لا يختلف أثنان على إن محافظة الأنبار؛ ذات مساحة واسعة وصحراوية وتضاريس معقدة، وتربط عدة محافظات ودولتين مهمتين للواقع العراقي، سوريا والأردن وهاتان الدولتان مختلفتان تماماً، أحداها سوريا التي تحارب الإرهاب والأخرى ممر أمن للإرهاب، وهذا الأمر قد أصبح من الأمور المعقدة؛ الذي أصبح يزداد تعقيداً يوماً بعد أخر.
محافظة الأنبار منذ 2003 لم يستقر فيها الوضع الأمني إطلاقاً، ولم يتوقف فيها الشد الطائفي ومعاداتها للحكومة المركزية، كون قرارها قرار خارجي يحمل في طياته أجندة؛ لها إمتداد بحكومات ومخابرات عالمية، وهذه حقيقة ولا يمكن نكرانها على الإطلاق، ولذلك نرى معظم ساسة الأنبار لهم إرتباط بحكومات دولية وإقليمية، ولهم مساحة تأثير واسعة بالقرارات الدولية.
هذه المساحة التي يحضون فيها شيوخ؛ وساسة الأنبار في الحكومات الغربية والعربية، هي التي جعلت ابناء الأنبار بين فكين الإرهاب الداعشي، ومصالح الحكومات الخارجية، التي تريد أن تجعل هذه المساحة موطئ قدم لتمرير سياسات، أكل عليها الزمن وشرب، والتحرك بهذه الأرض الرخوة وملئ الأدمغة الموبوءة بمرض الأفكار الطائفية والقومية.
شعب الأنبار أحد طلاسم بعد الألفية الثانية؛ لا نفهم أين رأسهم وأرجلهم وبقية أعضاء الجسم الأنباري، الذي أصبح فاقد للمناعة لا يقوى على معالجة الأورام، التي أنتجتها الزرق الطائفي والترهيب من المد الصفوي والفكر الخارجي، وأصبح لا يميز بين المخططات الإرهابية والإشاعات الإعلامية، التي أخرجتهم من بيوتهم وتركوا اسلحتهم وممتلكاتهم خلفهم.
مجلس المحافظة يتبع أجندة معينه، والمحافظ يتبع أجندة معينة، واللجنة الأمنية في مجلس محافظة تتبع أجندة معينة، ومعظم شيوخ العشائر أيضاً منقسمين بعضهم يتبع حكومات أوربية، كما رأينا إستقبالهم بالأحضان في البيت الأبيض الأمريكي؛ وبعضهم الأخر يتبع حكومات عربية، وبهذا الأمر لابد من قراءة هذه الأمور قرائه واقعية، ونظرة واسعة وذات أفق مستقبلي.
هذه القراءة الدقيقة والواقعية؛ التي قرأت على مسامعنا منذ إنطلاق شرارة المظاهرات في الأنبار، وجاءت في مبادرة السيد عمار الحكيم تحت شعار( أنبارنا الصامدة)، موضحاً فيها إن الخطر بات يداهم بغداد والمحافظات المجاورة، ولابد من المتصديين أن ياخذوا دورهم الحقيقي، والتصدي لهذا المد الخارجي.
إن هذه المبادرة لا تروق لأصحاب الزهو السياسي وغرور الكرسي؛ الذي أعمى بصرهم وبصيرتهم وجعلوا هذه المبادرة عار ومنقصه، ووجهوا صخبهم الإعلامي لإخذ الراي العام بعيداً عنها، وقد فاجئنا الإعلام العراقي الرسمي اليوم برفع شعار” أنبارنا صامدة”، بعد سقوط المحافظة بيد داعش وراح ضحيتها من أبنائنا المئات، وتخريب البنية التحتية وتهجير أهلها، حتى أصبح الخطر يداهم محافظاتنا الأمنة.