تنص المادة 61 من الدستور العراقي ، على أن أولى اختصاصات مجلس النواب هو تشريع القوانين الاتحادية ، و هي أعلى صلاحيات تنالها أي مؤسسة من مؤسسات الدولة ، فبهذه الصلاحية تعد هذه المؤسسة ( مجلس النواب ) هي المحدد لطبيعة و حركة النظام العام ، و هي كذلك صلاحية لا يشارك المجلس أحد فيها ، و على الرغم من أن الحديث عن هذا الموضوع بحاجة الى تفصيل و قراءة أبعاد متعددة ، إلا أننا في هذا المقال لسنا معنيين بذلك ، و إنما ما يعنينا منه فقط ما ذكرناه كمقدمة ، للحديث عن تصويت مجلس النواب العراقي على قانون العفو العام يوم الخميس الماضي ، و الحديث عن هذا القانون بطبيعة حال متشعب و واسع ، و قد نتناول أبعاده في الأيام القادمة ، إلا أن ما يعنينا هو الجانب المتعلق بإعادة المحاكمات ، و هو أمر يشكل الضدية لمسؤولية المشرع ، فالمحاكمة تعني في بعد من أبعادها : عملية تطبيق القانون ؛ و القاضي هو الشخص المختص والأمين على تحقيق أخراج القوانين من كونها نصوص نظرية إلى إجراء ، و الجانب الأهم في هذه العملية أن تطبيق القانون في حالة مثل الحالات التي نتحدث عنها هو مستوى مركز و عالي ، بمعنى أن أحكام الإعدام و هي محل الحديث مثلا ، يدققها نحو ( خمسون قاضي و نائب ادعاء عام بمختلف الاختصاصات و الدرجات ) ، و يؤكد قضاة و خبراء بالشؤون الجزائية أن أكثر من 17 جريمة يعاقب عليها القانون العراقي بالإعدام تقف في مقدمتها الجرائم الإرهابية ، و لإهمية هذه الاحكام لذلك ينظرها عدد كبير من القضاة ، كما أن المشرع أوجب التمييز تلقائيا ، و بهذا يتضح مدى التأني و التدبر و التدقيق في الاحكام من هذا النوع … فماذا يعني بعد هذا كله أن تطالب المؤسسات القضائية بإعادة المحاكمة !؟ و هل يعني هذا غير الاساءة و التشكيك و التدخل في عمل السلطة القضائية ؟ و كيف يتيح مجلس النواب و هي السلطة التشريعية لنفسها أن تقوم بعملية خرق لمبدأ الفصل بين السلطات الدستوري بهذا الشكل !؟ طيب و ماذا بعد التعديل للمادة الثامنة من قانون العفو العام ، الذي يترك أمر تقدير إعادة المحاكمة لهيئة قضائية أو للقضاء ، إلا عملية التفاف و مراوغة و جزء من عملية تفاوض و مساومة بين الأطراف السياسية على حساب منظومة قانونية عليا ، نعم العفو العام ضروري و هو جزء من عملية المصالحة ، إلا أن ( الله لا يطاع من حيث يعصى ) فلا العفو و لا المصالحة ستتحقق بخرق الدستور والقوانين و الاساءة للسلطة القضائية .