9 أبريل، 2024 3:53 ص
Search
Close this search box.

أمن بغداد مدخل لعراق أمن ومستقر

Facebook
Twitter
LinkedIn

يعتبر امن بغداد من أكبر التحديات التي تواجه الدولة العراقية عموما نظرا لما تعانيه من فوضى ادارية عارمة أكاد اجزم لم تتعرض لها مدينة أخرى على الاطلاق جعلت من هيبة الدولة في أدنى مستوياتها, كما أعطت المجال واسعا امام الارهابيين للقيام بأعمالهم القذرة بين الحين والاخر والاستمرار في ارباك الاوضاع الامنية والاقتصادية والسياسية في البلاد, كما سمحت هذه الفوضى للمجاميع الارهابية الامكانية على التكيف مع المستجدات التي يتم استحداثها على الارض ,
أن الحلول الامنية الدائمة تأتي من خلال تنظيم عمل الادارة المحلية كبداية لمعالجة واقع امني مضطرب في ظل فوضى وتخلف أداري كبير تعاني منه هذه المدينة الكبيرة بملايينها السبعة الذين يعيشون على مساحة الف كيلو متر مريع, ومما يتوجب علينا ذكره في هذا المقام لابد من استعراض نبذه تأريخية تبين المراحل التي مرت بها بغداد على مدى العقود الاربعة الماضية و التي عشناها كأبناء لها, حيث كانت محاطه بالحزام الاخضر الذي يمنع استعمال الاراضي المحيطة بالمدينة لغير الاعمال الزراعية حسب القرار 117لسنة 1970 و الذي تم بوجبه تمليك الاراضي الزراعية الى العشائر الفلاحية وبالتالي اصبحت المدينة محاطه بريف سكاني زراعي, وتم اكمال مشاريع البنية التحتية في عقد الثمانينيات بما يغطي احتياجاتها لغاية عام2000, وكانت المدينة مقسمه أداريا الى أقضيه ونواحي تضم دوائر العدل والشرطة والبلدية والصحة والاحوال المدنية…..ألخ و من الامور التي كانت سائدة في عقد السبعينيات وما قبلها الاحترام المتميز والملفت للنظر الذي تحظى به القوانين والضوابط المنظمة مثلا لا يجرؤ أحد على بناء أو ترميم دار يملكها بدون أجازه رسميه ولا يتم فصل أو فرز قطعة ارض او دار سكنيه أقل من 150 متر, ولا تمارس مهنة الضلاعة أو الحدادة داخل الاحباء السكنية إلا بعد موافقة السكان ولا يسمح لأي كان فتح مطعم أو مقهى قبل الحصول على الاجازة الصحية…..الخ ولا يسمح بمرور أي رتل عسكري من خلال السيطرات الامنية الستة التي تحيطها إلا بعد الحصول على موافقة الجهات المعنية على دخولها ومرافقتها من قبل مفارز الانضباط العسكري الى الموقع المطلوب أو الى خارج المدينة, بل يمكن القول نادرا ما تحدث جريمة او جناية ويتم تقيدها ضد مجهول.
إلا إن بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية عام 1980 حدث تطور مهم وخطير في حياة اهل بغداد حيث بدأت الحكومة بتوزيع الاراضي السكنية ضمن الحزام الاخضر وخارجه الامر الذي افرز أربعة معطيات جديدة على ارض الواقع
1ـ ظهور احياء سكنية جديدة حتى تضاعفت مساحة المدينة ثلاث مرات وكمثال على ذلك حي الشرطة السكني اصبح خمسة احياء الذي تكررت تسميته الى حي الشرطة الخامسة مما يعني فقدان بغداد تصميمها الاساسي الذي يفترض تضمنه وجهة نظر حضارية ستراتيجية تجاه السكن اللائق , الخدمات ,الامن , جمالية المدينة, البيئة , الحركة التجارية والزراعية…الخ.
