22 ديسمبر، 2024 8:56 م

ـ مشكلتي مع رؤساء الدولة بدأت منذ نعومة أظافري.. ففي أول تظاهرة شاركتُ بها ضد العدوان الثلاثي على مصر العام 1956 وأنا أهتف (تسقط حكومة نوري السعيد الخائنة).. والتقانا نوري السعيد في معتقلنا يومً اعتقالنا (نحن الفتية.. وأطلق سراحنا).. ثم تكررت الحالة في الذكرى الأولى لثورة 14 تموز 1958.. وأنا أشارك في خط شعارات بإسقاط حكم عبد الكريم قاسم على جدران الإعدادية المركزية.. واقتادنا الانضباط العسكري الى وزارة الدفاع القريبة من هذه المدرسة.. ليلتقينا عبد الكريم قاسم نحن الشباب الخمسة بعمر الورد.. ودعانا الى إكمال دراستنا أولاً.. (ثم اعملوا في السياسة حتى لو كنتم معارضين للحكومة).. وأطلق سراحنا أيضاً بذات اليوم.. كان للواقعة الثانية أثر في إنضاجٌ تفكيري من خلال حوار قاسم معنا.. إن لم أقل تغيير في فكري السياسي.. لكننا جميعاً لم نأخذ بنصيحته في التفرغ للدراسة أولاً ..
ـ وأعدتُ التفكير من جديد في نشاطي السياسي.. معززاً بإيمانٍ بقضايا شعبي.. لأسجن سياسياً ثلاث سنوات في تموز 1962.. خرجتُ من السجن في أواخر عهد عبد السلام عارف.. أكثر عمقاً في فكري السياسي.. لكنني قررت إكمال دراستي.. والعمل بجد لتوفير مستلزمات حياتي ودراستي أولاً ..
ـ بدأت الصعوبات العام 1976 فقد أخذت مساحة الحرية الفكرية والسياسية في بلادي تتقلص بشكل كبير.. ولم يعد هناك سوى نشاط فكر واحد.. وأي نشاط سياسي غيره يعتبر خيانة عظمى.. فأطبقت فمي.. وأغلقت مخي في السياسة.. على الرغم من إنني أحمل شهادة عليا في العلوم السياسية.. وليً آنذاك.. مؤلفات وبحوث ودراسات علمية في هذا المجال الفكري والسياسي ..
ـ المهم في أواخر العام 1977 أعلنت وزارة الثقافة والإعلام عن حاجتها لمستشارين صحفيين للعمل في سفاراتنا ومراكزنا الثقافية خارج العراق.. فقدمتُ طلباً رسمياً.. حيث كنتُ آنذاك مديراً في مؤسسة الثقافة العمالية.. وحاصل على شهادة الدكتوراه بامتياز في العلوم السياسية.. وليً خبرة صحفية وإعلامية تزيد عن عشر سنوات.. وكنتُ الوحيد المتقدم لهذه الوظيفة من خارج وزارة الثقافة والإعلام ..
ـ بعد مقابلةً قبلتُ مستشاراً صحفياً.. وصدرت أوامر تعين عديدة لهذه الوظيفة.. ولم يصدر أمر تعيني.. راجعتُ مدير عام الشؤون الإدارية في الوزارة عدة مرات دون جدوى.. أخيراً قال ليً ننتظر موافقة رئاسة الجمهورية.. لم يكن أمامي سوى تقديم طلب الى رئاسة الجمهورية.. وفعلاً اتصلوا بيً هاتفياً.. وعندما حضرتُ وجدتُ نفسي أمام السيد النائب (صدام).. شرحتُ له حالتي.. لم تمر دقائق حتى قدموا له اضبارتي.. اطلعً عليها.. وأنا أقف أمامه.. وشاهدتُ أمر تعيني (مستشاراً صحفياً في هولندا).. لكن الأمر غير موقع بعد.. كتبً النائب عليه ينسب الى السودان.. وهكذا انعكست شكوايً عليً .. من هولندا (البلد الأوربي الجميل.. الى السودان البلد العربي الأفريقي المتخلف) ..