واحدة من الصحابيات الجليلات التي لم ينصفها التاريخ دفنت آثارها في أقبية الظلمات . أم أيمن الحبشية بركة بنت ثعلبة الحبشية حاضنة النبي محمد ومربيته، و زوجة الصحابي زيد بن حارثة وأم أسامة بن زيد ورثها النبي محمد عن أمه، ثم أعتقها، فبقيت ملازمة له طيلة حياتها. , وُلدَت على الرقِّ فلم يَشعر أحد بها، ولم يعبأ بميلادها إنسان، وعاشَت في مكة وهي بين أهلها مجهولة، لا ينظر المرء إلى سلعة ثمنها دراهِم مَعدودة؛ لذلك لم يَذكر التاريخ يومَها الذي ولدت فيه، والسنَة ، ترَكها تدوِّن تاريخها بيدِها وتصنعه بجهادِها وجَلالِها، و من حسْن طالعها أن اتَّصل حبلُها بحبل النبي محمد صلى الله عليه واله , أن أصبَحت ضِمن ميراثه مِن أبيه عبدالله، سعدت بجواره فكانت له نعم الخادِمُ الصادق، بلغ الرسول مِن عمره المجيد السادسة، ماتَتْ أمُّه بالأبواء بعد قدومها مِن زيارة زوجِها عبدالله المدفون بالمدينة، قامت أم أيمن على حضانتِه , تَحنو عليه حنوَّ الأب والأم معًا، وتَشمُّ فيه ريح الحبيبَين الذاهبَين في أطباق الثَّرى، وكلما مضى عام مِن حياته الخالدة، رأتْ فيه شمسَها الصاحيَة وأملها الباسم، تسير معه تارةً بحسِّها، وطورًا بنفسِها، والرسول يَنتقِل مِن طَور الطفولة إلى طَور الشباب فالرُّجولة وهي معه، حتى إذا بلغ سنَّ الزواج وتزوَّج بخديجَة، زوَّجها عبيدًا بن زيد من بني الحارث بن الخزرج وولدت له أيمن وكنية به ، ثم هاجرت إلى المدينة. ، بعد واقعة فدك شهدت أن رسول الله أعطى فدكا لفاطمة (ع(. , حضرت في غزوة أحد، وكانت تسقي الماء، وتداوي الجرحى، وشهدت خيبر مع رسول الله (ص)، توفيّت في أوّل حكم عثمان حكاه ابن سعد في الطبقات الكبرى عن محمد بن عمر الواقدي، وفي الإصابة عن الزهري أنّها توفيت بعد رسول الله بخمسة أشهر وذلك سنة 11 قال: ويعارضه حديث طارق أنّها كانت حية بعد ما قتل عمر.كان رسول الله يقول : أم أيمن أمي بعد أمي ، ويقول : هذه بقية أهل بيتي ، وكان يزورها. وقال لها ” جده عبد المطلب ” : يا بركة ، لا تغفلي عن ابني ، فإني وجدته مع غلمان قريب من السدرة ، وأن أهل الكتاب يزعمون أنه نبي هذه الامة [ وكل من ترجم للصحابة من أهل المعاجم أثنوا عليها بامتيازها في الدين والعقل وحسن السيرة،. وأم أيمن هي التي استشهدت بها فاطمة عليها السلام في أمر فدك فشهدت لها. روى أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة بسنده إن فاطمة أتت أبا بكر فقالت إن رسول الله أعطاني فدكا. فقال لها: هل لك على هذا بينة؟ فجاءت بعلي عليه السلام فشهد لها، ثم جاءت أم أيمن فقالت: أ لستما تشهدان (تعني ابا بكر وعمر) أني من أهل الجنة قالا بلى قالت: فانا أشهد أن رسول الله أعطاها فدكا. فقال أبو بكر فرجل آخر أو امرأة أخرى لتستحقي بها القضية وجاء في خبر وفاة الزهراء (ع): أنها لما مرضت، دعت أم أيمن ,وأسماء بنت عميس وعلي عليه السلام فهي حضرت وفاة فاطمة الزهراء(ع .كنيتها التي اشتهرت بها هي أم أيمن، وتُكنى أيضًا بـ “أم الظباء”، ومن ألقابها” مولاة رسول الله و”حاضنة رسول الله”، و”أمة رسول الله”. ولدت أم أيمن في الحبشة، فهي حبشية، غنمتها قريش مع من جاؤوا يريدون هدم البيت. فأصبحت مولاة لعبد الله عبد المطلب، وعاشت في مكة. أسلمت أم أيمن أول الإسلام وقيل أسلمت أم أيمن مبكرًا بعد خديجة وعلي وزيد ,هاجرت أم أيمن مع المسلمين الذين هاجروا الى الحبشة وهاجرت الى المدينة مع عائشة وباقي أهل رسول الله , حيث بعث النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم من يأتي بهمً خرجت أم أيمن يوم أحد لسقاية الماء، ومداواة الجرحى، ولما رأت فرار الرجال في المعركة، كانت تحثو التراب في وجوه الذين فروا، وتقول لبعضهم هاك المغزل وهات سيفك، ودافعت عن النبي محمد بالسيف لما رأت الناس تفر من حوله ثم اتجهت نحو رسول الله تستطلع أخباره حتى اطمأنت على سلامته فاطمأن قلبها. وبينما كانت هناك إذ بسهم حبان بن العرقة يصيبها، فانكشف عنها، فضحك ضحكًا شديدًا، فشق ذلك على رسول الله ، فناول سعد بن أبي الوقاص سهمًا لا نصل له، وقال له: ارم. فأصاب السهم نقرة حبان فوقع مستلقيًا، وبدت عورته، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه، وقال: استقاد لها سعد أجاب الله دعوتك وسدد رميتك . شهدت أم أيمن مع ابنها يوم حنين، وهنالك كادت الهزيمة تلحق بالمسلمين، ففر بعض الصحابة لهول الموقف، وقد صور الله شدة الموقف لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ، إلا أنَّ أم أيمن بقيت ثابتة هي وابنها في جوار رسول الله، وظل أيمن يقاتل حتى استشهد في تلك الواقعة. وفي تلك الواقعة نادت بالمسلمين (وكانت عسراء اللسان): سبت الله أقدامكم (تقصد ثبت)، فقال لها النبي: اسكتي يا أم أيمن، فإنك عسراء اللسان. توفي زوجها الأول عبيد بن الحارث وحين توفي النبي محمد رثته أم أيمن، قائلة:
