23 ديسمبر، 2024 9:46 م

 الأحداث العاصفة التي تشهدها مصر منذ نهاية الشهر الماضي وحتى اليوم الذي توج “بالأنقلاب العسكري ” على الشرعية الدستورية التي استغرقت من الشعب المصري سنوات لتصل الى الهدوء النسبي الذي توج بانتخاب رئيس مدني شرعي بانتخابات حرة ونزيهة جرت لأول مرة في مصر منذ انشاء دولتها الحديثة على يد محمد علي باشا . وكانت من ابرز ثمار واستحقاقات ثورة ال25 من يناير 2011 التي ازاحت الفرعون الطاغوت مبارك ونظامه الفاسد الذي عاث في مصر نهبا وسرقة وأسس لعهد طويل من الأستسلام والمهادنة المذلة لأعداء العرب وأستمتاعهم بخير مصر وخيراتها على حساب أبناءها واخوانها من العرب
ود. محمد مرسي الرئيس المدني  المنتخب الأول والذي سيكتب التأريخ أنه سيكون الأخيرفي بعد عودة ( العسكر) بأنقلابهم ذي الصبغة المدنية بخروج جموع المعترضين على حكمه في ميدان التحرير ليعيدوا نهجهم في سرقة الحكم في الدولة العربية الأكبر خدمة لمصالح وأطماع مجموعة وفئة أبت الا أن تعيش الماضي وتنكر أحقية صناديق الأنتـخابات والأصوات الحرة التي منحها الشعب لأحد أبناء الوطن  ( نظيف اليد والقلب واللسان) مهما كان أنتماءه والحزب او الجماعة التي يمثلها الا أن كان ذنبه أنه يفخر  ويعلن أسلامه وأنحيازه لدينه وقضايا أمته المصيرية  وهذا ما اغضب العلمانيين والليبرالين الذي لايريدون ان يسير الدين جنبا الى جنب مع السياسة ويريدون من الحاكم ان يكون متمردا على كل ما قد يقيد بعض قراراته وعلاقاته السياسية كالحلال والحرام والجواز والبطلان مع انها امور لاتضير الحكم والحكمة والحزم لا من بعيد ولا من قريب والا فكيف حكم السابقون الاولون سواءا من الملوك والحكام  الأباطرة المسيحيين القدماء او المسلمين القدماء واقاموا حضارة وعدلا تشخص شواهده حتى اليوم ويدرس في كتب التاريخ.
 اذن علاقة الدين بالدولة علاقة تكاملية وتكافلية وطردية وليست علاقة عكسية كما يروج اصحاب الدولة المدنية او العلمانية اوأي  صبغة  حداثية كانت… وماحدث في مصر من عزل الرئيس الشرعي مرسي والتجاوز على القانون والدستور الذي وضعه الشعب وبذل دونه التضحيات ,  وعودة الجيش والدبابات للواجهة السياسية  أمر لايبشر بخير على مستقبل مصر أو أي بلد عربي آخر لأنها تكرس لأجهاض مكتسبات الديمقراطية وتمهد لعودة الأنقلابات والمؤامرات الخارجية التي عاشتها الدول العربية لعهود طويلة مظلمة.
مازلت أقول أن التأريخ سيسجل أن الدكتور مرسي هو أول رئيس عربي يكون اعلى مستوى ووعيا واكثر تسامحا  من شعبه .. آثر اعلاء كلمة التسامح والغفران مع فلول النظام والأعلام الفاسد (والبلطجية) وهم ابرز خصومه (ومهيجي ) الشعب عليه  وبدء صفحة جديدة معهم .. بينما سعوا هم لأزاحته وأنصاره بقوة  الدبابات  والرصاص وأغلاق قنواتهم الأعلامية وتدمير مقارهم ومكاتبهم وحرقها ونهبها وترويعهم ومطارتهم وتهديدهم بالسجن والقتل .. وهو ماترفع عن فعله حين دان له الحكم وسيثبت التأريخ ان حكمه كان حكما ديمقراطيا ونزيها وأن شابته بعض الأخطاء والعثرات لأنه لم يكن مقدرا ولامسموحا له أن ينجح .
لكنه نجح من حيث لايشعرون فمجرد ازاحته بأنقلاب عسكري وبتواطؤ عربي وغربي لاتخطئه عين مراقب يدل على انه نجح وكان يجب ان أفشاله وأجهاضه بالقوة .