يقول القرآن…
(( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوامن قبل لفي ضلال مبين ) ٢ الجمعة.
ومعناها بالمختصر الشديد: ليعلم الناس الحكمة والأخلاق ليطهرهم من دنس أعمال الكفر التي لاتليق بهالة الإنسان، أي ليرفع عنهم الضلالة بالتمام ويهديهم .
نعم يهديهم فالأول والأخير هو مَهديهم.
والقرآن يصرح بذلك ـ ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين) ٩ الإسراء.
فالقرآن يهدي ويقوم الإنسان، فهو المهدي الحقيقي، و على لسان نبي الله محمد الصادق الأمين ، الذي أُوحي اليه من السماء ، كما يقال ويؤمن المسلمون بهذا، ولكن لاشأن لنا بهذا فقد، كان بهديه حقاً رحمةً وإنقاذاً لتلكم الأقوام في ذلك الزمان ، وذلك بجعل لهم شأناً ومكانة ً بين أعظم الإمبراطوريات المعاصرة والمتاخمة لهم بالفتوحات أو الغزوات، إذ لم يكنَ لهم شيئاً بالحسبان، فأحياهم سيفاً وديناً ولغة وأسماً ، ثم دولةً بعَلَمْ .
كان علماء قبائل ذلك الزمان قبل وبعد الإسلام، هم فرسانها العظام على مر الزمان والتي كان علمها هو همها السعي لأثارة وفتح قلوب النساء بالسيف وقوة الذراع، لنيل حبها. وإذا ما ضاقت وتورمت أكياسهم من حرارة الشوق لرومانسية الحب في الثمان، تجلت أثاراها بقوالب الشعر غزلاً وبكاء. وما إن خف الورم، وسكن الدماغ، مات الشعر والحب في الكلام ليحل محله سبيهم أوبيعهم أو وأد البنات.
فلايغرنكم، فتصدقوا أن َّ حُبَ تلكم الأقوام هو إحتراماً للإنثى أو للنساء، بسبب أشعارٍ من شاعرٍ هنا وهناك، فجله توحُّم يثور من ثكنات أفعاهم، بركاناُ ، يشهد على غليانه الطير في السماء ، فيصوغوه لفريستهم أشعاراً بمثاقيل حُلّي الكلام.
فالقرآن مؤرخنا الشاهد الوحيد وهو متواتر وأصدق الحديث، على حياة الأقوام ومقام المرأة وكرامتها، ومنها حب السبي ووأد البنات.
الرسول محمد جاهد ليزكيهم ويهديهم، بالإيمان بالله وبالأخلاق والصدق، ولكن بالرغم من كل هذا المحاولات المتراكمة، له ولمن بعده من بني الإنسان ،بعقود وقرون من الزمان ، لم تفلح، فلازال مؤمنيه منهم، يراوحون في مكانهم ، وكل يوم يسجلون تراجعاً، بقيمهم الأخلاقية السلوكية على كافة الصعد، وكأن لانبي أتى ولا وحي نزل، مقارنة بباقي شعوب أوربا وغيرها، التي طورت وحسنت أخلاقها وعمَّرت إنسانها وحضارتها وعلومها، بعد أن كانت دواعش مخيفة في الحروب فيما بينها ومع غيرها، قبل وبعد الإسلام، ولكنها عبرت عليها وتحسنت بالقريب من الزمان، فقننت حقوق الحيوان والإنسان ولازالت تحافظ عليها في كل زمان. وهاهو المسلم يلجأ اليهم اليوم ليصونوا حياته وكرامته المفقودة في بيت الإسلام في كل مكان.
فالسؤال هل حقاً نجح الرسول بتآخي الأقوام قلباً؟ أم نافقوا فتصالحوا وتأخوا على الجاه والمنفعة المنتظرة من غزوات وفتوحات هذا الدين الجديد؟
نعود ونسأل!..
لماذا باعوا الأخلاق والدين بحفنة دراهم كما يفعل أحفادهم اليوم ؟ الجواب لآنهم يسِّرون النفاق ويبطنوه، ولايعبدون إلا منافعهم وذواتهم ، ولم يصدقوا الرسول بإيمانهم فقد كانوا قوماً ينافقون. (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)).
شعب اليونان ومهديهم :ـ
ولقد ذكرتها سابقا وأكررها الآن…
وِهب شعب اليونان، الشاعر هوميروس الأعمى، فإغترف، من جعبته، من دون وحيٍ من السماء، فقص على شعبه من أشكال الخرافات، والتي من شأنها أن رفعت الهمة فيهم فأحيت نورهم في كل بقاع
الدنيا وأنقذتهم من الموت والإندثار، فتقدم الشعب بتقادم الأجيال، والحال فيهم يزهو، مخلفين ورائهم نفايات كل المعوقات، حتى لاح وهج قيمتهم الإنسانية ـ في عنان قبة السماء.
فما الذي أحدثه هوميروس ففلح في قومه ولم يفلح نبي بكلمات من رب السماء في قومه ؟ على الأقل في تأليف القلوب حقاً وليس شكلاً؟ فهوميروس لم يطلب منهم الإيمان به ولا برب ما، ولم يوعدهم بجنة فردوس وحوريات ولا حتى أرهبهم من نار! هل جنس الأقوام وجيناته هي السبب؟ ولكن الله خالق الإنسان ولايرسل رسائل نبوية الى جينات تفهم غلط!
الشاعراليوناني المكفوف ـ هوميروس ـ أنقذ شعبه من الذل والخوف والضعف الى مجد الرقي وملاحم الخلود حينما تَرنَّم بأناشيدهِ (إلياذة) فحول الهزيمة لهم في طروادة وكل بقاع اليونان الى تاريخ شعب يسمو على شعوب الأرض كافة، بعد أن كان شعبا هزيلا ًيعبد إلاه الخمر(باخوس)..ويعربد ليل نهار. ولايزال شعب اليونان بإرث هوميروس صامداً، بوجة سياسة الضغط الخارجي لتركيعه وتجويعه وتمزيق شعبه الى شعوب متناحرة رخيصة، وسيبقى شعباً، بوحدته وثقافته وإصراره وروحه الجماعية وحبه لناسه ووطنه شامخاُ لن ينكسر .
لوقارنت بين شعب الجزيرة العربية قبل وبعد محمد، كما وشعب اليونان بالمثل قبل وبعد هوميروس، بإستبيان سلم الرقي لمهدي الإثنان وإنعكاساته على حياة الإنسان، وصولاً الى هذا الزمان، وبحساب بما مرالشعبان من ضعف وقوة وغزوات وعثرات، وشد وجذب ..الخ فستجد الفارق كبير بين السُلَّمين، وخصوصا البناء ألإنساني والأخلاقي والوحدوي.
رزق العرب لحل معضلتهم برسالة إلهية بلسانهم، تحمل إليهم حلولاً وغذاءً روحياً لإنسانهم، فلم تجدي معهم، فتحولت أجسادهم من شدة ضعفهم وتقتالهم مع بعضهم، الى شدة ضعف المرأة المومس التي بات جسدها قبعة رزقها، يضع فيها كل من هب ودب دراهمه ليحييها. هذا هو اليوم حال كل أمة كل العرب وكأن لاخبرُ جاء ولا وحيٌ نزل.