يسترسل السيد آية الله السيستاني بالخوض في الحفاظ على حقوق الاخرين وأكثر ما تضمنته الوصايا هو عدم التعرض الى الذين يتواجدون في ساحات القتال والمناطق التي تحاذيها بل ابعد من ذلك انما يذهب في الوثيقة التاريخية الى التقيّد بما ألزمنا به الله تعالى ورسوله الآكرم محمد (ص) وأهل بيته عليهم السلام وقد لاحظنا ان بعض الوصايا ترتبط بشكل مباشر حتى بالقوانين الوضعية التي تحمي حقوق الانسان في العالم وتحافظ على حياته وكرامته وتقيم المساواة بين البشر مهما اختلف لونهم ودينهم واعتقادهم .
من هنا جاء التأكيد الواضح من قبل السيد المرجع على حقوق المخالف المسلم بحرمة دمه وماله وعرضه وكلنا نعلم ان المسلمين طوائف واعتقادات وان كانت تلتقي كلها بشهادة لا اله الا الله ومحمد رسول الله ولكن لا يمكن ان نغمض أعيننا عن تلك الحقائق على الارض ، ولولا هذه التفصيلات والتوجهات التي أوصلت الأمة الاسلامية الى تلك المحورية والتمترس خلف المذهب والاعتقاد لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم من تمزيق وتناحر حتى خرجت الينا هذه الفئات الضالة والتي لبست لباس الدين وتستّرت تحت عباءته لتقتل وتفتك بالمسلمين أنفسهم قبل غيرهم من الديانات والاعتقادات الاخرى لا بل ان هذه التنظيمات الارهابية كالقاعدة وانصار الاسلام وداعش وغيرها لم نجدها أنها تستهدف من أمثال الحركات الصهيونية وغيرها الذين أوغلوا في قتل المسلمين واغتصبوا القدس عنوة بل نراهم يمعنون في قتل وتدمير الشيعة كأحد المكونات االبشرية لأنهم يتبعون لفكر أهل بيت رسول الله (ص) وهذا الامر يحتاج الى التَمعّن والوقوف عنده وعند أخلاق علماء هذه الطائفة كما جاء في وصايا مرجعهم السيد السيستاني التي تنص في فقرتها التاسعة على حقوق
المخالفين ((الله الله في الحرمات كلّها، فإيّاكم والتعرّض لها أو انتهاك شيء منها بلسان أو يد ، واحذروا أخذ امرئ بذنب غيره، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ، ولا تأخذوا بالظنّة وتشبهوه على أنفسكم بالحزم ، فإنّ الحزم احتياط المرء في أمره، والظنة اعتداء على الغير بغير حجّة، ولا يحملّنكم بغض من تكرهونه على تجاوز حرماته كما قال الله سبحانه: (ولا يجرمنّكم شنآن قوم ٍ على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) )) هنا يعمل السيد المرجع على ترسيخ مبادئ مهمة عمل بها الرسول وأهل بيته عليهم السلام في كل الحروب التي خاضوها من اجل الاسلام وهي نقاط ترتبط برحمة الدم والمال والعرض فيضع المقاتلين الذين يجاهدون في سبيل ويدافعون عن الوطن وحماية الدين الاسلامي من الانحراف أمام مسؤولياتهم الحقيقية في كيفية التعامل مع هذا الواقع وان يقاتلوا اولئك الذين خرجوا عن الدين وانحرفوا عن جادة الصواب حيث ينبه الى أمر مهم جدا وهو عدم التصرف بالظنّة كي لا يعتدوا على أحد دون حجة وعدم التعامل مع ذوي هؤلاء أو من يلوذ بهم بالكراهية وهو تثبيت لمبادئ القرآن الكريم على أن العدالة هي أقرب للتقوى وبهذا التوجيه يثبت السيد السيستاني رعاه الله قوة البصيرة والتعامل الانساني الراقي المستمد قيمه من الاسلام المحمدي الصحيح وليس الاسلام الذي يتحدث به هؤلاء الخارجين على الانسانية وعلى القيم الدينية ، كما أنها رسالة واضحة للعالم كله في الكرة الارضية من حولنا على ان الاسلام النقي والمتسامح هو هذا الذي ينشده السيد المرجع في تلك الوصايا المهمة التي يمكن ان نعتبرها منهاجا في مسالك الحروب كما كان ينتهجها الرسول الاكرم (ص) في جميع حروبه خلال دعوته للاسلام.