تكدس التلاميذ في الفصول ، وقلة الأنشطة التي تجذب التلاميذ ، وزيادة العبء على التلميذ بسبب كثرة الامتحانات والإدارة السيئة من قبل المدرسة سواء مديرين أو معلمين , أما الأسباب الاجتماعية فنجدها تظهر في الريف ، وتسبب تسرب الفتيات من المدارس وهو الاعتقاد السائد بأن البنت مكانها البيت في النهاية فلا فائدة من تعليمها ، وهنا السبب عادات وتقاليد وأعراف خاطئة !

العلاج ……………………

وعن كيفية حل مشكلة تسرب التلاميذ من المدارس يرى الدكتور خالد القره غولي إعادة صياغة المدارس كمنظومة بحيث يصبح للتعليم معنى لدى التلميذ كما ذكر ، وتصبح المدارس وسيلة يسعى إليها رغبة لا رهبة، ووسيلة يجد فيها ما يعود عليه بالنفع. ويضيف: أما في المرحلة الثانوية ، فالتعليم فقد قيمته الاجتماعية ، بمعنى أن التلميذ في مرحلة المراهقة يرى أن من أنهى تعليمه وتخرج من الشباب بأعداد كبيرة يعاني من البطالة ، فلا يجد مردود لتعليمه ولا نتيجة، فلابد من معالجة البطالة أيضاً، فالموضوع جزء من منظومة مجتمعية كاملة ، ولا يمكن أن نأخذ حلول جزئية ونقول أننا نحل المشكلة ، كما يجب العمل على رفع مستوى الأسر، فهناك مشاكل تعليمية مرتبطة بثقافة الفقر في الأسر العراقية ، فكثير من المشكلات التعليمية مردها انخفاض المستوى الاقتصادي.