23 ديسمبر، 2024 10:06 ص

أنا و المتنبّي .!

أنا و المتنبّي .!

آثرتُ يومَ امسٍ ” الجمعة ” بعيادة شارع شيخ الشعراء ” ابو الطيب المتنبي ” , وهذه الزيارة قد لا تنفع عنواناً ولا موضوعاً لمقالة ! فآلاف الناسِ يحجّون الى هذا الشارع الثقافي كلّ يوم جمعة ” عدا الأيام الأخريات ” , لكنّ زيارتي شبه الميمونة قد رصدت وسجّلت بضعةُ ملاحظاتٍ لم تكُ بهذه الوفرة ” نوعياً وكمياً ” فينا مضى .!
لابدَّ من القول ” اولاً ” أنَّ المرور وعبور ” سوق السراي ” كان اقرب الى مرورٍ و ولوجٍ في شبكةٍ اسلاكٍ شائكة ومتشابكة جرّاء إزدحام المارّة والمشاة بالإضافة الى أنّ اصحاب محلات القرطاسية قد ” وسّعوا و تمددوا ” في معروضاتهم وطاولاتهم وقضموا من الممر المخصص للسير .! وكان ذلك شرٌّ لابدّ منه .
وفي جولتي الميدانيةِ هذه ” والتي لم تستغرق سوى ساعةً ونيف ” لاحظتُ ورصدتُ انخفاضاً بارزاً وملحوظاً في اعداد الكتب الدينية , قياساً لما مضى من الشهور او اكثر من ذلك , وهذا أمرٌ له دلالاته والتي لسنا بصددها الآن ! سوى القول انها لم تعد تشكلّ مورداً ربحياً لأصحاب المكتبات وباعة البسطات . والى ذلك فكانت اعداد الناس او زوار المتنبي وخصوصاً من ” بنات وحفيدات حوّاء ” أمراً ملفتاً للنظر بأيجابيةٍ ما , وكأنّ البلد يعيش اقصى درجات استقراره ولا وجود لداعش ومرادفاتها .! كما يمكن تفسير الأمر بفقدان وسائل اللهو وقضاء الوقت مما يحفزّ نحو اللجوء لهذا الشارع الثقافي والأستعراضي ايضاً , دونما تقليلٍ وعلى الأطلاق من اهتمامات الناس والمثقفين لإقتناء الكتب الحديثة والقديمة ومواصلة الإطلاع والقراءة .  لفتَ نظري كذلك , قلّة ومحدودية الكتب العسكرية ” بنحوٍ بارز” ذات العلاقة بمعارك الحرب العراقية – الأيرانية وكلا حربي الخليج الأولى والثانية , بالإضافة الى كتب مذكرات القادة العسكريين , والأمر موصول بكتب الحروب العربية – الأسرائيلية والتي ما برحت دور النشر والمكتبات العربية تعرض وتصدر عنها ما هو جديد .
الأمرُ الآخر والأكثر اهمية هو انعدام او شبه انعدام ” السوق المكتبية ” في شارع المتنبي او سواه , من الكتب التي تصدر في بيروت وعمّان والقاهرة وخصوصاً في المجالات السياسية وسواها , ولعلَّ افضل مثالٍ اضربهُ بهدوءٍ هو < مكتبة انطوان > في بيروت والتي تضمّ من الكتبِ ” نوعياً ” ما يفوق ما تحتويه مكتبات شارع المتنبي .
ومما يؤسف على استمراريته هو الطريقة المتخلّفة في عرض الكتب على الأرض وبمستوى احذية الناس وبما يتجمع عليها من الغبار والأتربة , وخصوصا البسطات التي تعرض الكتب المتكدسة فوق بعضها بطريقةٍ غير هندسية او عشوائية , وهو ما يضطّر الكثيرين لجلوس القرفصاء للكشفِ عن الكتب المغطاة بكتبٍ اخرى او مقلوبة .! ومما يثير الغرابة في هذا ليس مسألة الذوق واحترام الكتاب والقارئ فحسب , إنما غياب ذلك كلياً عن وزارة الثقافة واهمية تدخلها في هذا الشأن .
لم تكن ما دوّنته من ملاحظاتٍ اعلاه بكافيةٍ عمّا من المفترض الإشارة اليه , وبعض اسبابِ ذلك يعود الى ضيق المساحة المخصصة للكتابة هنا فضلاً عن ضيق عامل الوقت الضاغط .