سوف لا أقف عند الشعارات الكبيرة والوعود الكثيرة والخطابات الحماسية و الأناشيد الشخصية والاتهامات التي وصلت حد التجريم للخصوم في محافظة صلاح الدين التي لم يشملها تأجيل الانتخابات كما شملت الانبار ونينوى ولا توجد إجابة شافية من المهتمين بالسياسة أو بالانتخابات عن عدم شمولها بالتأجيل وعن المعايير الأمنية أو اللوجستية التي سمحت بذلك في حين لا ير المتابع هناك اختلافات جوهرية بين الوضع الأمني في هذه المحافظات سواء في العمليات الإرهابية التي طالت مناطق عدة من صلاح الدين أو جرائم اغتيال المرشحين أو التهديدات المستمرة لموظفي المفوضية العليا للانتخابات وهذا ما يولد تساؤلات مشروعة عن المغزى من الإصرار على إنجاح الانتخابات في المحافظة رغم وجود المحاذير الكثيرة ، مما لاشك فيه أن المنافسة على الفوز بمجلس المحافظة يأخذ أبعاد وسبل مختلفة عن المحافظات المنتفضة الأخرى بظهور جبهة الإنصاف التي يتزعمها مشعان الجبوري وهذا الشخص مثار جدل متواصل من مختلف الاتجاهات السياسية في الحكومة والمعارضة لمواقفه السياسية المتناقضة من الأحداث التي عصفت بالعراق منذ الاحتلال وحتى الانتخابات الأخيرة، فقد نشارك في العملية السياسية التي أنتجها الاحتلال كنائب في مجلس النواب وهو يعلن بأنه من رجال المقاومة التي أخرجت الاحتلال، وهو معارض صلب للحكومة عندما كان تحت طائلة القضاء ومؤيد للحكومة حين أسقطت عنه التهم، ومؤيد للتظاهرات في ساحات الاعتصام ويخالفها ، ويعلن بأنه سيقاتل من يريد فدرلة العراق أو تقسيمه ويتوعد ناخبيه بالقضاء على الفاسدين الذين يطالبون بالأقاليم ولكنه سيكون أول من يبارك الأكراد انفصالهم عن العراق ويشجع على ذلك وان لم يفعلها الكرد يطالب بإنشاء إقليم عربي مقابل لهم ولا نجد تفسير لذلك ،وهذا يعكس تاريخ الرجل قبل سقوط النظام فقد اتهم من المقربين له بأنه كان مواليا للنظام وتسبب في مآسي ينكرها ويدعي انه من ابرز المتآمرين على النظام السابق ولم تلف غرابة الرجل الشأن العراقي الوطني بل تعداه إلى الشأن العربي فقد كانت الفضائية التي يمتلكها الناطق الرسمي للحكومة الليبية قبل سقوطها وهذا ما يخالف توجهاته المعلنة بإنصاف المواطن من الظلم والجوع والتهميش والعدالة والحرية وصناديق الاقتراع التي يتغنى بها في جبهة الإنصاف، لا يخفي فخره بقربه من نظام الأسد وتغزله برئيس النظام ولكنه مع كرامة المواطن السوري وحقه في حياة حرة كريمة ولا نعرف كيف تجمع الأضداد. لا نريد أن نقلل من شان الرجل فهو لديه الكاريزما السياسية ومكانة في الوسط السياسي وشغل حيز في الإعلام الوطني ولسنا من المؤيدين أو المعارضين له أنما سيكون لصناديق الاقتراع قول فصل في تثبيت مكانته السياسية وصحة آراءه من عدمها ولكن في رأينا المتواضع أن ما يحدث في صلاح الدين لابد من الوقوف عنده قبل بدء الانتخابات من خلال المعطيات على الأرض وما يمكن استنتاجه:-
– ان محافظة صلاح الدين أعلنت بشكل رسمي رغبتها في قيام إقليم إداري ولم يلق طلبها استجابة من الحكومة في حينه ولكن لازالت الرغبة قائمة وان أوقفتها مؤقتا فتاوى رجال الدين التي نعتقد بأنها لم تصمد مدة طويلة في حالة ازدياد الفجوة بين المتظاهرين والحكومة.لذا من مصلحة الحكومة ومن خلفها دولة القانون فوز مشعان الجبوري والوصول إلى رأس الحكومة المحلية في صلاح الدين لتميع طلب الإقليم والقضاء عليه ويتطلب ذلك سعي جدي من الحكومة وبمساعدة أعضاء من دولة القانون بتسهيل عمل جبهة الإنصاف وإبعاد زعيمها عن المعوقات القانونية أو الإدارية تمنع مشاركته في الانتخابات.
– بقاء محافظة صلاح الدين ضمن المحافظات المشمولة بالانتخابات سيكون بالون اختبار لبيان أمكانية تغير اتجاه الخصوم من الداخل بأدوات محلية كجبهة الإنصاف تأخذ على عاتقها مد الجسور وبناء الثقة بين أبناء المحافظات المتظاهرة والحكومة وتنهي حالة التوتر وتمهد للحكومة مد اذرعها في مفاصلها. وفي حالة سقوط القائمة شعبيا سيكون للحكومة مواقف أخرى أهمها أن السياسيين ممن يدعون سيطرتهم على الشارع لم يعد لهم وجود فعلي وعليها محاورة أصحاب الشأن مباشرة بجدية لإنهاء الأزمة.
– فوز جبهة الإنصاف في صلاح الدين وإذا حالفهم الحظ وكان ساحقا كما يزعم رئيس القائمة سيمهد إلى وضع خطط مماثلة أو أكثر دقة في الانبار ونينوى لدفع حلفاء الحكومة (جبهة الحوار) إلى الفوز والوصول للحكومات المحلية والتي ستمهد لانتخابات مجلس النواب القادمة سواء كان في موعدها المحدد أو انتخابات مبكرة وستغير من الخارطة السياسية وتقلل الضغط على التحالف الوطني في تشكيل حكومة أغلبية سياسية بوقت قياسي.
– أخيرا ليس في السياسة واحد يساوي واحد وربما بعض مكونات الحكومة أو التحالف الوطني غير مستعد للدخول بمغامرة جبهة الإنصاف ودعمها فمواقف زعيم القائمة غير مشجعة للبعض وربما بعد فوزه سيكون اشد صلابة من المعارضين الحاليين ، كما أن تفقد زعيم القائمة لشيوخ العشائر والمتنفذين في المحافظة وإهماله الواضح إلى ساحا ت الاعتصام وعدم الالتقاء برجال الدين ومنظمي التظاهرات وهم من أبناء المحافظة الذين يمتلكون صوتا عاليا في الوقت الحاضر رسالة واضحة بعدم تبني مطالبهم وهو بذلك قد اشر على إعلان خسارة جبهة الإنصاف بيده وعليه أن يستدرك ذلك بسرعة . لان القائمة ستتهم بالتزوير إن فازت وستحول الصراع إلى عنف سياسي والى انفلات امني يدفع ثمنه المواطن ويدخل الحكومة في أزمة أخرى.