22 ديسمبر، 2024 11:10 م

أمن اللبس ومقارعة ثقافة الإرهاب

أمن اللبس ومقارعة ثقافة الإرهاب

عبد الاله الصائغ احتراز: انني لا أزعم صواب أفكاري في هذا المقال ويمكن للقاريء الكريم ان يقوِّم او يرمِّم او يعترض ولكنني أزعم صدقيتي فانا احاول واقدم وجهة نظري دون قناع و بعيداً عن الشخصانية وهدفي المركزي مقارعة الارهاب الذي استشرى بوسائل مغايرة ونحذر المعنيين بمقولة امن اللبس ان لايكون رد الفعل على اللبس إندفاعيا بحيث يكون رد الفعل إرهاباً آخر قد يزيد على الفعل نفسه والمعول في كل ذلك على العقل والوعي والمروءة وخبرات ذوي الخبرة . واقدر جهود متخصصين كتبوا محللين ظاهرة الارهاب وقد شابت كتابات بعضهم انهم اقتطعوا من مساحة جهودهم لصالح النجومية الاصطناعية وإشعار المتلقين ان جهودهم هي ضربة معلم وهم قدموا الذي لم تستطع الأوائل الإتيان بمثله فضلا عن قَصْر الارهاب على الإرهاب الديني او المذهبي او العنصري او الجغرافي متجاهلين انواعا كثيرة من مستجدات الارهاب كذلك الذي داهمنا من خلال كوة التواصل الاجتماعي وتزييف التقاليد الديموقراطية كصناديق الاقتراع وتكوين الاحزاب وحرية الرأي المنفلته التي تنشر الإشهارات مدفوعة الثمن دون الانتباه لمصلحة الناس كل الناس والرفق بأعصابهم وينبغي القطع ان لا ديموقراطية مع حاضنات الارهاب المباشر وغير المباشر من نحو سلطاتة العشيرة ورجل الدين والوجهاء والبيوتات ذوات الموروث التاريخي وبهاليل العلمانية من يسار اليسار ويمين اليسار ويسار اليمين والوسط، والقدرات الحاذقة على اجتراح التسويغات واضعين في روعنا ان التشدد في كل شيء إرهاب .

بين يدي العنوان

منذ ان وعيت أهمية المعنى في صياغة الحياة بله القول وحتى اليوم وانا اكتشف الجديد والمزيد في قانون اللبس ودفعه بما يناسبه، ومسوغ أهمية توجيه العناية الى قاعدة أمن اللبس كون الأهمية تعصم المعنى عن الانحراف او التماهي مع الشاذ او التضاد، واللبس يقع في كل مظاهر الحياة، يقع من خلال التعامل والتعايش والتقارب والتنائي … الخ، واللبس يقع في اللفظ فيتغير المعنى او يتنقل، ومنذ اقدم العصور كان اللبس والالتباس مسوغات كافية لشنِّ الحروب الطاحنة بين الامم والقبائل والافراد، والخراب الذي يعقب الحروب ومازال وسيبقى إن لم تتدارك البشرية خطره، وإذا لم يكن حروبا بين الجيوش او القبائل فانه يمثل قطيعة بين طرفين تربطهما وشائج ما او تربطهما وشائج اللاوشائج، بين دولتين او مذهبين او شركتين او شريكين او شقيقين او زوجين حتى، وعلماء تحليل النص في العالم ادركوا خطر اللبس في كل شيء فحذروا منه (1)، كما ان علماء العربية أوْلوا اللبس وأمنه اهتماما كافيا لدرء مخاطره فضلا عن عدم شيوعه وندرة حدوثه في الكلام لدى فصحاء المتكلمين، فالجاحظ حدس ضرورة امن اللبس وخطورته في كتبه العتيدة مثل البيان والتبيين وفي الحيوان وابن السكيت في اصلاح المنطق وتهذيب المنطق وابن جني في الخصائص وعبد القاهر الجرجاني في دلائل الاعجاز واسرار البلاغة كل هؤلاء وسواهم حذروا من اللبس في القول والفعل، وواصل العلماء المعاصرون العناية بأمن اللبس فاولوه مقداره من الاهمية من نحو البروف كمال بشر الذي اصدر كتابا بعنوان دراسات في علم اللغة طبعة دائر ة المعارف طب ثانية 1971 والبروف تمام حسان الذي انجز كتاب اللغة بين المعيارية والوصفية، طب المغرب، 1980 والبروف زهير غازي زاهد الذي انجز كتابا مهما عنوانه العربية والأمن اللغوي، طب مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، الأردن 2000 وما زال هناك زيادات لمن تطلَّب المزيد ولكن الخلل الأكبر هو ان المشتغلين على قانون امن اللبس من العلماء او المعنيين لم يربطوا بين اللبس والالتباس وبين الارهاب الذي بات يهدد الكرة الارضية بله سكانها، ومن زعم ان الارهاب ظهر وانماز بعد سنة 2003 غب سقوط نظام صدام حسين الرئيس العراقي الاسبق أو الربيع العربي السلفي فالجواب يجيء من التاريخ العربي الاسلامي من الجاهلية الى صدر الاسلام الى حكومات الأحزاب الاموي والعباسي والفاطمي والصفوي والعثماني وهلم جرا، لم يتوقف الارهاب ابدا على نحو واحد اي قطع الرؤوس باسم القيم العربية ثم الدينية مثل سبي النساء واغتصابهن والاستيلاء على ممتلكات الناس وتوزيعها على الغزاة وقطع الأطراف وسمل العيون والسخرة والغزو وبيع النساء والصبيان في اسواق مخصصة تسمى اسواق النخاسة وقد بقيت حتى الخمسينات من القرن العشرين في بعض دول الخليج ودول افريقيا، وقراءة مركزة لرحلات ابن بطوطة كفيلة بالاطلاع على مصائب كارثية لاعهد للبشرية بها كذلك قراءة الفتوحات الاسلامية مثلا لشمال افريقيا وبلاد فنداليا الاسبانية – الاندلس – ستعطي للمنصف غير مقفول العقل والقلب ستعطي فكرة عن القسوة التي استعملها الفاتحون مع الشعوب المغزوة واقتسام الشقراوات واعتبارهن سبايا ومما تملكه اليمين وكانت اموال الفنداليين حلالا على الفاتحين ولك مثلا ان تقرا قصيدة الامام العلامة البروف الوزير عبد الرزاق محي الدين رحمه الله رئيس المجمع العراقي العلمي:

وتهتك أعراضٌ وتزهق أنفــــــــسٌ وتصلى بمن فيها المخادع والقمـــــــــطُ

ويقتسم البيضُ المخانيث فيأهـــــا فهذا له حجلٌ وذاك له قِـــــــــــــــــــرطُ

خسئتم ولّما تبلغوا الفتح إنكــــــــم لصوصٌ وان أزهى صدوركم شـــــرط

فلا عمرت مما هدمتم دياركـــــــــم ولا ازّينت يوماً نساؤكم العُبْـــــــــــــــطُ

لقد برئت منكم قريش ومكـــــــــــة وعمرٌ وتيم اللات أو بكــــر يــــــا زِطُّ

كتبتم لتاريخ العروبة صفحـــــــــةً تقاذر منها الحرف واستبرأ النقــــــــــطُ

التأصيل

اللُّبْسُ، بالضم: مصدر قولك لَبِسْتُ الثوبَ أَلْبَس، واللَّبْس، بالفتح: مصدر قولك لَبَسْت عليه الأَمر أَلْبِسُ خَلَطْت. واللِّباسُ: ما يُلْبَس، وكذلك المَلْبَس واللِّبْسُ، بالكسر، مثلُه. ابن سيده: لَبِسَ الثوب يَلْبَسُه لُبْساً وأَلْبَسَه إِياه، وأَلْبَس عليك ثوبَك.وثوب لَبِيس إِذا كثر لُبْسُه، وقيل: قد لُبِسَ فأَخْلَق، وكذلك مِلْحَفَة لَبِيسٌ، بغير هاء، والجمع لُبُسٌ؛ وكذلك المزادة وجمعها لَبائِس؛ قال الكميت يصف الثور والكلاب:

تَعَهّدَها بالطَّعْنِ، حتى كأَنما يَشُقُّ بِرَوْقَيْهِ المَزادَ اللَّبائِسا

يعني القماشة التي استعملت حتى أَخْلَقَتْ فهي أَطوَعُ للشَّقِّ والخَرْق

وثوب لَبِيس إِذا كثر لُبْسُه وقيل قد لُبِسَ فأَخْلَق وكذلك مِلْحَفَة لَبِيسٌ بغير هاء والجمع لُبُسٌ وكذلك المزادة وجمعها لَبائِس قال الكميت يصف الثور والكلاب تَعَهّدَها بالطَّعْنِ حتى كأَنما يَشُقُّ بِرَوْقَيْهِ المَزادَ اللَّبائِسا يعني التي قد استعملت حتى أَخْلَقَتْ فهو أَطوَعُ للشَّقِّ والخَرْق

ويفيد ذلك ان اللبس حالة من تشاكل الشيء المقصود بشيء غير مقصود، والشخص المقصود بشخص آخر، والمعنى المراد بمعنى ثان، والسبب خلل في المُرسِل او الرسالة او المُسْتَقْبِل ،

الأمن والأمان: الاطمئنان من بعد خوف، والأمن النأي عن الخطر في كل شيء، واللبس سنخ من الخطر، قارن قوله تعالى: وإذ جَعَلْنا البيتَ مثابةً للناس وأَمْناً؛ قال أَبو إسحق: أَراد ذا أَمْنٍ، فهو آمِنٌ ، وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ، وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان.والأَمْنُ ضدُّ الخوف.والأَمانةُ: ضدُّ الخِيانة ، وفي التنزيل العزيز: وهذا البَلد الأَمين؛ أَي الآمِن، يعني مكة، وهو من الأَمْنِ؛ ابن السكيت: والأَمينُ المؤتمِن.واطلالة على الفعلين الثلاثيين المجردين (لبس وأمن) في المعجمات اللغوية العربية الكلاسية تعطينا فكرة كافية عن دلالات الكلمتين في العقل اللغوي العربي، ونحن نتمهل قليلا عند اللغة والقول لان العشق اوله قول والبغض اوله قول والحرب اولها قول والسلام اوله قول، و نظرة في كتب المصطلحات تكفي لمعرفة حدود امن اللبس وخطورته .ويتبقى منطوق أمن اللبس فهو يخبيء مسكوته للضرورة ، وما مركزية أمن اللبس إلا وسائل قولية او فعلية او ذهنية تكرس الوضوح والبيان، وقولنا في المصطلح انه جامع مانع نعني به ان المراد لايلتبس بآخر قريب منه لفظا او معنى شكلا او مضمونا (2)، والغاية الدقة لدى المتكلم والسامع معا بما يعصم القول عن الحلول في المحذور (3) وإذا أمن اللبس جازت الحرية في القول فابن هشام يستملح الخروج عن القواعد حين لايختلط المعنيان كإعطاء الفاعل مثلا إعراب المفعول وعكسه عند أمن اللبس مثل خرق الثوبُ المسمارَ وكسر الزجاجُ الحجرَ، وأورد:

إن من صاد عقعقاً لمشوم كيف من صاد عقعقان وبوم (4)

فإذا قلنا أعجب موسى وزيدا عيسى فاللبس زائل لأن القول يعني أن موسى مفعول به بعطف زيد عليه لأن المنصوب لا يعطف إلاّ على نظيره، اما قولنا ضَرَبَ عيسَى مُوسَى فينبغي ان يكون الفاعل هو عيس لأنه تقدم وفي جملة ضَرَبَ مُوسَى عِيسَى فينبغي ان يكون الفاعل هو موسى لتقدمه والمفعول في الجملة الاولى موسى وعيسى في الثانية وذلك ضَرْب من الاحتراز لأمن اللبس، وحين يمثل الاعراب يغيب اللبس مثل قولنا كافأ زيداً موسى، موسى فاعل تقدم ام تأخر

حين يؤمن اللبس فذلك معناه جواز القول بلغة المرسل الى لغة المستقبل فمثلا العرب تعرب الاسماء الستة ابو اخو حمو ذو هنو فو على ثلاثة مستويات:

الاول/ اعراب الإتمام اي بالحروف كقولنا: جاء ابوك سلمت على ابيك ساعدت أباك .

