ظهرت العطوة قديما عند ازدياد حالات المشاكل عند العشائر وهي لكسر الفتنة بين طرفين متنازعين أي أنها مشكلة أو حادث بين طرفين أو شخصين كل منهما من عشيرة معينة ومن كثبت عليه الإدانة بالمشكلة كالقتل أو الدهس أو المشاجرة وغيرها من الأمور, وقد تؤخذ العطوة من أصحاب الحق عن طريق طرف ثالث وهناك بالمقابل شيوخ قبائل ورؤساء افخاذ وأهل الفراضة أي الناس الذين يتكلمون بالحق والمعروف وهناك (السنينة العشائرية – المربعة – الجلي أي الطرد من العشيرة – والنهوة) – وهي أداة ومصطلح قاسي يستخدمه دعاة التعصب وأسياد الفشل الاجتماعي مثل زواج بنت العم وان يعمل الناهي (الفيتو ) العشائري بمزاجية ومرض جاهلي قبلي متخلف دون الرجوع إلى حق اختيار المرأة شريك حياتها المفضل.
اضمحلت هذه الظاهرة عند صدور القوانين الصارمة وإحالة المشاكل إلى المحاكم وحسمها , ولكنها عادت بشكل واسع وكبير وعلى ابسط الأشياء بعد الغزو الصهيو أمريكي للعراق عام 2003وانتشار حالات الفوضى وغياب القوانين وظهور النشاط المليشياوي والقتل والتهجير الطائفي وأخذت العطوة مجالها الواسع على اعتبار أنها هدنه أمنية يعطيها المعتدى عليه أو ذويه إلى المعتدي وتكون عبارة عن مهلة زمنية ليتسنى لهم ترتيب أوضاعهم والابتعاد عن ارتكاب جريمة في وقت انفلات المجتمع وغياب القانون كما ذكرنا واستفحال العرف العشائري القديم الحديث , واعتبارها من العادات والأعراف المجتمعية المستخدمة فقد كانت (الدخالة) تقوم مقامها ويلجا إليها في القضايا الجزائية عند حدوث جرائم أو ضرب أو اعتداء أو قتل أو مساس بالعرض ويتوسط بين الطرفين للحصول على العطوة مجموعة من ذوي الشأن من الوجهاء ومن ذوي المكانة المرموقة في المجتمع ويتم التوصل إليها من خلال ذهاب مجموعة منهم لذوي المعتدى عليه وتسمى (الجاهة ) ويتم التفاوض معهم للحصول على هذه الهدنة.
أما مفهوم العشيرة وهي عبارة عن مجموعة من البشر ينتمون إلى نسب واحد وغالبا ما يتكنون بكنية جدهم وتكون من عدة بطون أو من عدة عوائل والعشيرة هي المكون الرئيسي للقبيلة وتحالف عدة عشائر تتكون القبيلة.
والفصل العشائري في العراق خرج عن طريقه في أكثر الأحيان وهناك حوادث اغرب من الخيال…أما آن الأوان لهذا التخلف أن ينتهي في عصر المدنية والتحضر الديمقراطي التي ورثها لنا الاحتلال,فكيف إذا رئيس الدائرة أو مدير المدرسة أو المعلم الأب والمربي لا يستطيع أن يحاسب أو يزجر من كان مخطئ أو متلكئ في الواجب الملقى عليه وتأتي عشيرته وأهله تطلب من المسئول عنه ما يسمى (ﮔوامة) او (الدﮔة ) وهي استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة أحيانا في الهجوم على بيت المدان الذي لم ينزل إلى عشيرة المجني عليه طالبا رضاهم ومنفذا طلباتهم واخذ العطوة, ووصل الحد إلى الطبيب التي لا تفيد وصفته بسبب اكسبا ير بعض الأدوية بالعلاج لمريض ما ,ليشمل بموضوع الفصل العشائري واﻠﮕوامة والعطوة وأصبحت تهديدا بالباطل للحصول على كسب مادي يصل أحيانا إلى مئات الملايين من الدنانير,وما بالك.أن هناك خلافا عشائريا قد نشب في بغداد بين عائلتين بسبب دجاجة انتهى بدفع 40 مليون دينار(عل الحار) نتيجة اتهام رجل بدخول منزل وسرقة دجاجة عنوة, وفي حادثة أخرى حيث دهس رجل بسيارته (بطة ) فقامت الدنيا ولم تقعد على الرجل والذي أقامها وهلل بها أهل وأقارب صاحب البطة وبعد معرفة مسكن ذلك الرجل,ذهب اثنان من العائلة (المنكوبة بالبطة ) وطرقوا الباب عليه ليلا وهم مدججين بالسلاح وطلبوا منه متحدثين : أنت تسببت في جرم مشهود ودهست بطتنا وان لديها أفراخ صغار يصعب تربيتهم في الوقت الحالي فالغرامة هي مليون دينار (عل البارد ) وإذا لم تدفع فسوف نعطيك عطوة ثلاثة أيام وبعدها سوف تلوم نفسك وتأتي بعشيرتك وتدفع مصاريف (الفرشة ) وهي بمثابت أجور نصب الجوادر والطعام وقد تكلفك حوالي 10 مليون دينار وعندما يتدخل السيد والشيخ والأجاويد (10 لهذا وعشرة لذاك وعشرة جوه الفراش) وغيرها من أمور التخلف ,فيكلفك ذلك أكثر من 50 مليون واجبر الشخص بعد انتهاء مهلة العطوة ليدفع المليون دينار (عل البارد ).
ويذكر أن بعض هذه الحالات قد حصلت بين مسؤلين في الدولة يقودون العراق إلى بر التهلكة,وان قمة المهازل انه حصل فصل عشائري بين صالح ألحسناوي وزير الصحة السابق وبين ما يسمى الدكتور عادل محسن المفتش العام في الوزارة الذي كان (مطهرجي ) في لندن, وتدخلت (اﻠﻋﮕل) وأصحاب الشأن من (اللوكية ) وانتهت القصة بجلب 50 خروف ومبلغ من المال وهذه مهزلة ليس بعدها مهزلة.
وان أكثر العشائر في بغداد حاضرة الدنيا مدينة الأدب والعلم والفن والإبداع أصبحت تتخذ من الحاجات الصغيرة سببا لدفع فصول عشائرية كبيرة بحيث أصبحت بعض العوائل وخاصة الفقيرة منها تتحجج على بعض العوائل الأخرى بغية فرض الغرامات عبر الفصل والعطوة والسنينة والنهوة واﻟﮕوامة والفرشة واستحصال مبالغ محرمة حيث أكد مجلس القضاء الأعلى أن قوانين العشائر غير ملزمة بتاتا للمحاكم والقانون يأخذ مجراه في حين أن جميع المراجع الدينية قد حرمتها جملة وتفصيلا وفضلت الرجوع إلى القضاء عند فض أي مشكلة أو حادثة ….!!!