23 ديسمبر، 2024 8:21 م

بغداد مدينة السلام حاضرة الدنيا واشراقة المستقبل عروس البلدان سيدة المدن ,فيها منبع العلماء ومرتع الادباء وملاذ الشعراء , بغداد بلد الكنائس والمآذن واشعاع النور..بغداد أبي نؤاس والرشيد والسعدون والمتنبي..بغداد الف ليلة وليلة وقد تغنى بها الشعراء ومنها القصيدة المشهورة “لعلي الجارم” التي صدحت حنجرة أم كلثوم بغنائها منفعلة يخرج صوت غنائها من القلب وليس من الحنجرة :
بغداد يابلد الرشيد         ومنارة المجد التليد
يابسمة لما تزل           زهراء في ثغر الخلود
ياجنة الاحلام طال       بقومنا عهد الرقود
بغداد أين البحتري       واين أين ابن الوليد
تحولت بغداد الى خربة…حيث صنفت منظمة اليونسكو بغداد بالمرتبة الثالثة من بين اكثر عواصم العالم” وساخة” واحتواءا على النفايات والكتل الاسمنتية الكونكريتية يكاد لا يخلو منها اي شارع او زقاق او حارة واصبحت لدي العراقيين منظرا يوميا مألوفا يراه بدلا من الحدائق واشجارها وعطر زهورها .
انتشرت في الشوارع اعداد كبيرة من الحواجز الكونكريتية والاسلاك الشائكة التي تحيط بالسيطرات والشوارع والمباني الحكومية والجوامع والكنائس وبيوت المسؤولين وقد تطول القائمة…مما ادى الى اضفاء طابع الكآبة, وحصلت بغداد على التسلسل (223) حسب التصنيف العالمي في دراسة تعدها سنويا مجموعة(مير سير) للاستشارات وذلك للمرة الثانية بعد دراسة سابقة اجريت عام 2011 وجاءت بغداد بعد مدن(بانفي من افريقيا الوسطى – وبور لوبرانس في هاييتي – ونجامينا في تشاد- وقندوز في افغانستان) وكما جاء في التصوير الجوي للاقمارالاصطناعية فانها عبارة عن(اناء كونكريتي ) تشبه في حد ذاتها ثكنة عسكرية مطوقة بالكتل وتاتي هذه الاخبار لتبكينا حقا وتؤلمنا وتزيد الكآبة,حيث ان الاغنياء والفقراء يشتركون في نفس المعاناة وهم يعيشون في هذا الوعاء الاسمنتي الكبير وفي غياب واضح لتردي الخدمات وغياب الامن والامان بسبب التفجيرات الاجرامية لداعش والقاعدة وحاملي الفكر الوهابي القذر وبعض المليشيات التي تسرح وتمرح بدون حساب.
تتسارع وتيرة الاخفاقات الى ان الفرد ما زال يتطلع الى واقع جديد ينتشله من حالة الياس والاحباط , ومن هذا المنطلق يتطلع العراقيون على مستقبلهم في الانتخابات المقبلة كخطوة اولى لتصحيح مسار العملية السياسية ومن ثم بناء البلد وخاصة (العاصمة بغداد) وجعلها عاصمة تليق بحضارة وادي الرافدين وسمعتها بين الامم.
هذه هي بغداد التي وصفها مدير بلديتها بانها احسن من اربيل ونيويورك ودبي وعذرا للاخوين رحباني صاحبا قصيدة بغداد:
(بغداد والعبعوب والصخر)…….ذهب الزمان وضوئه العطر
عيناك يابغداد اغنية……………غنى الوجود بها ويختصر
والحال في بغداد مجزرة………والسيف رغم الموت منتصر
النجاح والفشل كلمتان متضادتان لبعضهما البعض, فالنجاح هو اجتياز عمل بامتياز وانجاز عظيم خالي من تزويقات الكذب او التصريحات وياتي بعد جهد وتعب في مسيرة شاقة وصعبة ومتعبة للوصول نحو الافضل, اما الفشل فهو عدو النجاح يتربص له في كل عمل صغير ام كبير مما يجعل من الانسان الفاشل بليد عديم الحس, وان بداية النجاح هي الاستفادة من تجارب الفشل في بناء بغداد وتحويلها الى مدينة حضارية تليق بعواصم الدول الاخرى التي نتكلم عنها عند سفرنا اليها  ونلتقط الصور التذكارية لمعالم تلك المدن , ومن هذا الاتجاه في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب هو الانتاج والتطور والبناء الصحيح, ولكن المسئول يتعرى عندما يتخلى عن المسؤولية, وتتعرى شوارعنا عندما تكثر فيها الكتل الاسمنتية والاسلاك الشائكة, وتتعرى الاماكن عندما تغيب عنها وجوه احبابنا.
بحساب بسيط وكما يصفونه اهلنا الطيبين (حساب عرب) ان كتلة الكونكريت بمساحة “متر مربع ” التي تكلف(50) دولارلمليون كتلة او حاجزتصل حجم الواحدة منها اكثرمترين مربعين ولكم حسابها ايها القراء الكرام ..وتصل الاموال التي صرفت بدهاء المحتل الامريكي لهذة الكتل التي كانوا يظنون انها تحمي جنودهم ومعداتهم وثكناتهم…..وبمجموع هذه المبالغ نكون قد بنينا اكثر من 60 مدينة سكنية بنصف مليون وحدة سكنية,ولما بقيت عائلة عراقية تسكن الايجار….ولكن …”تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”…!؟
المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين..هذه مرشحتكم بغداد الحبيبة بتسلسلها العالمي (223) لا تتركوها بيد الفاسدين…والانتخابات قاب قوسين او ادنى…….!