الثاني/ اعراب النقص اي بالحركات مثل قولنا: جاء ابُك سلمت على ابِك ساعدت أبَك

قال الشاعر: بأبِهِ اقتدى عَدِيٌّ في الكرمْ ومن يُشابهْ أبَهُ فما ظلم

الثالث / إعراب القصر اي القصر مطلقا في الرفع والنصب والجر، جاء اباك نظرت الى اباك أحببت أباك قال ابو النجم:

واهَاً لِسَلْمى ثُمَّ وَاَهَا وَاهَا يَا ليْتَ عَيناهَا لَنَا وَافَاهَا

إنَّ أبَاهَا وأبَا أَبَاهَا قَدْ بلغَا في المجْدِ غَايتَاهَا (5)

حين يريد المرسل افهام المستقبل نصا ما فعليه اجتراح وسيلة لإفهام المخاطب مضمون رسالته اللغوية كأن يضع كوابح تمنع اللبس (بحيث تكون العبارات جامعة مانعة) فالغاية من النص هي ايصاله الى المستقبل دون مشقة لحصول الفائدة المتوخاة ، فإذا خيف اللبس فيجتنب المتكلم القول الملتبس، قال ابن مالك: وإنْ بشكلٍ خيفَ لبس يجتنب 6

سبب شيوع اللبس في القول والمعنى

قال الشاعر:

