15 أبريل، 2024 6:54 ص
Search
Close this search box.

أنبياء وزارة التعليم..!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

في احدى زياراتي في الخارج التقيت بعالم عراقي مغترب ، وجرى بيننا حديث حول الشأن العراقي وخاصة بما يجري في المؤسسات التعليمية والثقافية. واثناء ذلك اكتشفت ان هذا الشخص من المبدعين القلائل في المجال الطبي ولديه منصب كبير في الدولة التي يقطن فيها، فلفت انتباهي ذلك وقلت له ، لماذا لم تعد الى العراق فهو بلدك ويحتاج مثل هذه الطاقات لينهض من جديد ويتم اعادة هيبة المؤسسات التي حدثتني عنها.. أخذ الرجل حسرة طويلة وقال انا اول العائدين الى البلد بعد الاحتلال وزوال الحكم السابق، ولكني فوجئت بأشياء لم اتوقع ان تحدث معي فخلال زيارتي الى (وزارة التعليم العالي العراقية) مطالباً بتصديق وثائقي وشهادة (البورد) التي حصلت عليها في الغربة.. شاهدت المبنى وكأنه (مهجور) ومظلم وعند السؤال الى المكان المخصص بمراجعتي وصفوا لي المكان وذهبت اليه وكلمني وقتها شاب صغير يعمل في الوزارة بكلام متعال جدا ، وكأني انا من كوكب آخر وقلت هذه معاملتي اريد تصديقها فطلب مني وثائق وتصديقات وأوليات وغيرها، وبعد مراجعتي المتكررة الى هذه الوزارة لاحظت انها تفتقر الى وجود (المسؤول)، فالوزارة برمتها يتحكم فيها الموظف وتخلوا من تواجد الادارة العليا، وبعد عناء طويل انصدمت بقرار الوزارة بأنها قررت عدم المصادقة على (شهادتي) علماً أن الشهادة صادرة من جامعة أجنبية يصل عمرها مئات السنين وتصنيفها اعلى من الجامعات المحلية والعربية بفارق كبير جداً ولايقارن.
وبعدها قررت ان التقي (المدير العام) كما وصفوه لي ولكن في كل مرة يتحجج مدير مكتبه بأنه مشغول واخيراً قالوا لي ممن كانت لديهم مراجعات ولاقوا عناء كبيرا هناك ( لاتتعب نفسك فهنا المسؤول لايرى في العين المجردة وان رأيته وقابلته صدفة فسيبتسم في وجهك ويتحدث معك بلطافة وبعدها يبقى الحال كما هو عليه..!)
بعد سماعه هذا الكلام قرر الرجل العودة الى موطنه في بلاد الغربة يحمل المعاناة والاضطهاد بسبب الاجراءات البيروقراطية المعقدة ، التي اوصلت حالنا الى ما نعيشه الآن..
التعليم متدني والثقافة متدهورة ، وكل هذا ونحن نتحدث عن مستقبل مزدهر.!
كم شخص من هذه (الكفاءات) يعامل هكذا في بلده المسمى ببلد (الحضارات) ؟ ولماذا يتم تهميشه بتلك الصورة؟
جميع بلدان العالم المتضررة من الحروب والازمات نهضت من جديد وارتقت نحو القمة واصبحت من بلدان العالم المتطور، ومنها دول شرق آسيا والسبب هو الاهتمام بالجانب التعليمي والثقافي.
ونحن هنا نعيش ازمة اسمها (السياسة الحزبية المقيتة) التي بدأت تتحكم في مناصب الوزارات والمؤسسات كافة ومن اخطرها التحكم في المؤسسات التعليمية وجلب أناس ممن يحملون في اعناقهم (الحزبية والفئوية) ويطبقون مبدأ (حماية الكرسي والمنصب) ، فيتملقون وينحون برؤوسهم لمن جاء بهم في هذا المنصب، ثم يتعالون ويتكبرون مع العامة، وهذا لم يأت من فراغ وانما جاء من ماض مرير وفقير ومن عامل نفسي معقد، جعل من هذا وذاك يتحكم في قرارات مصيرية ويجعل من المؤسسة التعليمية (اداة طاردة) ومحل للنفور لمن يريد الصلاح والخير لنفسه والناس اجمعين.
تلك الوجوه التي وصفها لي بعض الأخوة الاكاديميين الذين راجعوا وزارة التعليم ايضاً بأن المسؤولين فيها كأنهم (أنبياء)، يعيشون وراء الحجب ويصورون انفسهم بأنهم الذهب المصفى (يخلون من العيب) ، والحقيقة _ لو دققتم في ذلك_ هي العكس تماما .
نتمنى من حكومتنا التي تهتم في (السوشيل ميديا) وتطبق برنامجها عليه، ان تلتفت الى وزارتي التربية والتعليم وتجردها من الشخصيات التي باتت معشعشة فيها من سنوات لايتغيرون، لتحكم البرلمانيين وانما يتغير (الوزير) والسياسيين على دفة الحكم والقرار السياسي والعلمي ، تحكم المحاصصة الحزبية في ذلك، فهم باقون ،على الرغم من مجيء بوزير ( كفوء ) .
ستبقى المشكلة عالقة ونبقى نحن بلد (الرافدين) خارج التصنيف العلمي ، مع الأسف.. ولنا تتمة ان شاء الله.

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب