18 ديسمبر، 2024 7:03 م

أميطوا اللثام عن لغز صقر بغداد

أميطوا اللثام عن لغز صقر بغداد

صقر بغداد هذا المشروع العجيب والذي شابته رائحة الفساد والشك والريبة من أول خطواته ولحد الآن حيث تتلخص فكرته كما معلوم على وضع شريحة لاصقة صغيرة في الزجاج الأمامي للعجلة وتتضمن فيها معلومات كاملة عنها ، على ان تظهر من خلال جهاز في كل سيطرة موزعة في العاصمة, ومقابل ذلك يُستوفى من المواطن البغدادي صاحب السيارة مبلغاً وقدره 15 ألف دينار بشكل إجباري ولأجل ذلك تم التعاقد مع شركة أرض الخطوة الاولى بطريقة الاستثمار لتنفيذ هذا المشروع المريب وسرعان ماحدث تلكؤ كبير في عمل الشركة وتوقف المشروع لأشهر طويلة وبعدها عاد للساحة بحلَة جديدة وبدأ العمل باستحصال الأموال من المواطنين وبغطاء حكومي متكامل حيث أن عناصر صقر بغداد كانوا يمارسون عملهم في سيطرات العاصمة وبحمايتها فقاموا بجمع الاستمارات والمستمسكات الخاصة بكل عجلة وكان آخر موعد لاستلام هذه المستمسكات هو الأول من نيسان للعام الحالي, وها نحن جاوزنا ثلاثة أشهر على الموعد ونحن نسمع جعجةً ولانرى طحيناً.
ما أريد قوله هنا بأن هذا المشروع وحسب ماتم الاعلان عنه بانه سيكون باكورة تعاون بين عدة جهات وهي وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد ومحافظة بغداد ومجلس محافظة بغداد ومديرية المرور العامة ولجنة الأمن والدفاع النيابية والشركة المنفذة لتحقيق هدف منشود وهو المساعدة في استتباب الأمن في العاصمة بغداد, ولنأخذ بالتفصيل موقف كل طرف من هؤلاء الأطراف على حدة فوزارة الداخلية أعلنت موقفها الرسمي على لسان وزيرها الغبّان عن عدم أخذ رأيها في المشروع ، مؤكدة عدم وجود سند قانوني للمشروع، وفيما تساءلت اين تذهب الاموال التي تجبى من المواطنين، دعت الى مساءلة الجهات المسؤولة عن المشروع واتهمت الداخلية علناً الشركة المنفذة ومحافظة بغداد وقيادة عمليات بغداد بأنها جهات مستفيدة وتساءلت عن سبب الإصرار على التعاقد مع شركة أثبتت فشلها وفسادها خلال تعاقدها مع وزارة التعليم العالي, وهذا يعني أن الداخلية تخلت عن المشروع بل وشككت به بشكل رسمي, أما مجلس محافظة بغداد فقد أتهم العديد من أعضاءه المشروع ولمحوا الى احتمال وجود شبهات فساد فيه, أما لجنة الأمن والدفاع النيابية فقد كانت رافضة تماماً لهذا المشروع من البدأ واتهمت علناً القائمين عليه بالفساد وترجمت هذا الموقف بشكل عملي من خلال تشكيل لجنة تحقيقية بالموضوع وأحالته الى النزاهة,أما بالنسبة لموقف الشارع البغدادي فقد رصدنا رفضاً واستيائاً كبيرين من المواطنين وتساؤلات كبيرة عن مصير المبالغ التي تم جبايتها والتي تقدر بأكثر من عشرين مليار دينار.وكان موقف مديرية المرور العامة انها استغربت وانتقدت استبعادها من المشروع وعدم أخذ رأيها حوله بالرغم من انها هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن قاعدة البيانات الخاصة بجميع انواع العجلات الموجودة في البلد.
أما جبهة المدافعين عن المشروع فاقتصرت على محافظة بغداد وقيادة عمليات بغداد، حيث دافعت الأخيرة عن المشروع مؤكدة انه ساهم في تقليل الخروقات الامنية وانه من الخطأ ايقافه بالرغم من تخليها رسمياً عن المشروع قبل فترة قليلة وقيامها بايقافه دون ذكر مصير الأموال التي تم جبايتها من المواطن وهذا تناقض كبير في الموقف, وكان محافظ بغداد التميمي هو أكثر المدافعين والمتحمسين عن المشروع وشارحاً لمزاياه الكثيرة ومنتقداً جميع الاطراف التي حاربته وحاولت افشاله والغريب في دفاعه هو تأكيده بأن المحافظة لم تقم بدفع أي مبلغ على المشروع, وهنا نوجه سؤال الى محافظنا(هل ان الأموال التي تمت جبايتها بطريقة قسرية من المواطنين هي أموال حرام؟ ويجب ان لانتابع مصيرها ولانتحسر عليها ولنجعل المواطن يضرب رأسه بأقرب حائط). ونتسائل لماذا السكوت من قبل الحكومة على هذا الكم الهائل من الشبهات والتناقضات الذي رافق هذا المشروع منذ خطواته الاولى ولحد الآن وكيف تم السماح بتنفيذ مشروع يفتقر الى أبسط المقومات القانونية وكيف تم السماح بجباية الأموال من المواطنين وبمساعدة قيادة عمليات بغداد دون وجود أي تشريع أو سند قانوني يسمح بذلك؟
ننتظر اجابات عن هذه التساؤلات ونتأمل موقفاً حكومياً حازماً يميط اللثام عن الغموض الكبير في هذا المشروع العجيب والذي أزكم أنوفنا برائحة فساده قبل أن يبدأ.