وردني عدد من الرسائل عبر الأيميل يتهمني أصحابها بالطائفية وسوء الحديث عن رموز (بنظرهم) , لا أعترض على رمزية احد مهما اختلفت معه ولكن لي همومي وتفسيراتي للاحداث , فالسياسية ليست ما يقال بالخطب والفضائيات , بل هي اعمق وقد تتقاطع احيانا كثيرة مع ما يقال او يتم تسويقه.
وفي هذا الصدد لا بد من الاشارة للمبادرة التي اطلقها عمار الحكيم رئيس اكبر حزب شيعي معارض سابقا وحاكم لاحقا.
جاء في الحديث الشريف (من لم يحمل هموم المسلمين فليس منهم) , وهنا اقول , هموم المسلمين في الانبار هي نفس همومهم في صلاح الدين وديالى وكركوك والموصل وبغداد , ولا بد من الاعتراف اننا جميعا نتكلم بهموم مذاهبنا فوضع العراق هكذا, وهنا اقدم التساؤل التالي لجميع الاخوة الذين اعترضوا على مقالي السابق (عمار الحكيم اخطر الصفويين), والسؤال هو (هل جاء في مبادرة الحكيم ولو نقطة واحدة شيء يخص السبب الحقيقي للازمة؟ واعني بها الاعتصمات) وهذا السؤال يجرنا مرة اخرى لتناول تلك المبادرة التي اجدها لا تقدم الحل بل تقتل الثورة وتشرذم اهلنا وتسحق مطالبنا , وما نعرفه جميعنا ان التظاهرات السلمية خرجت لجملة كبيرة من المطالب اهمها ( اطلاق سراح المعتقلين والغاء 4 ارهاب وخلق توازن في الدولة والكثير من المطالب التي من شأنها ازالة التهميش الذي يتعرض له السنة في العراق).
ان العشائر لو قدر وتعاملت مع المبادرة فالحكومة ستستجيب لما جاء في المبادرة حصرا , وهذا يعني تحويل عشائرنا الاصيلة الى مؤوسسة تابعة لحكومة المالكي , والامر الاخر هو تسليح الجيش فالمعلوم ان اقليم كردستان والقائمة العراقية وحتى التيار الصدري بالضد من التسليح لأسباب موضوعية تتعلق بطبيعة المالكي التعسفية ضد خصومه السياسين , ودعوة الحكيم تعتبر احراج لتلك القوى السياسية , فهو يتمتع بعلاقة جيدة معهم وهذا ما عنيته بان التحالف (الوطني) يعمل بتقسيم الادوار , والدليل الاخر على تبادل الادوار هو موافقة المالكي على المبادرة وزيارة عمار الحكيم للجعفري ولنائب رئيس الجمهورية الخزاعي فكيف نفسر تزامن الزيارة مع التصريح بالمبادرة؟؟ واعقبه لقاء بين المالكي والحكيم وفيه اعلن المالكي الترحيب بالمبادرة, ثم ظهر الناطق الرسمي للمالكي ونفى ترحيب المالكي بها , وعد البعض النفي والمبادرة وما حولهما يدخل ضمن اطار الحملات الانتخابية , ولكن التفسير الصحيح هو ان المالكي يقود حرب عشوائية ضد العشائر والحكيم عمود مهم في تحالف شيعي يجمعهم , وبالتالي فالحكومة حاولت جس نبض العشائر حول المبادرة لذا لم تصرح بشيء رسمي في البداية وعندما نفي خبر التأييد لاحظنا زيادة في التقارب بين المالكي والحكيم خصوصا في الدعم اللامشروط للجيش في حربه على العشائر. ثم مطالبة الحكيم بدعم دولي لادانة الارهاب , وللعلم ان المقصود بالارهاب هو (ثورة العشائر).
فالمبادرة عبارة عن التفاف وتطويق لمطالبنا المشروعة . وفي ظل هكذا وضع يضعف العشائر سوف لن تصمد الانبار بوجه المشاريع الخارجية ولكنها تعتبر صامدة بنظر الحكيم والحكومة لانهم استطاعوا تدجينها.