23 ديسمبر، 2024 9:49 ص

أمور تكسر هيبة الانسان في نظر نفسه

أمور تكسر هيبة الانسان في نظر نفسه

من مؤشرات تقدم او تخلف حالة التنمية البشرية والتي تُعتَمد في تقييم حالة التنمية البشرية المستدامة في اي بلد ،توفر المراحيض العامة بالعدد المطلوب ،حسب حجم سكان المدينة، وكذلك مستوى تلك المرافق صحياً وبيئياً طبقاً للمعايير العالمية.
عندما لايجد الانسان تلك المرافق الاساسية ويضطر للمعاناة او قضاء حاجته مثل الكلاب والقطط السائبة او مثل المشردين، بغض النظر عن مستواه الاجتماعي والثقافي، فأنه سوف يُصاب بانكسار نفسي داخلي ويشعر بعدم الاحترام من قبل سلطات ادارة مدينته!!
لاتوجد مدينة راقية ومتحضّرة في العالم الّا وفيها من تلك المرافق ماهو راقي وعصري وصحي ومتاح للجميع.
ليس بالضرورة ان تكون مجانية ، بل متوفرة بشكل لائق..
بل ان تلك المؤشرات التنموية الحديثة تتناول بالدراسة مدى توفر تلك المرافق في البيوت ايضاً..
قدرة الانسان على الوصول لتلك المرافق وكذلك توفر الصرف الصحي السليم الذي لايضر البيئة، تعتبر هامّة لتقدير مستوى الحياة اللائقة التي يحظى بها الانسان..
قد لايلتفت البعض لذلك الجانب ويهتم فقط بتوفير سلة غذائية / دعائية، لكنه يبقى اساسياً سواء أدرك الجهلَة ذلك ام لم يدركوه.
قبل سنوات قرأتُ مقالةً نشرها الكاتب فلاح المشعل، يشرح فيها كيف انه جمع من مصروفه اليومي مبلغاً من المال واعطاه للكاتب حمزة الحسن لكي يستخدمه في تحسين المرافق الصحية في بيتهم !!
واذا اخذنا بالاعتبار ان ذلك حصل في السبعينيات ، يمكن ان نتصور مستوى الوعي لدى الكاتبين المحترمين..
وقتها نشرتُ مقالةً كنت اتمنى فيها ان يتم تكليف هذين الكاتبين بمسؤوليات تنموية في العراق ( الذي كنت اظن انه سيكون جديداً)…
لاينكسر الانسان فقط من الاشياء الكبيرة ، بل هنالك العديد من الأمور الصغيرة التي تتراكم في الداخل وببطء وخلال فترة طويلة ، لكي تُنتج الشخص الذي نراه الآن ونستغرب من سلوكه..
انه ينكسر عندما لايعطيه السائقون حق العبور الآمن والمحترم بدل الركض بين السيارات كالقط الهارب من تعذيب الاطفال سيئوا التربية!!
انه ينكسر عندما يشعر بإذلال المواصلات العامة المزدحمة والسيئة.
انه ينكسر عندما يقضي حياته يمشي فوق الازبال ويقود سيارته فوق سلسلة لاتنتهي من المطبات التي تحطم سيارته بشكل منهجي..
انه ينكسر عندما لايكترث أحد بمعاناته مع مشاكل البيئة والتلوث والمياه الملوثة …
ارى رجالاً ونساءً ، يوشكون على البكاء وهم يصرخون امام المراسلين ويستجدون المساعدة من الحكومة!!
وظيفة الحكومة خدمة الناس فقط ..
وحتى لو دخلت الحكومة الحرب ، فأن ذلك يجب ان يكون بموافقة الناس ودفاعاً عن مصالح الناس فقط..
اي ان الحرب يجب ان تكون لخدمة الناس عندما تكون ضرورة حتمية لخدمتهم وحمايتهم وحماية ممتلكاتهم..