كأي صحفي ينشد عن الحقيقة و يهدف الى وصول سفينة العراق للبر بعد توقّف محرّكات السفينة و ثقب كَبِير في منتصف السفينة لا يمكن إصلاحه الا برُسُوٌ السفينة لاصلاحة، و بوضع الرّجل المناسب لقيادتها في رحلتها القادمة, اضع هذا المقال بين أيديكم للقراءة. وقبل الخوض بحيثيات المقال فلا ضرر بمرور سَرِيع الى من تولى قيادة هذه السفينة مُنذ سُقُوط البعث العفلقي وصولا الى تأريخ كتابة المقال و مغادرة اخر ربان لها. فَقَد تولّى قيادة هذه السفينة المرحوم مهدي الحافظ وصولا الى برهم صالح و علي بابان ومن ثم علي شكري واخيرهم سلمان الجميلي.
حال السفينة يُرثى لها فلا إعمار و لا تنمية بلا تخطيط و تجديد في فكّر وزارة التخطيط. تُعتبر وزارة التخطيط النواة الَتِي يتفرع عنها نجاح وتطوّر ألحكومة لتحقيق أهدافها ورسالتها، فهي بيت الخبرة. فالوزارة مسؤولة عن الاستشراف المستقبلي والتخطيط له بخطط استراتيجية بعيدة المدى ومتابعة تنفيذ تلك الخطط لنقل المجتمع نقلات كبيرة محققا التنمية الشاملة في جميع النواحي، والسعي لمواكبة التطوّرات المعاصرة والتنبؤ بالتغيرات المستقبليّة. هل قامت بدورها في جانب التخطيط للصناعة هل وُضعت الخطط بصورة تحقق الاكتفاء فضلا عن التصدير أو التأثير في ولو على المدى البعيد. هل قامت بدورها في جانب الزراعة والتجارة والعمل والبطالة والمياه والصرف الصحي والبنية التحتيّة. كم حاجة العراق من المدارس؟ كم الحاجة للمستشفيات في العراق ؟ كم حاجة العراق الى الاطباء سنويا ؟ كم حاجة العراق الى المجمعات السكنية ؟كم عدد ضحايا الحوادث المتفرقة شهريا؟ ما هي مقاييس مستوى التنمية الاقتصادية في البلاد؟ جميعها اسئلة تحتاج الى الاجابة. دائما نسمع بميزانيات ضخمة تنفق على الكثير من المشاريع في الكثير من الوزارات، ولكننا اعتدنا أن نسمع بتعثر الكثير منها فضلا عن عدم حل المشكلات التي نفذت تلك المشاريع لأجلها، وهذا يدل دلالة واضحة على عدم وجود تخطيط استراتيجي لتلك المشاريع. ابرز مشاكل في عراق ما بعد 2003 هو سوء التخطيط و التدبير، بمعنى ان الاموال الانفجارية التي اهدرت في السنوات الماضية ما كانت لتهدر لو ان الحكومات اعتمدت على سياسيّة تخطيطية صحيحة. عمد السياسيين ان تكون وزارة التخطيط وزارة ضعيفة من حيث قوة التأثير والنفوذ على الوزارات الاخرى، فغابت الرؤية وغابت معها التنمية بكل اشكالها الواقع يشهد بأن وزارة التخطيط مازالت تحتاج الى الكثير. تمر الايام سريعا وسنجد انفسنا امام حكومة جديدة. فانصفوا هذه الوزارة بربان ذو خبرة وقادر على قيادة هذه السفينة والا فان الغرق هو مصيرها.