رَقّ الزُّجاجُ وَرَقَّت الخَمرُ فَتشابَها فَتَشاكل الأَمرُ

لغات العرب الكثيرة وتوفر تلك اللغات على عيوب نطقية لم يألفها عرب شمال الجزيرة ووسطها فضلا عن تداولات المعنى وفق تاثيرات طوبوغرافية وحرفية او عزلة بعض القبائل العربية بعضها عن بعض حتى قال ابو عمرو بن العلاء (مالغة حمير بلغتنا ولا عربيتهم بعربيتنا)، (7)، وقد احتازت بعض لغات العرب او لهجاتهم او السنتهم او عاداتهم اللغوية، احتازت اسماء لغاتهم من صفات نطقية بدت عليها،قال الفراء الكوفي ت 207هـ كانت العرب تحضر المواسم في كل عام وقريش يسمعون لغات العرب فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به فصاروا افصح العرب وخلت لغاتهم من مستبشع اللغات ومستقبح الالفاظ) .، واللهجات لدى القبائل العربية الكبيرة تقوم مقام اللغات فبعضها لهجات او لغات لها ثوابتها وبعضها اعراض صوتية وقد ذكرها النحاة وبوبوها ورتبوها مثل الشنشنة تجعل الكاف شينا مطلقا كلبيش اللهم لبيش ومنها الكشكشة وهي في ربيعة ومضر يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيناً فيقولون رأيتكش وبكش وعليكش فمنهم من يثبتها حتى الوقف فقط وهو الاشهر ومنهم من يثبتها في الوصل ايضا ومنهم من يجعلها مكان الكاف ويكسرها في الوصل ويسكنها في الوقف فيقول منش وعليش، ومن ذلك الكسكسة يجعلون بعد الكاف او مكانها في المذكر سينا على ماتقدم، ومن ذلك العنعنة تجعل الهمزة المبدوء بها عينا فيقولون في إنك عِنك وفي أذن عذن، ومن ذلك الفحفحة يجعلون الحاء عينا كقولهم في حمي الوطيس عمي الوطيس، ومن ذلك الوكم فيكسرون كاف عليكم ومن ذلك الوهم فيكسرون هاء منهم ومن ذلك العجعجة حيث يجعلون الياء المشددة جيما فيقولون في تميمي تميمج ومن ذلك الاستنطاء فتجعل العين الساكنة نونا اذا جاورت الطاء كأنطى في أعطى ومن ذلك الوتم تجعل تجعل السين تاء مثل النات في الناس والغمغمة وهي عدم تمييز حروف الكلمات وظهورها في اثناء الكلام وهي في قضاعة والطمطمانية وهي جعل ام بدل الـ كقولنا طاب امهواء في طاب الهواء وهي في حمير وثمة تلتلة بهراء وهم بطن من قضاعة يكسرون احرف المضارعة مطلقا مثل يَكْتب تكون يِكْتب ومن ذلك اللخلخانية في شحر وعمان كقولهم مشا الله في ماشاء الله ومن ذلك قطع طي وهي في حذف آخر الكلمة يقولون في يا ابا الحكم يا ابا الحكا و الابدال اي ابدال الميم باء وابدال الباء ميما في لغة مازن فيقولون بإسمك في ما اسمك ومكر في بكر، وقلب الثاء فاء والسين صادا والصاد سينا (8) و لهجات العرب التي يسميها النحاة لغات هناك الكثير منها ربما العصي على الاحصاء بسبب انقراضه قبل وصول التدوين اليه ولكن ما بين ايدينا كاف،، ومعلوم اثر المجاورة في اختلال اللغة فالعرب المجاورون لفارس شيبت لغتهم بكلمات واصوات غير معهودة وحتى الجمع ربما بعض من ذاك تقول في الجمع الفارسي اسب حصان اسبان اي خيول وتقول في الجمع العربي ضيف ضِيفان وذلك مما زهّد المشافهين بلغة عرب جوار فارس او الروم(9 ) ومنها عزلة بعض القبائل العربية بسبب انكفائها على نفسها ؛ لذا تولَّدَتْ وتكوَّنتْ هناك لهجات عديدة، وصار من الصعوبة بمكان في بعض الأحيان نسبة تلك اللهجات إلى قبائلها , لأنَّهم كانوا لا يهتمُّونَ بها بالقدر الذي يحافظ عليها، وفي الوقت نفسه لم يهملوها ذلك الإهمال الذي يمحوها أو يمنع تداولها , فبعضها معروفة بقبائلها، وبعضها مجهولة مختلطة ومتداخلة .، ومن هنا تأتي عظمة القرآن الكريم إذ جمع العرب والأعراب على لغة واحدة رحمة بهم وحرصا عليهم وسعيا الى وحدتهم لكنه خفف على الجميع فأباح بعض القراءات على عدد من اللغات رحمة بالقراء الذين تشق عليهم القراءات العسيرة، وقد تنبه المفكر النحوي الدلالي أحمد بن فارس الى إنَّ الاختلافات في لغات العرب او لهجاتهم تتمظهر في تمظهرات مختلفة كالخلاف في حركات الاعراب والاشباع والاقطاع والتسهيل والتفخيم والاشمام والحذف والتقدير والامالة والتعدي واللزوم والتيسير والتفخيم وإنَّ الاختلاف في اصوات الحروف ومخارجها ساعد في ظهور الترادف اسماء وافعالا: اللبس والكسوة , والحب والعشق، جاءوا واقبلوا ..وثمة الاضداد كقولنا المولى للسيد والمسود والجون للابيض والاسود، وقارن هذا المثال: اختلف اثنان تسمية الصقر أهي بالصاد ام بالسين ؟ فاحتكما لعارف فقال لهما بل قولا الزقر،والمشكلة قديمة لكن العقل العربي وجد حلولا مؤقتة، فكان الشيوخ والخطباء والشعراء يعتمدون على لغة قريش وهي لغة العاصمة مكة ويدعونها لغة التداول فلا هي لغة هذيل ولا هي لغة شنوءة ولا حمير ولا كندة بل هي لغة قريش العربية الميسرة المفهومة للجميع، امرؤ القيس شاعر من كندة اي أن لغته حميرية ولكنه كان يكتب شعره بلهجته ثم يترجمه لعربية قريش كي يفهمه من يريد ان يفهم، وطرفة عراقي كتب معلقته بلغة قريش وكذلك أعشى قيس ميمون بن قيس البكري، فانظر الى ذكاء المبدعين الجاهليين وذكاء جماهير الاسواق والمواسم وحرص اللغويين العرب فالغاية التوصيل بلغة صالحة وليست الغاية الارهاب اللغوي والتسقيط او التباهي .(10) وقد حرصت الاسواق الجاهلية في مواسمها على التقريب بين اللهجات بل ان بعض ذوي اللهجات كانوا يتكلمون بلغة السوق مثلا سوق عكاظ كانت لغته المتبعة هي لغة قريش حتى ان الشعراء من قبائل حمير والعراق واليمامة صنعت شعرها وخطبها على لغة قريش الا ما ندر، وكذلك الدعاة والمبشرون، وكمثال نرى في زماننا هذا تواضع العرب مثلا على ثلاث لغات الاولى فصحى وهي لغة رسمية وادبية ولغة عامية وهي لغة مناطقية اي لغة المنطقة او القبيلة ولغة ثالثة هي لغة العاصمة او المركز ففيها قواعد تمنع اللبس فابن الناصرية وابن تكريت وابن الكاظمية يتحدثون باللغة الثالثة وهي لغة بغداد، وابن الصعيد والاسكندرية يتكلمان لغة القاهرة لتجنب اللبس بين ابناء الشعب الواحد،

ثانيا / دخول غير العرب في الاسلام والتوسع في اللغة للتيسير على المسلمين من غير العرب ومن العرب المنعزلين في الأقاصي مما أدى إلى دخول اللحن في اللغة فخاف الغيارى على العربية وتنادوا لحماية اللغة من التباس الفصيح باللحن ، وروي أن أبا الأسود الدؤلي مر برجل يقرأ القرآن هكذا (إن الله بريء من المشركين ورسوله)، كان الرجل يقرأ (رسوله) مجرورة كما لو انها معطوفة على (المشركين) أي أنه غيَّر المعنى؛لأن (رسوله) منصوبة فهي معطوفة على لفظ الجلالة فذهب أبو الأسود إلى الخليفة علي بن أبي طالب عليه السلام ووصف له ما تناهى اليه، فجلس الامام علي اياما يتفكر فيما ينبغي عليه فعله لصيانة اللسان العربي من العجمة التي يلتبس فيها اللفظ والمعنى، فتوصل الى قواعد واصولا واثبتها في ورقة وكتب عليها: بسم الله الرحمن الرحيم.الكلام اسم وفعل وحرف. الاسم ما أنبأ عن المسمى. والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى. والحرف ما أنبأ عن ما هو ليس اسما ولا فعلا. ثم قال لأبي الأسود: انح هذا النحو.(11

