ما يجري في العراق من كوارث لم تكن وليدة الحاضر بل حال مخطط له قبل الاحتلال ومن زمن بعيد خططت له وتنفذه دول الاستعمار الغربي وعلى رأسها اميركا وبالاتفاق مع اسرائيل وايران والرجعبة العربية المتمثلة في حكومات دول الخليج ومن استعانت بهم اميركا من حكام دول المنطقة مثل النظام المصري بقيادة حسني مبارك وغيره من هم على شاكلته . هناك مبدأ للأستعمار الغربي تجاه الدول العربية , وهو من غير المسموح لهذه الدول أن تتطور بشكل صحيح وتواكب ما يجري في العالم في هذا الجانب وبالاخص من يكون مُجدّاً في دعوى الاستقلال ومحاربة اسرائيل والصهيونية . لستُ بصدد الاشادة بنظام عربي معين لكن باب ذكر الحقائق والامور التي يدفع اميركا واسرائيل ومن تستعين بهم لخلق وتكوين انظمة تعمل وتنفذ المضامين والتوجهات الاستعمارية وخلق منطقة نفوذ مضمونة لهذه الدول ’ العراق يشكل مشكلة لها . منذ سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى والى اليوم . تاريخ العلاقة بين الشعب العراقي والحكومات العراقية المتعاقبة من جهة وبريطانيا الدولة الاستعمارية من جهة اخرى ’ كانت ثورة العشرين التي هزت عرش بريطانيا والمشاكل المتفاقمة نتيجة مقتل غازي ثاني ملوك العراق في حادث غامض يشير الى مسؤولية بريطانيا فيه وما ادى من تداعيات بينها وبين الحكومات العراقية المتعاقبة التي ادت الى ثورة مايس عام 1941 بقيادة رئيس الوزراء العراقي انذاك رشيد عالي الكيلاني .
وآخرها القضاء على الحكم الملكي في العراق بسبب توجهاته نحو التعاون وتعزيز العلاقة مع الاميركان والابتعاد تدريجياً عن الهيمنة البريطانية وكذلك الحرج الذي كانت تواجهه بريطانيا المنتمية الى حلف بغداد نتيجة معاداة الشعب وحكومات العراق لأسرائيل , مثل دور العراق المشرّف في حرب 1948 بين العرب واليهود العنصريين المتطرفين الصهاينة المدعومين من قبل بريطانيا في تأسيس كيانهم المسخ على حساب سلامة وكرامة وامن الشعب الفلسطيني الذي عانى من القتل والتدمير والازاحة السكانية والتغير الديمغرافي في دولة فلسطين , فكانت المأساة التي لا تزال قائمة الى يومنا هذا , كوارث مستمرة يساهم بها عدد من الحكام العرب احياناً . ما يجري في العراق اليوم نفس الحال معاد ولكن بوسائل اقسى وأَمَر , مآسي الشعوب العربية حالة واحدة ومصالح واهداف الدول الاستعمارية الطامعة حالة واحدة ايضاً , التاريخ يقول ذلك والحاضر يثبته بشكل جلي و واضح , حال الجزائر يشهد وحال فلسطين والعراق وسوريا واليمن ولبنان ومصر وغيرها من الدول العربية . الصراع المصري الفرنسي الانكليزي ايام محمدعلي باشا والعدوان الثلاثي على مصر وحرب عام 1967 والعدوان الفرنسي على تونس وما حدث في ميناء ( بنزرت ) التونسي , اتفاق ايران وبريطانيا للتآمر على الشيخ خزعل وقتله والاستيلاء على عرب ستان وضمها الى ايران . المهم هناك اسباب تدفع المستعمرين كونهم سرّاق ومجرمين لأذية الشعوب العربية لما تستمتع به من خيرات وثروات ومواقع استراتيجية متميزة .