2ـ انحسار دور الادارة المحلية بشكل كامل وظهور الادارة الحزبية في أدارة الاحياء السكنية حيث اصبح لكل خمسة ازقة فرقة حزبية وهي بمجملها اداره أمنيه صرف وبالتالي تدني مستوى الخدمات وبدأت تظهر اكوام القمامة …الخ.
3ـ الابقاء على مشاريع البنيه التحتية الموجودة أصلا حيث كانت الاحياء السكنية الجديدة تستفيد من امتدادات مشاريع الماء والكهرباء والمجاري للأحياء الموجودة أصلا ولم يشملها أي توسع تطور ملموس .
4ـ ظهور ثقافة أوعرف جديد فحواه اذا كنت لا تشكل خطرا على أمن (الحزب والثورة) أعمل ما شئت أو يتم التغاضي عن الخطأ ومن الطبيعي لا يقصد به خطأ المواطن البسيط هذه الفكرة المجنونة النابعة من العقلية البدائية شكلت حجر الاساس للفوضى العارمة التي تواجهها بغداد حاليا. وقد حدث في هذا الشهر اذار 2016 وجه أحد الاشخاص سؤالا الى مواطن يبني بيتا في الجزرة الوسطية في أحد احياء شرق القناة وبقوة السلاح؟؟ اجاب لو كنت مسؤلا وفي زمن صدام هل تستطيع الاعتراض او السؤال؟؟؟
وما أن حل عقد التسعينيات وفي ظل ظروف الحصار الاقتصادي الذي اعقب احتلال العراق للكويت عام 1990 انتشرت الاسواق الشعبية العشوائية ومعامل تقليد وغش المواد الغذائية فضلا عن بؤر التزوير…..الخ و توقف عمل الدوائر البلدية والرقابة الصحية ودب الفساد في دوائر مكافحة الجريمة وغيرها وبدأت قبضة النظام نوع ما تتراخى عن الكثير من الامور غير الامنية البحتة . وبعد سقوط النظام عام 2003 وتناثر أدواته انتشرت الاحياء السكنية العشوائية والمتجاوزين على المباني الحكومية ومحلات بيع أدوات وتفصيخ السيارات والكراجات … الخ هذا من الجانب الاداري والخدمي. أما الجانب الامني خلت المدينة من أي سلطه امنية أو حكومية باستثناء الدوريات العسكرية اذا ما اعتبرت سلطه ؟؟ وتم أجراء انتخابات شكلية لاختيار مجالس الشعب المحلية للأحياء السكنية بأشراف القوات الامريكية ولم يتم اجراء اخر مماثل له الى يومنا هذا؟؟ والشيء بالشيء يذكر أن هذه المدينة قد صمدت أكثر من سنتين قبل انزلاقها في دوامة العنف والصراع الطائفي بين عامي 2005ـ2007.
من خلال هذه المداخلة يمكن ان نستخلص ثلاث محاور لحصر وتعريف مشاكل بغداد؛ـ
المحور الاول:ـ أمن بغداد يبدأ من تنفيذ القوانين والضوابط باعتبار ان أي شيء لا ضوابط له هو تسهيل أو سهل للأرهاب , و في حقيقة الامر توجد فوضى في ممارسة الحرف و المهن واماكن تواجدها وفي تطبيق نظام المرور و في تنظيم محلات السكن واعمال النظافة والتجاوز على شبكات الماء والكهرباء …. وغيرها الكثير من هذه الامور التي تتطلب اجراء حاسم وفق الضوابط و القوانين و حسب الاولويات التي تعيد للمدينة وجهها الحقيقي مثل تجميع محلات تصليح و بيع ادوات السيارات والكراجات ومعارض السيارات ومحال الحدادة وغيرها من المهن الصناعية في اماكن مخصصه لها (الحي الصناعي). وتفعيل مكاتب المعلومات في دوائر الشرطة والعمل بمشروع الرقم المدني, وتنظيم الاسواق والمحال الشعبية…الخ وايجاد حل للمتجاوزين على اراضي وممتلكات الدولة بما ينسجم مع القيم الحضارية والجمالية والاخلاقية فضلا عن الدواعي الامنية.
المحور الثاني:ـ بغداد كمدينه بوضعها الحالي تشكل تحد كبير في عملية بناء الدولة. حيث يقدر عدد سكانها ضعف سكان اقليم كردستان او سكان اربعة محافظات جنوبية في الوقت الذي تعامل فيه كمحافظة او امانة وهذا الامر مخالف لأهم المبادئ التي تبنى عليها الدول المتحضرة وهو التوزيع العادل للثروة, ان هذه المدينة العريقة تعيش في ظل معضلة حقيقية تتطلب حلولا جديه أما يتم اعلانها اقليما اداريا او تقسيمها الى محافظات مثلا شرق القناة والرصافة والكرخ والفصل بينهما بمشاريع سياحيه او تجاريه واحاطتها بحزام اخضر جديد. و اعادة العمل بنظام المناطق الادارية (الناحية والقضاء) الذي يخلق حالة التواصل المباشر بين المواطن والدولة ويولد اجواء ايجابية بعيدا عن اجواء ديمقراطية المساومة والمنافسة الحزبية والعشائرية التي تخلقها المجالس الشعبية والعمل ايضا على تنظيم مشكلة التداخل الاداري في الصلاحيات بين امانة بغداد ومجلس المحافظة والمحافظ و يستهدف ايقاف التوسع الافقي و تسهيل عملية تقديم الخدمات والتقيد بالضوابط والقوانين المنظمة والسيطرة على الفساد المالي والاداري والمحافظة على البيئة وتقليل نسبة التلوث. ويعتبر بداية حقيقية لسيطرة ادارية و امنية منضبطة.
المحور الثالث:ـ ان الخطط الامنية هي ليست حالت استعداد عسكري فارغه من محتواها الاداري والتنظيمي والاقتصادي والسياسي. وفي كل مجالات الحياة لا توجد خطه مفتوحه بدون سقف زمني محدد لها ففي الوقت الذي تحكم القوات المسلحة سيطرتها التامة عليها تتعرض الى سلسلة من التفجيرات و الاعمال الارهابية بين الحين والاخر, وهذا عائد الى سببين تعاني منهما المنظومة الامنية العراقية اصلا هو التداخل في عمل و اختصاص الوزرات والاجهزة الامنية المختلفة و السبب الثاني سيادة الفكر العسكري على الفكر الامني في التعاطي مع قضايا الامن فيها, أن أهمية الامن في بغداد تأتي من أعتبار امن بغداد مدخل لامن العراق وسلامة الملايين من سكانها و لتأثيراته المباشرة على الامن والسلم الاهلي في العراق ككل لذلك يجب احداث خرق في هذا المجال وعدم التقيد في الاساليب المطروقة والعمل على انشاء جهاز امن بغداد يديره عضو مجلس الوزراء ويكلف بمختلف القضايا الامنية الخاصة بالمدينة مركزيا ويتكون مثلا من قسم المراقبة والتحري وقسم الخدمة السرية وقسم الجريمة الجنائية وقسم الجريمة الاقتصادية وقسم التحقيق وقسم الاحصاء والحصر والترقيم والمعلومات وقسم الامن الداخلي ومنع الاختراق وقسم الحركات والعملبات والتنسيق مع الجهات الامنية الاخرى ويتم مسك الارض من قبل وحدات جهاز امن بغداد في كافة القواطع, ان لهذا الاجراء المقترح الكثير من المسوغات الفنية والادارية كما مذكور انفا و الذي سيجعل من العمل الامني والاستخباري اكثر فعالية و اكثر استجابة لمتطلبات استراتيجية مكافحة الارهاب لأن العمل سوف يكون مركزي ومسؤول ومنظم ومنتظم وتتفرغ الوزارات الامنية و الجهات الاخرى الى اعادة تنظيم اجهزتها الاستخبارية السرية ومن ثم تنفيذ خططها وواجباتها الدستورية,مثلا حفظ الامن في المحافظات من قبل وزارة الداخلية وحماية الحدود والدفاع عنها من واجب وزارة الدفاع أما الخدمة الخارجية واجب جهاز المخابرات الوطني حصرا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب