قصة قصيرة
كانت تعشقه كل العشق وتحلم أن يكون حبيبها وصديقها لأنه كان فارس أحلامها، كانت تغار عليه عندما يتكلم مع هذه الموظفة وتلك، وهو لم يكن يعلم بذلك ولم يشعر بحبها له، فقط كان يسلم عليها ويعاملها بأحترام شديد كبقية الموظفين.وذات يوم، مد يده ليسلم عليها بمناسبة حلول راس السنة الميلادية الجديدة، أنتابه شعور غريب، أحس بحرارة يدها وهي ترتجف كعصفور صغير بين يديه. نظر الى وجهها الذي أنتابته حمرة من الحياء زادته جمالا. أزدادت دقات قلبه الستيني الذي كان قد توقف عن أية خفقة حب منذ وفاة زوجته قبل عشر سنوات. أحس بأنه يعرفها لأول مرة، نظراتهما تكلمت عن مشاعر حب عميقة مدفونة بينهما، تعانقت روحيهما قبل أن يلامس الحب قلبيهما لتنفتح أبوابه على مصارعه ليضم أجمل قصص الحب وأكثرها عذوبة ورقة. قالت مع نفسها وهي تنظر أليه آه لو تعلم كم أحبك وأعشقك، وكم كنت أحلم بأن تكون فلرسي وحبيبي. تسارع الحب بينهما كما تسارعت دقات قلبيهما. قابل حبها بحب أقوى وأكبر ، تصاعدت وتائر الحب وكثرة اللقاءات بينهما ، أصبحا فعلا روحين وكيانين في جسد واحد. عاشا المراهقة البريئة الصادقة والحلوة رغم أن أعمارهم قد تخطت تلك الفترة بكثير!. أشتروا حلقتين ونقشى عليها الحروف الأولى من أسميهما مع تاريخ حبهما. عاشوا لحظات من الفرح والسعادة وهم يحتفلون بلبس الحلقات بأحد الكازينوهات، لم يشاركهما أحد فقط كان الله ونهر دجلة شاهدا على ذلك وعلى حبهما الطاهر النقي. نسجوا من خيالهم واحة خضراء كلها حب ووجد وشوق وحنان، يلتقيان بها بعيدا عن هذا العالم الرمادي!فقط ( الماسنجر) كان يعرف تلك الواحة الخضراء الجميلة؟!، فمن خلال (الماسنجر) وعبر تلك الواحة كتب لها أجمل الأشعار وأرق كلمات الحب والعشق، وكانت هي ترد عليه بكلمات الوجد والأشواق، يتحدث معها وتتحدث معه لساعات لا يسمعهما أحد الا الله (والماسنجر). أصبحت لا تنام ألا على صوته وهو يقرأ لها القصص وأحيانا الأدعية كطفلة صغيرة!، لأنها كانت لا تشعر معه بالحب والحنان فحسب بل بالأمان الذي أفتقدت له في حياتها، بسبب ظروف أجتماعية وأسرية مرت عليها. كانت أم كلثوم القاسم المشترك في بينهما بل كانت رفيقة قصة الحب التي بينهم، فكل أغنية لها كانت تحكي قصة حبهما وعشقهما الروحي، ألا أغنية الأطلال كانت هذه الأغنية تشعره بالخوف لأنها تحكي قصة فراق حبيبين!. ألف لها نشيد الحب فكان يقول لها ( منو حبيبي، منو حياتي ، منو روحي ، منو عمري، فترد عليه ، آني،آني،آني،أني)، وكان يغني لها هذا النشيد في الصباح وقبل أن تنام!. كانا متشابهين في كل التفاصيل أحدهم صار يكمل النصف الآخر للثاني ، وكأنهما خلقا ليكونا لبعض.لم يشعروا بالزمن كيف يمضي لأنه توقف عند حبهما. كان يدعوا الله أن يديم عليه نعمة هذا الحب وأن يحفظ حبيبته من كل مكروه، لأن الشعور بالسعادة هي نعمة من الله، وكيف لا وهو يعيش كل هذه السعادة الغامرة وكل هذا الفرح. لم يكن يعلم بأن الشهور الخمسة التي عاشها بكل هذا الحب والفرح والشوق والسعادة ستنتهي فجأة وبلا أية مقدمات أو أسباب مقنعة؟. فما أن أتصل بها كما في كل يوم، وأذا بها لا ترد عليه! ، كرر المحاولة لأربع مرات ولكن بلا جواب؟. زاد قلقه، خاف عليها ، خاف أن يكون قد حدث شيء ما؟ وليته كان ذلك!، حتى تفاجأ بها وهي تكتب له أسمع ياهذا، لقد أنطفأ حبك عندي، وأرجوك أن تتركني ، أريد أن أعيش لوحدي بلا حب بلا أي شيء؟ لم يصدق ما سمع، أحس بأن مطرقة ثقيلة هوت على رأسه فأصيب بدوار، كانت كلماتها قاسية صدرت من كائن غريب لم يعرفه من قبل!، أراد أن يعرف السبب، ألح عليها ولكنها لم ترد عليه، كتب لها ما الذي جرى ماذا تقولين؟ فأجابته بأصرار وتأكيد وكتبت، رجاء أنتهى كل شيء، أرحل عن حياتي متمنية لك كل الموفقية والسعادة!، ثم أقفلت هاتفها وكل وسائل التواصل ( الماسنجر، الواتس آب، الفايبر). أحس بأنكسار شديد ، أنتابته لحظة من التوهان، تزاحمت في رأسه عشرات الأسئلة، كأي رجل كان : هل كانت تكذب علي كل تلك الفترة؟ هل تعيش قصة حب جديدة مع غيري؟، وكيف ومتى؟ وغيرها الكثير من الأسئلة؟.حزن كثيرا على فراقها لأنه أحبها وعشقها بصدق وهي لم تقدر ذلك. فسار بين زحام الناس وفوضى الحياة، وهو يردد مقطع من أغنية الأطلال!: كل شيء بقضاء ، ما بأيدينا خلقنا تعساء، ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعدما عز اللقاء، فأذا انكر خل خله وتلاقينا لقاء الغرباء ومضى كل الى غايته، لا تقل شئنا فأن الله شاء.