9 أبريل، 2024 7:35 م
Search
Close this search box.

أم غافلـــــــــــــــــــــــــــــــــــة

Facebook
Twitter
LinkedIn

بالأمس شرفني الله بزيارة لم تكن متوقعة للمرقدين الشريفين للإمام الحسين واخيه العباس عليهما السلام وكان لي فسحة من الوقت امضيتها جالسة على احدى المدارج الامامية لمرقد حضرة ابي الفضل العباس .
كان الازدحام عظيما جدا فاليوم كان جمعة وايضا بداية ايام العطلة الربيعية للمدارس فكنت ترى حشودا مختلفة من الزائرين منهم من المحافظات العراقية الاخرى الغالية ومنهم عرب ومنهم اجانب وجميعهم مرحب بهم احلوا اهلا وسهلا فزائري المرقدين الشريفين ضيوف كرام لهم كل الأجلال والاحترام.
…………..
بائع صغير يحمل اكياسا للحلوى ينادي عليها للبيع ….. من الفروض ان يكون تلميذا في مدرسة وله الحق في ان يتمتع بالراحة واللهو في ايام العطلة ,ولكن ها هو بائع ينادي لبيع بضاعته التي ربما سيحصل منها على دراهم معدودة لا تكاد تسد الرمق … ان من امثال هذا الطفل كثير ولا تستطيع حتى المصادر الرسمية احصاءهم وسد عوزهم والحيلولة دون انجرارهم الى مالا تحمد عقباه لا سمح الله تعالى وان كان لذوي النفوس الضعيفة اليد الطولي في استغلال البعض لأغراض مشبوه واعمال غير قانونية مشكلين من خلالهم مجموعات مختلفة منها للتسول او النصب او اغراضا اخرى لا اريد ذكرها فهذا يشكل خطرا داهما على المجتمع والوطن.
…………..
أهي…أهي …أهي …التفت يمينا كانت تجلس على المدرج القريب مني طفلة لم تتعدى السابعة او بالأحرى الثامنة نشيجها يفتت القلب وكان سبب بكائها ونشيجها ان امها تركتها في هذا المكان ودخلت المرقد المقدس لإداء مراسيم الزيارة .
حين سألتها عن سبب بكائها ذكرت لي ذلك ..رحت اخفف عنها خوفها وفي نفسي غضب عظيم من أم تترك طفلتها في هذا الزحام ولا تلتفت لبكائها ونشيجها الذي يحزن حتى الذين قلوبهم قاسية كأنها حجر صوان.
أهي …أهي…أهي…استمرت في البكاء كانت عيناها الجميلتين قد تحولتا الى نافورتي مياه رقراق ونشيجها حزين كأنه موسيقى الفارابي الذي ابكى جلسائه في مجلس الامير ولفت نشيجها نساء اخريات فاستفسرنها سبب بكائها واخبرتهم كما اخبرتني فرحن يطمئننها ويخففن حزنها ونهضت من بين الجمع امرأة شابة راحت تحضنها بحنان وامسكت بيدها وحاولت ان تنهضها معها لترافقها للبحث عن تلك الام وكانت الطفلة ترفض وحين سألنها السبب كشفت ذيل عباءتها فإذا هي تضم حذاء امها وهي تجلس مخافة ان تضيعهما كأنها تحرس كنز عظيم …!!!!
مع ذلك رافقت الطفلة المرأة الشابة وبحثت معها هنا وهناك دون جدوى وكانت عيني ترعاهما وقد ثار بي غضب وخوف اما الغضب فكان من تصرف الام التي تركت طفلة في هذا الزحام دون مراعاة لمشاعرها وخوفها لتؤدي مراسم الزيارة واستذكرت السيرة النبوية التي تروي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ادى صلاته قصيرة إذ سمع طفلا يبكي مخافة ان تكون أمه ضمن من يصلون خلفه……….
الطفل الذي بكى فاسرع النبي اداء صلاته كان في بيته وليس خارجه كان بين اهله وليس بين الوفا من البشر كان في مدينته أمنا وبين اهله ولكن ماذا نفعل ازاء غفلة الامهات ,كان عليها ان ترافق طفلتها ولا تتركها بين الخوف والحزن.
بعد وقت غير بالقصير جاءت الام واحتضنت طفلتها وحين رأت دموعها وخوفها احست بتقصيرها وربما انبها ضميرها لكنها اكدت للأخريات انها تركت طفلتها برفقة عماتها فأين كن عنها وهي تمضي الوقت باكية خائفة…؟
لم استطع ان امنع نفسي من ان اكلمها بنبرة غضب ولوم قائلة :-
كيف امكنك ترك الطفلة في هذا الزحام وكيف لم تستمعي الى نشيجها الذي يفتت الصخور.
رأيت عينيها مثبتتين في عيني ولكني لم الحظ بها اعتذار ولم المح سمة للتأسف بل كانتا صلفتين مثبتة نظراتها الغاضبة في عيني كتحد صريح ولوم بمثابة عبارة تريد قولها وهي تتمثل ب(وما شأنك بهذا)….!!!
اقول شأني هو شأن انسان اثاره مشهد مؤلم لطفلة عاشت وقتا عصيبا بين الخوف والحزن سببه أم غافلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب