بات من المسلمات بأن أحد أهم مصادر تمويل الإرهاب هي عمليات الفساد التي اتخذت من مؤسسات الدولة العراقية مسرحاً لها، ويعتقد بعض هولاء الذين يقودون مافيات الفساد بأن عملهم فيه تقرب الى الله تعالى ولا يتعارض مع الشريعة السمحاء، لاسيّما من يرى بأن الحكومة الحالية هي حكومة كافرة ولا تمثل الدين، لذا وجب الإضرار بها، والاستيلاء على ممتلكاتها ليس من الحلال فقط بل من المستحبات.
ولو أمعنا النظر قليلاً في رأي الفقهاء في الدين الحنيف في هذا الشأن فإن بعضهم يجِّوز إلحاق الضرر بممتلكات الدولة ( الكافرة) ويعدونها مفقودة المالك أي أن أموالها تعامل معاملة الأموال مجهولة المالك والتي تصبح حلالاً إذا تم دفع بعضاً منها يطهرها ويزكيها بحسب وجهة نظرهم، وما أقوله هو كلام عام لا يشمل ملة دون أخرى، والعلة هنا بتفسير النص ومثلما أجاز بعضهم تسمية بعض المسلمين بالروافض أو النواصب أجاز بعضهم الإستيلاء على ممتلكات الشعب، وحين تقول رافضي أو ناصبي هذا يعني أنك وضعت الشخص تحت أحكام قاسية منها مصادرة أمواله والزواج بنسائه وسبيهن ويعامل الرجال معاملة الكفار بغض النظر عن المذهب.
ولو دققنا قليلاً في هولاء الفاسدين لوجدتهم من الدعاة والمصلين والمحافظين على الزكاة ويحجون بيت الله، كما أنهم يربطون هذه السرقات بالأعمال الصالحة حالهم حال من يتقرب لله سبحانه وتعالى بقتل الأطفال والنساء والمعارضين لهم، لذا فإن متابعة متأنية لحركة أموال هولاء الفاسدين وبعضهم نافذون في المشهد السياسي لوجدت الكثير من أرباحهم تذهب لتمويل العمليات الإرهابية سواء في العراق أو سوريا أو غيرها من الدول الأخرى التي أصبحت مسرحاً لداعش.
إن علة فسادنا في تفسير النصوص القرآنية بحسب المزاج، وبما يتفق مع دعم أصحاب هذه الأفكار الشيطانية، فمتى ما وجد البعض أن هذه الدولة لا تتعارض مع طموحاتهم كانت دولة صالحة، وتصلح أن تكون ولية الأمر وطاعتها واجبة حتى وإن كان الحاكم فيها ظالماً أو فاسقاً، ومتى ما تعارض شكل النظام مع بعضهم باتت الدولة كافرة وواجب محاربتها وسرقة أموالها باسم الدين والعقيدة.
دعوني أقدم لكم مثلاً عن بعضها: كيف سمحت بعض الجهات الإسلامية بالسيطرة على مساحات واسعة من ممتلكات الدولة أو شرائها بثمن بخس؟ وكيف سمح بعضهم الآخر بالتصرف بأموال الشعب ومنحها لمن هبّ ودب من غير حساب؟ وأختم كلامي بقصة من بين آلاف القصص تتعلق برجل متشرع تولى مسؤولية لمدة أربعة أشهر ومن ثم رجع إلى لندن ومعه (مليون ونصف دولار) وحين سُئل من أين لك هذا ؟ قال: مولانا مال سائب طهرناه بالزكاة ودعم المجاهدين … وللحديث بقية .