20 مايو، 2024 9:54 ص
Search
Close this search box.

أنصاف حقائق منحازة

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان الإعلام يقول الحقيقة من أجل كسب تلقي الأكثرية، لذا كان الإعتدال يجني مالا وقد فعلت البي بي سي ذلك لمدة طويلة من الزمن ، أما الآن وقد اصبحت الأكثرية تبحث عن غير الحقيقة بسبب التكتلات الطائفية الكبيرة، فقد بدأ الإعلام حتى على مستوى وسائل الاعلام الكبيرة والعريقة، يجافي الحقيقة من اجل كسب اكثر عدد من المتلقين، حتى اذا كانوا باتجاه واحد، فالموجود يكفي، بسبب انتشار التلقي المتأتي من انتشار وسائل الاعلام ودخولها الى بيوت الناس باستئذان ودون استئذان ، فقديما كان للأخبار مدة محددة و وكان التلفزيون للفن أكثر ما هو للأخبار، أما الأن فان شريط الأخبار يبث 24 ساعة حتى مع بعض القنوات الخاصة، كما أن طموح أي قناة في السابق هو تحقيق نسبة مشاهدة بسيطة على مستوى البلد الواحد، واليوم اصبحت القناة تحقق نسبة تفوق المتوقع لاتساع دائرة المتلقين ولوصول البث الى كل بقاع الكرة الارضية، لذلك نجد القنوات الفضائية تتخذ جانبا واحدا من المعادلة، ولنأخذ الصراع السوري مثالا على ما نقول، فكلا الطرفين الجيش النظامي والجيش الحر متورط في جرائم كثيرة، وهذا ما يؤيده العقل، إذ لا يمكن أن تحدث معارك تستمر الى ثمانية أشهر ويبقى أحد جانبي الصراع نظيفا في كل تصرفاته، فالذي يبقى نظيفا عادة في تلك الصراعات هو الأعزل الذي لا يحمل السلاح ولم يحمله من قبل، ويؤمن بالتغيير السلمي، سواء كان حكومة أو شعباً، لأن الجيوش ظالمة على مر التاريخ، حتى أن قوانين الجيوش ليست ديمقراطية، بل ان قوانين الجيوش هي المثل الاعلى للدكتاتورية، ذلك لان الأمر العسكري لا يقبل النقاش، فكيف يطالب جيش ما بالديمقراطية، ورغم أن الاعلاميين يعرفون ذلك ويعرفون صعوبة التوفيق بن الجيش والديمقراطية فقد أيدوا الجيش السوري الحر باعتباره مطالبا بالديمقراطية، وفضلا عن ذلك نرى أغلب القنوات المهمة في الوطن العربي والأوسع انتشارا هي التي تقوم بالثورة ضد الأنظمة، وثورتها هذه ليست نزيهة؛ لأنها تتناول الموضوع من جانب واحد، فهي تبث كل الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الجيش النظامي في سورية، ولا تبث الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الجيش السوري الحر، كما أن تلك القنوات تعتمد ما يرسل إليها من مؤيدي الجيش الحر و تهمل ما يرسلها إليها مؤيدي الجيش النظامي او الحكومة، وبما ان الحكومة هي أكثر سيطرة على الأرض والاستخبارات والمخابرات، فهذا يمكنها من تجنيد الالاف لكي يقوموا بدور مواطن يصور بمبايله او بكامرته الشخصية، وهذا النظام يقوم بذلك، لكن القنوات المهمة والأوسع انتشارا تهمل تلك اللقطات لأن تلك القنوات منحازة الى احد طرفي النزاع.[ اذا كان الانحياز مشروعا فتلك مسالة اخرى] فقد عرضت القنوات الأوسع انتشارا لقطات عن قصف الجيش النظامي لمبنى الإذاعة في حلب، الذي تمركز فيه الجيش الحر بعد أن سيطر عليه، وهنا: وقد بثت القصف ولم تبث كيفية اقتحام الجيش الحر للمبنى، فهل دخل الجيش الحر المبنى دون قتال ودون ان يقتل الموظفين العزل، ام المبنى كان ثكنة عسكرية، وحتى اذا كان ثكنة عسكرية، فهلا بثت القنوات طريقة الدخول، واذا قيل يصعب التصوير في الحرب، نقول لماذا لا تبث تلك القنوات صور الموظفين وهم ملقون على الأرض مقتولين بعد أن احتل الجيش الحر المبنى، علما أن مبنى الإذاعة جاء على سبيل المثال لا الحصر، فكل ما يحدث في سورية يخرج إلينا من وجهة نظر واحدة ومن كامرة واحدة وبصوت واحد، حتى أن صوت الرجل الذي يقول:(الله اكبر، الله اكبر) في كل لقطة فديو هو نفسه في معظم اللقطات، اما اذا قيل بان الجيش الحر دخل المبنى بسلام ودون قتال، فما الفخر في ذلك؟ ولماذا يتصدر الخبر عناوين الاخبار الرئيسة؟ وتجدر الاشارة ان البي بي سي بدأت تبث بعض اللقطات التي يعرضها التلفزيون السوري تأكيدا لحيادتها التي استمرت لمئة عام تقريبا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب