رفضنا النزوح بقدر رفضنا للصمود أو أكثر؛ وها هي الإنبار تفرغ من ساكنيها وتخلي بعض مناطقها لداعش..!
لا شكّ إنّها فرصة ثمينة للإرهاب، فالنزوح الجماعي يمثّل هدفاً ولا يبدو على الإرهابيين التفريط بهكذا فرصة..سيخترقون الحشود الهاربة من سطوتهم، للتأكيد على إنّ ” السنة لا أمان لهم” بغية إستمرار ضجيج الوطن المؤلم. الدولة لن تصمت على غزوهم للأنبار، ولا هي بتاركة للعوائل في العراء. فلنحصي خسائرنا إذن!..
كم مليار ستكلف عمليات ” إعادة صمود الأنبار”، وكم مثلها ستذهب للنازحين؟ والدماء التي ستضاف لسجل الخلود العراقي المستحوذ عليه من قِبل الحشد الشعبي، خسائرنا كلنا في الأنبار, جائت من مناورة إرهابية كان يمكن وأدها منذ عام.
ذات يوم وقفنا بالضد من قراءة واعية لمستقبل صرنا نعيشه، رغم إنّ مطلقها لم يقل أكثر من وصفه للعلاج؛ غير إننا إعتبرناه (خائن) ولم تسعفنا الشجاعة لنعاضد الحقيقة الواضحة..داعش كانت تنخر بجسد الأنبار، وتمكّنها يعني مجاورة جند الخليفة لإسوار العاصمة ووجودهم يعني فقدان الأرض والمال وأشياء أخرى ( كالثلاجات مثلاً)..
تركنا هذه الخطر الذي نراه يداهمنا وتجادلنا في (المليار) المفترض؛ هل سيكون من حصة موازنة المحافظة أم هو منحة؟! وهل الزي الذي يرتديه المقاتل الأنباري عسكري أم مدني؟!
نعم، الجميع له شكوكه المقبولة والتي تفرضها معطيات ميدانية، لكنّ ألم تستطع دماء جماعة الهايس أنّ تبدد جزءاً من تلك الشكوك؟ مذابح نُصبت لـ(البو نمر) وغيرهم, كان يمكن تحويلها إلى ثكنات صمود تدافع عن بغداد قبل الأنبار.
لا فائدة من الندب على فجائعنا, أو اللوم على الحمقى؛ لكنّ من جملة الإعتراضات التي سُجلت على (المليار) إنه سيذهب من نفط البصرة, فهل حرب إستعادة الأنبار مجانية؟ ومن أي مالٍ ستدفع؟!..
عدنا إلى ذات الحلّ, غير إنّ الصيغة مختلفة نوعاً ما, مع مضاعفة حجم خسائرنا بضعة مرات!..هنا يظهر الفرق بين السياسي و (السيّاسي)؛ فالأول يرى بعيداً ويحاول الخروج بأقل الخسائر, قد نتألم, لكنّه يجنبّنا الفجائع؛ بينما الثاني يكذب لدرجة إنه يصف الكارثة بـ”فقاعة”..!