شفاء فأكثري من البكاء .. عين جودي فإن بذلك للدمع
ميتا كان ذاك كل البلاء .. حين قالوا الرسول أمسى فقيدا
ومن خصه بوحي السماء …. وابكيا خير من رزئناه في الدنيا
كانت أم أيمن صلبة الإيمان ثابتة العقيدة دافعت عن الإسلام بكل ما تملك ولم تدخر شيئاً في سبيل الدعوة فقدمت ولدها وفلذة كبدها شهيداً بين يدي رسول الله في حنين. في ذلك اليوم الذي زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر كما يعبر عنه القرآن الكريم لهول المعركة، وشدة اشتباك الفريقين، ثبت أيمن بن عبيد ــ ابن أم أيمن ــ مع رسول الله وهو من ضمن عشرة أشخاص كلهم من بني هاشم حتى مضى شهيداً في سبيل الله، عليه رضوان الله. فشهد الله له بالإيمان ووصفه مع من بقيَ مع النبي وعلى رأسهم أمير المؤمنين (ع) بالمؤمنين في قوله عز وجل: ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين… والذين وصفهم الله تعالى بالمؤمنين هم من ثبتوا مع النبي وكانوا عشرة رجال فقط ! وانهزم الباقون ! كانوا تسعة من بني هاشم, وأيمن ابن أم أيمن والذي يعد منهم لأن أمه هي مملوكة لرسول الله (ص) والذين ثبتوا في ذلك اليوم هم:
علي بن أبي طالب (ع) وكان يضرب بين يدي رسول الله (ص) بالسيف حتى قتل أربعين رجلاً.
والعباس بن عبد المطلب عن يمينه وهو ممسك بلجام البغلة.
والفضل بن العباس عن يساره.
وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ممسك بسرجه عند بغلته.
ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
وربيعة بن الحارث.
وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب.
وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب حوله.
وأيمن بن أم أيمن، الذي استشهد في هذه المعركة.
وكغيرها من أوائل المؤمنين والمؤمنات ، لاقت العذاب والأذى من قريش بسبب إسلامها ، ، بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخذت أعمالها تزداد فى التألق وخصوصا فى مجال الجهاد والصبر والجود. ومن مواقفها العظيمة المشهود بها ، بالتضحية والفداء والعمل على رفعة الإسلام وتوطيد أركانه كما انها راوية للحديث الشريف ، فقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أحاديث ، وروى عنها أنس بن مالك ، وحنش بن عبد الله الصنعاني ، وأبو يزيد المدني. ومن مروياتها ما ذكره حنش بن عبد الله عن أم أيمن أنها غربلت دقيقا فصنعته للنبي صلى الله عليه وسلم رغيفا فقال: “ما هذا ؟”. فقالت: طعام يصنع هاهنا فأحببت أن أصنع لك منه رغيفا فقال: “رديه فيه ثم اعجنيه”. اختلف في وفاتها، فقد قال ابن كثيرتوفيت بعد النبي بخمسة أشهر، وقيل ستة أشهر، وقيل إنها بقيت بعد قتل عمر بن الخطاب وهو قول الذهبي في سير أعلام النبلاء وجاء في مستدرك الحاكم : «توفيت أم أيمن مولاة رسول الله وحاضنته في أول خلافة عثمان بن عفان وصُلِّيَ عليها ودفنت بالبقيع رحمهما الله. رضي الله عن أم أيمن وأرضاها ، وأسكنها فسيح جناته ، وسقاها من رحيق مختوم ختامه مسك.
المصادر
راجع : بحار الاَنوار : ج ۱۷ ص ۳۷۸ و ج ۲۱ ص ۲۳ وج ۳۳ ص ٤۷٤ ، سفينة البحار للقمّي : ج ۲ ص ۳٥۱ ، نهج البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام ، تحقيق الدكتور صبحي الصالح : ص ٤۱۷ كتاب رقم : ٤٥ ، معجم البلدان راجع : تهذيب التهذيب لابن حجر : ج ۱۲ ص ٤٥۹ ، أعلام النساء : ج ۱ ص ۱۲۷ ، سفينة البحار : ج ۲ ص ۷۳٦ ، الاختصاص للمفيد : ص ۱۸٤ ، تنقيح المقال للمام قاني : ج ۳ ص ۷۰ فصل النساء .
) جاء في كنز العمال : ج ۱۲ ص ۱٤٦ ح ۳٤٤۱٦ ، من سرّه أن يتزوّج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن ، ۳٤٤۱۷ عنه صلى الله عليه واله : أم أيمن أمي بعد أمي) . سورة الروم : الآية ۳۸ ( روى السيوطي في الدر المنثور : ج ٥ ص ۲۷۳ في تفسير قوله تعالى : ( فآت ذا القربى حقّه ) قال : أخرج البزّاز ، وأبو يعلى وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة عليها السلام فأعطاها فدكاً . وأخرج نحوه عن ابن مردويه عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ قال : لما نزلت : ( فآت ذا