ثالثا / تكريس الروح المناطقية والعشائرية فكأن الإصرار على لهجة المنطقة ضرباً من الوجاهة وجنساً من الانتماء، فإذا نظرت الى حال الشعوب العربية اليوم ادركت المأزق الذي وقع فيه المعنى العربي او الدلالة في النص العربي، فالرغيف له اسماء مختلفة في كل قطر عربي والدينار والدرهم كذلك، حتى السنما فهي اسماء واسماء ، بل ان الكلمات النظيفة في العراق تبدو كسيفةً في بعض بلاد شمال افريقيا مثلا، فالقرط او الحلق في اذن الفتاة نحن العراقيين نسميه ترجية والجيم تلفظ هكذا CH، والترجية هنالك معناها عجيزة الفتاة او كفلها، وفعل الأمر: ولِ عندنا يختص بطرد الكلاب او بالناس الذين هم بمستوى الكلاب، اما في بعض دول شمال افريقيا ففعل (ولِّ) معناه تفضل اذهب، واستعملت ولِ معي فالتبس الأمر عليَّ ، ثم افهموني انني استاذ جامعة فكرمني الحارس وقال لي وَلِّ اي اذهب وواصل سيرك،، بل ثمة دلالات للكلمات بين العراق ومصر والمغرب وتونس واليمن نسأل الله السلامة، فمتى تتحرك المجامع اللغوية وتوحد المصطلحات بين شعوب الاقطار العربية ؟ نحن نحتاج الى معجمات حتى في اللهجات المحلية، بل متى تتوحد برامج وزارات الثقافة العربية ووزارات الاعلام في الدول العربية لوضع برنامج تربوي للانسان العربي يبدأ من الروضة ؟ ومتى يوضع برنامج اعلامي تلتزم به الفضائيات التي تكرس الفرقة في كل شيء واولها اللغة، ولا نريد ان نتلبث عند الانترنت والفيسبوك وتويتر، فالتمويل جار مثل النفط ليكرس اختلاف اللسان العربي .نحن ونكررها دائماً لاندعو الى الارهاب اللغوي لاننا نرفضه ولكننا ندعو الى الأمن اللغوي وعدم التلاعب بالالفاظ والدلالات وعدم اجتراح مصطلحات غير مفهومة لأن صياغة المصطلحات الجديدة من اختصاص المجامع العلمية .

رابعا / طبيعة التفكير البشري تميل الى الالتباس فترى مثلا المنجمين يلبسون الحقيقة بالسحر، والبلاغيين يلبسون الحقيقة بالمجاز والصوفيين يلبسون كلماتهم متقصدين او غير متقصدين وبخاصة آناء الشطح، والغموض في الشعر الحديث، والغموض في خاتمة القصة او الرواية، والغموض في حياة العظماء الذي يضعهم موضع الاساطير، وسيان في ذلك التفكير البشري الشرقاوسطي المتخلف والتفكير البشري الغربي المتطور، فالعقل البشري ميال للتلغيز والتشفير،

خامسا / طبيعة اللغة العربية حيث الواقع والمجاز والكناية والتورية والاستعارة بما يلتبس على المتلقي فلابد من قرينة مانعة من ارادة المعنى الاول ويقول ابو عبيدة معمر بن المثنى لايعرف القرآن من لايعرف المجاز (مجاز القرآن) وقال ابن جني اعلم ان اكثر اللغة واقع في المجاز فإذا فتشته فلا حقيقة له (الخصائص) . ولعل اول ثمرة مرة للبس في المجاز هي ظهور الفئة التي تظن التشبيهات في القرآن حقيقة واطلق عليها المشبهة (الشهرستاني . الملل والنحل)، امثلة في اللبس المجازي البياني فمثلا الابهام وهو الكلام الموهم لان له اكثر من وجه وابهام الامر ان يشتبه فلا يعرف وجهه وقد ابهمه واستبهم عليهم الامر فلا يدرون كيف يأتون له واستبهم عليهم الأمر استغلق .ويقول استاذنا البروف احمد مطلوب التكريتي نور الله ثراه في معجم المصطلحات البلاغية وتطورها طب ناشرون لبنان 1996: والابهام عند البلاغيين ايراد الكلام محتملا لوجهين مختلفين،

ملاحظة / ولقاعدة امن اللبس خوارط حياتية إبتكرها العقل الانساني حين تداخلت المصطلحات وتشابهت الاطروحات وتبلبلت الألسن لدى الشعب الواحد والامة الواحدة، وباتت الكلمات تغادر معانيها، فالأنجليز المعاصرون مثلا لايعرفون انجليزية جوسر أوشكسبير فتترجم لهم الى الانجليزية الحديثة خشية حصول اللبس، ولقد دُرِّست قاعدة امن اللبس في ارقى جامعات العالم المتطور وفرضت في اختصاصات كثيرة كعلوم الاجتماع واللغة والجغرافيا والتاريخ والسياسة والقانون والاقتصاد … والتحقيق الأمني والبحث البوليسي بحيث تناولت أمن اللبس جل مناحي الحياة، وقد عرف العرب الجاهليون هذه القاعدة وعملوا بها دون ان يجترحوا لها مصطلحاً كدأبهم مع كثير من الاسماء التي لم يجعلوا لها مصطلحا، ومن اجل ان لا تلتبس الأمور في حيوات الحاكم والمحكوم ظهر المتفرس والقائف والعين والرائد والقلمّس والرائي والحازي والكاهن والمتنبيء ؟؟ .. وكان الوعي الاجتماعي ينفِّذ قاعدة امن اللبس ضمن دائرة المسموح والمحظور والقبول والرضا وذلك ما يدخل بصورة غير مباشرة في دائرة (نعم) و (لا) لدى الجاهليين وحرام وحلال عند المسلمين،: للمُثَقِّب العَبدي جاهلي

حَــــســَنٌ قَـــوْلُ نَعَــــــمْ مِـــــــنْ بَعْــــدِ لا وقـــــــَبِـــيحٌ قـــــــــــــولُ لا بــــــعد نعم

وكانوا حين يلتبس الشيء بالشيء يستقسمون بالازلام فثمة كيس فيه عيدان مكتوب عليها أفعل او لا أفعل،ويوم الفتح دخل النبي ص الكعبة فوجد جدرانها مزدانة بالصور بينها صورة سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل يستقسمان بالأزلام فأمر علي بن ابي طالب ع بطلس الصورة وقال يعلم الله انهما لم يستقسما بالازلام قط ،وقد نهى الاسلام عن الاستقسام بالازلام، الاسلام قسم الازمنة والامكنة وفق مقولة حرام وحلال، فثمة اشهر محرمة، فانما الاشهر الحرم هي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم وثمة امكنة محرمة مثل الكعبة والاسواق وبيوت الجيران، (12) وانما وضع المحظور والمسموح في اللغة لكي يزول اللبس خلال القول و إنما وضع – الإعراب مثلا في الأسماء ليزيل اللبس الحاصل فيها باعتبار المعاني المختلف عليها، ولما كان الفعل المضارع قد تعتوره معان مختلفة كالاسم دخل فيه الإعراب ليزيل اللبس عند اعتواره، ومنه رفع الفاعل ونصب المفعول فإن ذلك لخوف اللبس منهما لو استويا في الرفع أو في النصب) 12 (ولدفع اللبس في صياغة القول فهناك اجماع على رفع الفاعل إذا ذُكِرَ الفاعل،كما الاجماع على نصب المفعول به وجر المسبوق بحرف جر وكذا المعطوف عليه فإذا ذكر الفاعل إلا أنه قد جاء الفاعل منصوبا والمفعول مرفوعاً إذا أمن اللبس يقول ابن مالك:

ورفع مفعول به لا يلتبس ونصب فاعل أجز ولا تقس .

والاعراب ليس حكرا على الحركات ولا حتى الرتبة لذلك ختلف فقهاء النحو على اعراب آدم عليه السلام في القرآن الكريم البقرة 36، اغلبهم كان يعربه فاعلا وأقلهم أعربه مفعولا به وفق مسوغات دلالية (فتلقى آدم من ربه كلمات) فابن كثير وهو واحد من القراء السبعة كان ينصب آدم ويرفع كلمات فمتى كان آدم فاعلا وربه الذي القى اليه الكلمات (13) ومثال آخر يجيء بهيئة سؤال وهو لماذا يضم حرف المضارعة في الرباعي دون غيره ؟ الجواب حصل ذلك خيفة التباس الرباعي بزيادة الهمزة بالثلاثي نحو: ضرب يضرب، وأكرم يكرم، لأن الهمزة في الرباعي تزول مع حرف المضارعة، فلو فتح حرف المضارعة لم يعلم أمضارع الثلاثي هو أم مضارع الرباعي، ثم حمل بقية أبنية الرباعي على ما فيه الهمزة . قل كلامك ولا تخش اذا امنت اللبس في الالقاء وفي الاصغاء فحين ننسب الى عبد شمس عبشمي والى اذربيجان اذربي نجد في النسب إلى عبد مناف منافي لأنهم لو قالوا عبدي لالتبس بالنسبة إلى عبد القيس لذلك قالوا في النسبة إليه عبدي، ومنه عدم لحاق التاء في صفات المؤنث الخاصة بالإناث كحائض وطالق ومرضع وكاعب وناهد وهي كثيرة جدا لأنها لاختصاصها بالمؤنث أمن اللبس فيها بالمذكر فلم تحتج إلى فارق، 14

الخلاصة الاولى

رأينا أن الامثلة فوق الحصر لأن امن اللبس ليس قواعد وقوانين حسب بل هو منهج في التفكير وطريقة في التواصل دون اعتساف اللغة او المصغي لذلك بات أمن اللبس حلبة تبارى فيها فرسان الفكر وتحليل النص ، فلو احسنا الظن بالمسألة الزنبورية التي جعلت العربية تخسر الامام سيبويه الذي مات كمدا فإن الصراع بين الكسائي الكوفي وسيبويه البصري قائم على اللبس بين هو وهي واياها، بل ان لعبة المسألة الزنبورية قامت على تقصد اللبس،والعرب تقول لولا الحذف والتقدير لعرفت العربية حتى الحمير، نحن مطالبون باحترام اسس القواعد في الفهم والافهام وبتجنب الغلو في التعبير وتفهم نظرية النظم بوصفها العاصم الأمين و الرصين عن غواية اللبس 15 ولعل ابا الفتح عثمان بن جني هو اول من ارسى اصولا وقواعد في امن اللبس من خلال معالجته لنشوء اللغة ونظريات النشوء واشتغاله على نظرية التواضع او الاصطلاح 16 وجهود كثير من المفكرين عصمت العقل العربي من اوحال اللبس، فهذه النظرية الفذة التي تعصم النص عن اللبس فوضعت المؤلفات والرسائل في ذلك، 17 وقد حذر ابن هشام من اسناخ اللبس الذي يقلب المعنى خلال حديثه عن لغات العرب ولهجاتهم التي تلتبس معانيها ومفرداتها 18 وذلك ما شد العلماء اللاحقين الى العلماء السابقين ، ففي الخطاب العربي الحديث حاجة الى امن اللبس (فلولا الحاجة الى كشف دلالات الخطاب لما احتاج الناس الى توثيق المعاني وتثبيت الألفاظ) 19 وكان ابو هلال العسكري رحمه الله يقول ان تعبير الرجل قطعة من عقله وأدبه فالقول هو القائل ، وما التعمية إلا عماء والمعاضلة سوى غباء وذكر لنا مثلا في العماء والغباء هو ابن جحدر الذي قال:

حلفت بما ارقلت حوله شمردلة خلقها شيظم

وما شبرقت من تنوفية بها من وحى الجن زيزيم

ومن وصايا النقاد للكتاب أن يتجنبوا ما يكسب الكلام تعمية فيرتبوا ألفاظهم ترتيبا صحيحا 20 ولا يكرهوا الألفاظ على اغتصاب الأماكن. وقد يحتاج المرسل والمستقبل الى الكفاية اللغوية في ميادين النص من مثل معرفة المحكوم به والمحكوم عليه أو المشبه والمشبه به أو المبتدإ والخبر، ففي الجملة السابقة استوى طرفا الجملة في التعريف، ومع ذلك يجوز فيها أن يتقدم الخبر كقولنا ابو فرزدق سيبويه اي ان ابا فرزدق يشبه سيبويه، سيبويه وهو المشبه به ويتأخر المبتدأ أبو فرزدق فيحق لنا تقديم ابو فرزدق او تأخيره لوجود القرينة المعنوية وهي التشبيه الحقيقي تقضي بأن يكون ” أبو فرزدق ” مبتدأ تقدم أو تأخر لأنه مشبه، وأن يكون ” سيبويه ” خبرا سواء تقدم أو تأخر لأنه مشبه به،. الحرب اولها كلام اما ان يكون ملتبسا غفلة من الطرفين او احدهما، وكانت المنافرات في الجاهلية حروبا سلاحها الكلمات المنثورة والمشعورة ايضا لكنها الى النثر اميل الكلمات القاتلة المغطسة بسموم الهجاء والفخر والعتو والبذاء وقذف المحصنات واشهر منافرات الجاهلية هي المنافرة التي حدثت بين عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة وقد نهى عنها الاسلام، وحين حكم البيت الأموي استحدث حروب

المنا قضات وهي حروب سلاحها الشعر والنثر معا لكنها الى الشعر أميل، اتبعت عتو الجاهلية وتفوقت عليه، فأثيرت الإحن والترات بين الحميرية والعدنانية وسكان المدر وسكان الوبر، وسكان المدن وسكان الثغور، وكانت كناسة المربد في البصرة موضعا لتجميع اوساخ البصرة وقاذوراتها قبل تمصيرها ايام كان اسمها (الأُبُلَّة) واتخذت سوحا ومسارح واسواقا لتستوعب كبار الشعراء المتعاركين مثل الديكة الفرزدق وجرير وسواهما الكثير، فهتكت الاعراض ومحقت القيم وضللت الجماهير وغسلت ادمغتها، ونقل ابو عبيدة شيئا من تلك الحروب المهاترات في كتابه النقائض،ونقل الجاحظ حروبا قولية بين العرب والعجم وحروبا بين اصحاب الحرف ومفاخرات كمثل الحروب القولية بين الجواري والغلمان والعرب والأعراب والكرماء والبخلاء بل وحروبا قولية بين ذوي العاهات من الصلعان والقرعان والعوران والعرجان والخصيان،

الخلاصة الثانية

لم تعد نظرية امن اللبس وقفا على القول والسمع واللغة، بل تعدت حدود اللغة الى حدود البحث عن الجريمة فيحرص المحقق ان لايقع في تضليل المجرم كأن يترك في مكان الجريمة حاجات امرأة بريئة او رجل خالي البال، وقد افلح المجرم الالماني كورتز الذي صار اسمه السفاح افلح في تضليل البوليس والمحققين عشرين عاما وكان من جملة من ضللهم زوجته، واعترف المحققون بأن المجرم اوقعهم في اللبس، 21 التباس ملامح العنصر البريء بملامح العنصر المسيء، وكثيرا ما يلتبس الأمر على القضاة فيحكمون البريء ويبرؤون المسيء، بسبب قدرات بعض المتهمين على تضليل المحققين والمنقبين، وثمة روايات موريس لبلان أرسين لوبين تجعل اكتشاف الجريمة والمجرم مسألة رياضية ملذة للقاريء، وروايات اجاثا كريستي وبخاصة جزيرة الموت وافلام الفريد هتشكوك المعتمدة على تلبيس الأمور

الخلاصة الثالثة

لعل السياسيين هم اكثر الناس التماسا للبس والتعمية، فتجد في تصريحات بعضهم تورية او غمزا ولمزا، بل هم يعدون غير معنيين بالواقع الجماهيري والتوقع المثالي، وحتى يحبكوا تخديرهم لطموحات الفقراء واصحاب الحاجات فهم يعتدون الاعلام الرسالة العصية على التحقيق، وهذا يفسر كثرة الفضائيات والصحافة الضوئية والورقية، فقد اثبت الاعلام البصري قدرته على التضليل واللبس وغسيل العقول .

الخلاصة الرابعة

التباس الاسلام السياسي والاسلام الديني، فكثير من رجال الدين يكرسون وقتهم وجهدهم لنشر ثقافة القناعة كنز لايفنى، وثقافة قهر النفس ومحاربة الحاجات الجسدية على انها تلبيس شيطاني، وابليس يجعل الرؤية ملتبسة فيحذرون من تلبيس ابليس، ولكنهم يسقطون في اول امتحان بل في اول سؤال، فتسأل نفسك اين الخلل ؟ اهو في رجل الدين ام في تربيتنا ام في ماذا ؟ في مصر في تونس في ليبيا في اليمن في سوريا اختطف الاسلام السياسي ثورات الشباب ودخلوا اللعبة البرلمانية ووصلوا الى السلطة ليبدأ الهدر في كل شيء، وهذه معضلة تلتبس فيها الدنيا والدين والانحراف يلتبس بالقدوة الحسنة؟.

الخلاصة الرابعة

التباس العلم بالجهل والمحظور بالمسموح فدخل درس اللبس والأمن منه الجامعات العلمية والانسانية والعسكرية

الخلاصة الخامسة

يقع اللبس في فنون البلاغة وبخاصة فن البيان، واذا كان البلاغيون قد اعتدوا التشبيه خارج المجاز فلأن اللبس غير حاصل بين المشبه والمشبه به، وحصروا المجاز في الكناية والاستعارة بسبب التباس الواقع بالمجاز والمشبه بالمشبه به، وكشيء من امن اللبس اشترطوا وجود قرينة مانعة من ارادة المعنى الظاهر

وجيز الخلاصات الخمس

اللبس حاضنة إرهابية واخطر ما فيها ان هذه الحاضنة حرباوية لا تتميز بيسر كي نحذرها، اللبس يتوفر على جل او كل مفردات الدين والحياة(الانسان والحيوان والنبات والجماد) كالغذاء والكساء والدواء والسكن والمعتقد والمحسوسات والمجردات خلال استيعاب الاقوال والافعال والصفات … وقد ظهر بيننا كتاب مهمون اشتغلوا على اللبس وامن اللبس بيد انهم قصروا جهودهم على الدين الحق والدين الآخر واهدروا جهدهم واجتهادهم على مقولات احترقت درسا وتحليلا مثل النقل والعقل والواقع والميتافيزيقيا وذلك حسن لولا انهم لم يشرحوا بنية الارهاب والارهابيين والقواسم المشتركة بينهما والموروث والسيرة شيء منه واذا اقترب البعض منهم فهو يحارب الارهاب ولايحارب ثقافة الارهاب … وللحديث صلة

ا. د. عبد الاله الصائغ

…………………………..

