19 ديسمبر، 2024 12:59 ص

أنا واحدٌ من المُتشككينْ

أنا واحدٌ من المُتشككينْ

متى مَاخرجت في بغداد تظاهرات الناشطين مطالبة بمسائلة ومحاكمة المالكي،آنذاك ستجدون كل المتشككين بكم وبمصداقية تظاهراتكم سيقفون معكم،وأنا واحد من المتشككين .

لأن المالكي يتحمل بشكل رئيسي ماحصل ويحصل وسيحصل للعراق من كوارث وهزائم وجرائم وتهجير وتدمير وسرقات وهدر لحياة ومستقبل العراقيين.

ويكفي جريمة قرار انسحاب الجيش من الموصل لتصبح المدينة بنتيجتها غنيمة سهلة تحت سلطة دولة الخلافة ومانتج عن ذلك من كوارث،مازال العراق يدفع ثمنها باهظا من دم ابنائه،وتكفي هذه الجريمة لوحدها لأنْ يوضع المالكي تحت المسائلة والحساب والتجريم باعتباره المسؤول الاول انذاك عن الحكومة و الجيش والشرطة والمخابرا،فمحاسبته ستضع كل الفاسدين وجها لوجه امام العدالة.

من هنا فإن الهتاف بغير هذا المطلب،يبقى مشكوكا بأمره ودوافعه ونتائجه.

فالمظاهرات التي خرجت عام 2013 مطالبة بزيادة حصة العدس أو التي خرجتم بها يوم الجمعة 30 / 7 / 2015 مطالبين من خلالها بتحسين الكهرباء ماهي إلا فرصة ثمينة تمنحونها للساسة المتورطين ــ سواء تدركون ذلك أم لاتدركون ـــ للتغطية على كل المصائب الكبيرة التي وقعت على رؤوس الناس طيلة الاعوام العشرة الماضية..

هذه التظاهرات بما ترفعه من شعارات تطالب بتوفير الماء والكهرباء والعدس ــ على الرغم من اهميتها في حياة الانسان في الظروف الطبيعية ــ

إلاأنها في هذا التوقيت وفي مثل هذا الظرف العراقي التراجيدي تصبح جزءاً من عملية النصب والاحتيال التي تمارس على المواطن من قبل المسؤولين عن محنته،وهي تهدف في المحصلة النهائية الى خداع المواطن وتخديره وتظليله،والأخذ به الى مسار بعيد عن المسار الذي ينبغي أنْ يمضي به ليواجه القضايا الكبرى التي تخص مستقبله ومستقبل وطنه،خلاصا من محنته وعذاباته التي لايمكن اختصارها وتقزيمها بالكهرباء والعدس.

لن تكون نتيجة هذه التظاهرات بهذه الشعارات والاهداف إلاّ أنّ يدخل المواطن في حالة من الغيبوبة التامة،منفصلا بذلك عن وعيه وإدراكه لِما هو عليه من حال بائس وبلوى كبيرة.

وماشعوره بالنشوة والرضى عن نفسه وهويشارك بهذه التظاهرات إلاّ حالة من حالات هذه الغيبوبة التي يتوهم فيها وكأنه يمارس دوره الوطني الديموقراطي في الاحتجاج .

لكن على ماذا يحتج ؟ على ضياع المدن ! على تشريد الملايين ! على الذين يسقطون قتلى يوميا من المدنيين العزل في حرب غامضة لاتعرف نتائجها ! على ميزانية الدولة التي امست فارغة ! على الاموال الطائلة التي يسرقها الساسة والمسؤولون من المال العام !

أم يحتج على تقليص عدد ساعات القطع الكهربائي وزيادة كيلوغرام واحد من العدس في حصته التموينية !

مرَّة أخرى نؤكد بأنَّ مَطلب أيّ تظاهرة مُجرَّداً مِن مَطلب مسائلة المالكي،يبقى مشكوكا بأمره ودوافعه ونتائجه.