دوافع الاحتلال الاميركي الاسرائيلي الايراني للعراق هي نفس العوامل التي ذكرناها . لستُ هنا بصدد الاشادة بنظام عربي معيين بل ذكر حقائق تدخل ظمن معادلة الصراع العربي الاستعماري الصهيوني . عدد من الاحزاب والمنظمات العربية كانت لها مساهمات في حالة الصراع العربي الصهيوني منذ عام 41 ضمن مبدأ التوجه العام للحكومات العراقية المتعاقبة التي تتماشى ورغبة ومشاعر وعقيدة الشعب العراقي في مقارعة المستعمرين والصهاينة ومساهماته القومية في كل حروب الامة العربية مع اسرائيل وغير اسرائيل ومواقفه السياسية ودعمه المالي والعسكري لكافة الدول تنفيذاً لرغبات جماهير الشعب العراقي في دعم الدور والجهد العربي في مقارعة المستعمرين والصهاينة ’ على سبيل المثال لا الحصر دوره المشرّف في حرب 1973 مع العدو الاسرائيلي ودفاعه عن سوريا بالرغم من الخلاف العقائدي والمبدأي وانعدام المصالح والمشاكل التي كان يثيرها النظام السوري بقيادة حافظ الاسد تجاه نظام وشعب العراق انذاك .
كذلك التطور الكبير والسريع الذي حدث في العراق على كافة المجالات العلمية والثقافية وبناء البنية التحتية والتطور في المجال الاقتصادي والعسكري والصناعي والزراعي , امور اثارت ودفعت المستعمرين لأحتلال العراق وتدميره , في آخر احصائية قبل الاحتلال بلغ مجموع علماء العراق في كافة المجالات من حملة شهادة الماجستير والدكتوراه 450 ألف عالم مقارنة بعدد سكان العراق البالغ انذاك 30 مليون نسمة , اثار هذا الحال حفيضة وغيض وخوف اعداء العراق والعرب من مستعمرين وصهاينة .
ما يعيشه العراق من حال تدميري كارثي مخطط له منذ زمن بعيد قام المحتل الامريكي المجرم بصنعها قبل الاحتلال مثل خطوط الطول والعرض ومنع الطيران فوق مناطق معينة والعلاقة الكردية الاميركية الاسرائيلية وعلاقة اميركا مع ايران والاحزاب الشيعية الموالية لها والمصنوعة من قبلها , الطائفية والعنصرية القومية والتناحر الديني والمناطقي , ثقافة سياسية اجتماعية كانت تعمل عليها وتنميها كل من اميركا واسرائيل وايران والدول المتعاونة معهم , ترسخت هذه الامور بعد الاحتلال بشكل قوي وأصبحت ثقافة سياسية اساسية ومتداولة بين المجتمع العراقي من جنوبه حتى شماله وأضحت اقوى اداة لتخريب الشعب والوطن , فلا غرابة من فعل الميليشيات السلبي والدواعش وسلوك القادة الكرد مثل مسعود وجلال واحزابهم ومؤيديهم والسياسين المحسوبين على المكون السني وآخرها دعوى خميس الخنجر في السعي لتشكيل قيادة سنية موحدة . إدعاء حكام العراق بالاستقلال والخروج من سطوة اميركا وايران والتبعية لهما باطل وغير صحيح .
على حكومات العراق وسياسيه ان يكونوا صادقين مع الشعب العراقي ويقاطعوا هاتين الدولتين التين تسببتا في دمار العراق وتخريبه ولا تزالان على هذا المنوال .
الشعب العراقي يفهم تماماً مايجري ومن هم المخلصين والتابعين والعملاء ممن يحكمون , يكفي الاستخفاف بعقول العراقين . أميركا المجرمة فعلت فعلها الشنيع من امر كارثي وَخُطب مأساوي صادم سلطت عليه من لا يرحمه سياسين بغاة طامعين هدفهم الوحيد السرقة وجمع المال الحرام يؤمنون بالشيطان لاغيره . من هم المستفيدين من حال العراق المزري الراهن هم الاميركان واسرائيل وحكام ايران والساسة العملاء وبعض رجال الدين وشيوخ القبائل , المواطن العادي متضرر ولا شيء يصب في مصلحته .