23 ديسمبر، 2024 6:22 ص

لا يوجد مصطلح اثقلته التعاريف وتحديدات المفاهيم كمصطلح الامن ومع ذلك ضل عصيا على الكثيرين فكلما ذكر مصطلح الأمن يتبادر الى الذهن فورا الامن العامة والمخابرات والشرطة ، وكلما حصل (امن نازل) كما يقول الكاتب الفرحان في منطقة ما توجهت اصابع الاتهام بالتقصير الى الجهات الامنية في تلك المنطقة، وهنا يقع خطأ فهمنا للامن
لعل افضل التعاريف للامن جاء على لسان روبرت مكنمارا وزير الدفاع الامريكي عام 1948 حين عرفه بكلمة واحدة بقوله  (الامن هو التنمية) أي انه لايوجد امن الا بوجود تنمية شاملة فأنت عندما تقول تنمية ولا تحددها فيعني انك تقصد (الشاملة).
من هنا يمكن القول ان وجود استراتيجية شاملة (عامة) للبلد يضعها مجلس الوزراء ويصادق عليها مجلس النواب تحدد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والعلوم والتكنولوجيا ،وتكون (وطنية) خالصة لا شيعية ولا سنية ولا تركية ولا ايرانية ولا مضلومية ولا ثأرية وأنما توضع كما يضعها عباد الله وسيلة لتحقيق مصالح الشعب العليا ، هنا فقط نقول اننا صنعنا الامن (تنمية اقتصادية وثقافية واجتماعية وعسكرية) تصنع مجتمعا متماسكا مثقفا مرفها مخدوما ….وتجدر الاشارة الى اننا بلا استراتيجية شاملة منذ العام 2010 حيث ان مجلس الوزراء في الولاية المضلمة الاولى للسيد المالكي وضع استراتيجية شاملة على شكل انشاء ولم ترفع للسلطة التشريعية الا انه اقرها كعادته ولم ينفذها كعادته ايضا .
بعد ان تصنع الدولة الامن بهذه الطريقة (لا اقصد طريقة المالكي) تقول للقوات الامنية :هذا هو الامن وعليكم ان تحافظوا عليه فقد اعطيناكم شيئا لتحافظوا عليه..اما ان نعطيهم (اللاشيء) ونطالبهم بالحفاظ عليه فهذا ظلم وأجحاف خصوصا واننا نعلم ان بناء تلك القوات جاء على نفس الاسس التي تأسس عليها هذا( اللاشيء) الذي اسمه المحاصصة اللامتوازنة ، ولعل الاساس الاول هو ان منظومة ادارة الافراد فيها تعتمد استمارة رسمية تحتوي على سؤالين مهمين وهو مذهب الشخص ومذهب زوجته.
يبدوا ان هذه الحقائق لا يعرفها السيد رئيس السلطة التشريعية والدليل انه خلال لقائه بالقوات الامنية في ديالى صرح قائلا (( اذا كنتم غير قادرين على حفظ الامن فلماذا نصرف رواتب ل30000 عنصر امني في ديالى) وهذا يعني انه لا يعلم ان سلطته التشريعية لم تشرع استراتيجية شاملة ولا تنمية ولا مجتمع ولا شكل لدولة اللهم الا الميليشيات التي تشكلت وعملت بلا قانون وخارج اطار الدولة ومن ثم حرفت فتوى المرجعية لتدخل  ضمن اطار (الدولة) والسيد الجبوري يريد للقوى الامنية ان تصنع الامن بدلا عنه اولا وتحافظ عليه ثانيا .
قصة قصيرة لكل السياسيين الذين هم يريدون للعراق ان يستقر وهم قلة..انها قصة جمهورية جورجيا التي اكلتها المافيات والميليشيات اكلا غريبا وغير مسبوق الا في عراق 2003 حيث ظهرت في تلك الجمهورية المنسلخة عن الاتحاد السوفييتي  حكومة وطنية في العام 2008 بدأت بصناعة الامن ،  ووجدت ان شرطة جورجيا البالغ عددها 95000 عنصرا لا تغيير يرتجى فيها ،  فقام رئيس الحكومة بأحالة 90000 منهم الى التقاعد وخلال وقت عصيب أسس شرطة جديدة ، فذابت تلك المافيات وتبخرت وهربت للخارج وتمكن من ملاحقتها حتى خارج جورجيا .ولعل من نافلة القول ان شعب جورجيا يرفل اليوم بأمن شبه مطلق
ملاحظة : حاولت طباعة مصطلحي المظلومية والمحاصصة وكان النظام (الوورد) يضع تحتها خطا احمر اي انها خطأ وحاولت التعديل دون جدوى فتذكرت ان هاتين الكلمتين غريبة على الجهاز الذي هو عالمي فتذكرت ان الكلمتين دخلتا الخدمة بعد 2003