23 ديسمبر، 2024 3:07 م

أنامل مُقيّدة : لقاء بروكسل المخابراتي

أنامل مُقيّدة : لقاء بروكسل المخابراتي

يبدو ان المخططات السياسية التي تعتمد على العنصر المخابراتي لا يمكن الاستغناء عنها وهي اللعبة الدولية القادرة على تحريك جميع الملفات في أي بقعة من بقاع الارض وخصوصا منطقتنا العربية التي تتفاعل كثيرا مع تلك المنظومات المخابراتية وتعمل على وقع نتائجها وعلى نوعية الاتفاق الذي يمكن أن يتم إبرامه من قبل رجال المخابرات في دول تحاول ان يكون لها موطئ قدم في دولة ما من الدول وربما هناك دول كبرى لها اليد الطولى في أي دولة تكون اراضيها تحت علم الاحتلال .

قد تكون المنطقة الملتهبة الواقعة بين ايران ولبنان والتي تمر في العراق وسوريا امتدادا الى الاراضي التركية هي المحور المهم بالنسبة لدوائر المخابرات في كل من الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل والمملكة العربية السعودية ولذلك كان اللقاء الذي حصل يوم أمس بين رؤساء المنظومات المخابراتية السابقين لتلك الدول في العاصمة البلجيكية بروكسل وثمرة هذا اللقاء تكمن في المناظرة التلفزيونية بين رئيس المخابرات السعودية السابق تركي الفيصل ورئيس المخابرات العسكرية الاسرائيلية السابق عاموس يدلين حيث يتم تناول الكثير من القضايا المهمة في المنطقة العربية فيما يخص الملف السوري والملف النووي الايراني ومن المؤكد هناك مصالح مشتركة بين ادارة هاتين الدولتين اضافة الى اللاعب الاساسي في تلك الملفات وهي الولايات المتحدة الامريكية والنقطة الأهم في المحور الثلاثي هو ما يتعلق بالموقف الامريكي الذي يعتبر محل اعتراض تركي الفيصل خصوصا موقفها من الحوار مع ايران ومعالجة الوضع في سوريا وذات الاعتراض في بعض الاحيان من قبل الاسرائيلي عاموس يدلين لما هو واضح من تعاطي الولايات المتحدة الامريكية في الملف السوري وابتعادها عن العمل العسكري تجاهها وكذلك تقاربها مع ايران في بعض النقاط المشتركة واهمها ما يخص الوضع في العراق فلا تريد كلتا الدولتين الفوضى الامنية في هذا البلد.

اجتماع الثلاثة هذه الايام في بروكسل يعود الى تشتت الوضع المخابراتي في المنطقة المشتعلة من الاردن الى سوريا الى العراق الى لبنان بسبب تفريخ الحركات الجهادية التي لم تعد السيطرة عليها أمرا مسلما بالنسبة الى السعودية وهو ما يدفع الى عدم ضبط الوضع في العراق وسوريا ما تسبب لها بالاخفاق في الكثير من المناطق ،ومعلوم أن الرياض لا تريد هذا الفشل والتهاوي أمام ما حققته في ليبيا ومصر وتونس .

من هذا المنطلق يأتي هذا اللقاء الثلاثي لتنسيق المواقف وانتشال حالة الإحباط السعودي في السيطرة على الملفات الكثيرة التي تورطت بها في العديد من الدول العربية ومنها واهمها الملف العراقي الذي لم تحقق منه أي انجاز يذكر ما دفعها قبل ايام الى اللجوء للجانب الايراني للتفاوض على شراء الملفات التي لها تأثيرها في لبنان والعراق أي أنها عملية مساومة وان كان النجاح الذي تريده في العراق بسيطا على مستوى تنفيذ أجندتها بتغيير رئيس الوزراء القادم وإزاحة المالكي ولو بشخصية من داخل ائتلافه ليكونوا قد حققوا نجاحا هامشيا ، ولا يبتعد كثيرا تنسيق المواقف عن الجانب الاسرائيلي بإبعاد شبح التأثير العسكري لحزب الله الذي يقض مضاجعهم كل حين .

هذا اللقاء التنسيقي بين مخابرات تلك الدول ينبئ بالكثير من المشاكل في المرحلة القادمة خصوصا مع تصاعد عمليات العنف من قبل التنظيمات الارهابية المرتبطة بهم والتي بدأت تتكاثر وتنقسم مثل الاميبيا الى منظمات صغيرة انشطارية تكون اكثر فتكا بالابرياء لشلل تفكيرهم ومحدودية اعتقادهم الديني المغلّف بالجهل وعلى حكومات العراق وسوريا ولبنان ان تكون اكثر حذرا تجاه ما يتم التخطيط له خلف البحار.