جريدة البحث

1 – كرمود. فرانك. الاحساس بالنهاية تر د. عناد غزوان وجعفر الخليلي طب دار الحرية بغداد 1979

كاودن . روي . الأديب وصناعته تر جبرا ابراهيم جبرا طب منيمنة بيروت 1962

اولمن . ستيف . دور الكلمة في اللغة تر د. محمد بشر طب العثمانية بالمنيرة 1972

برجسون . هنري لويس . الفكر والواقع المتحرك تر سامي الدروبي . طب الارشاد دمشق . 1941

2- الفيروزابادي القاموس المحيط وانظر الزبيدي وتاج العروس وفي المصطلحات انظر التهانوي محمد تعلى. كشاف اصطلاحات الفنون وانظر وهبة . مجدي . المهندس .كامل . معجم المصطلحات العربية في اللغة والادب

الصائغ . عبد الاله. الخطاب الابداعي الجاهلي والصورة الفنية ص150 طب المركز الثقافي العربي بيروت 1997

3- الجاحظ ابو عثمان عمرو بن بحر ت255 هـ البيان والتبيين 1/ 87 تح حسن السندوبي طب المكتبة التجارية

4- ابن عقيل. عبد الله بن عبد الرحمن ت 769 هـ شرح ابن عقيل على الفية ابن مالك 2/ 43 تح محمد محي الدين عبد الحميد طب دار التراث القاهرة 1980

وانظر: ابن هشام .عبد الله بن هشام الانصاري ت 761 هـ مغني اللبيب عن كتب الاعاريب تح محمد عبد الحميد عبد الله طب المكتبة العصرية بيروت

5- المصدر نفسه

6- المصدر نفسه

7- الجمحي . ابن سلام ت 231 هـ طبقات الشعراء ص 32

8- السيوطي . عبد الرحمن جلال الدين ت 911 هـ المزهر في علوم اللغة وانواعها 1/221

9- ابن السراج . ابو بكر محمد بن سهيل ت 316هـ الأصول في النحو تح د. عبد الحسين الفتلي 1/ 20 طبعة مؤسسة الرسالة بيروت 1988

10- الصائغ . عبد الاله . الزمن عند الشعراء العرب قبل الاسلام ص 321طبعة كويت تايمس 1982

الصائغ . عبد الاله . الأدب الجاهلي وبلاغة الخطاب ص 500 طبعة صنعاء 1991

11- ابن النديم . ابو الفرج محمد بن اسحق ت 385 هـ الفهرست طب دار المعرفة بيروت 1978

ابن خلدون . ابو زيد عبد الرحمن بن محمد ت 808هـ مقدمة ص240 مط مصطفى محمد القاهرة وابن خلدون لم يتوقف على هذه المعلومة بل توقف عند مسوغ صناعة النحو فقال بصدد العرب بعد الاسلام والاختلاط بغير العرب: وخالطوا العجم، تغيرت تلك الملكة بما ألقي إليها السمع من المخالفات التي للمتعربين، والسمع أبو الملكات اللسانية، ففسدت بما ألقي إليها مما يغايرها لجنوحها إليه باعتياد السمع، وخشي أهل العلوم منهم أن تفسد تلك الملكة رأسا ويطول العهد بها فينغلق القرآن والحديث على المفهوم، فاستنبطوا من مجاري كلامهم قوانين لتلك الملكة مطردة شبه الكليات والقواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلام ويلحقون الأشباه بالأشباه مثل “أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب والمبتدأ مرفوع”، ثم رأوا تغير الدلالة بتغير حركات هذه الكلمات فاصطلحوا على تسميته إعرابا وتسمية الموجب لذلك التغير عاملا، وأمثال ذلك، وصارت كلها اصطلاحات خاصة بهم فقيدوها بالكتاب وجعلوها صناعة لهم مخصوصة، اصطلحوا على تسميتها بعلم النحو.

الطنطاوي / محمد . نشأة النحو وتاريخ اشهر النحاة طب دار المعارف 1995

12- الازرقي .ابو الوليد محمد بن عبد الله ت 250 هـ . اخبار مكة وما جاء بها من آثار تح رشد الصالح طب دار الاندلس بيروت 1969

المرزوقي .ابو علي احمد بن محمد ت 421 هـ . الأزمنة والأمكنة طب حيدر اباد الدكن الهند 1332 هـ

الصائغ . عبد الاله الزمن عند الشعراء العرب قبل الاسلام طب دار الشؤون الثقافية بغداد .

السيوطي .الاشباه والنظائر 1/ 337 مصدر سابق

13- اعراب القرآن لابي جعفر النحاس ت 338 هـ 1/215 تح زهير غازي زاهد طب عالم الكتب القاهرة 1985

14- السيوطي 1/341

15- البيان والتبيين 1/ 138 مصدر سابق

وانظر الضامن . حاتم صالح . نظرية النظم تاريخ و تطورسلسلة الموسوعة الصغيرة – منشورات وزارة الثقافة و الاعلام 1981 –

16- ابن جني ابو الفتح عثمان 392 هـ الخصائص 1/ 40 تح محمد النجار طب دار الهدى بيروت

17- الجرجاني . عبد القاهر ت 471هـ اسرار البلاغة تح رشيد رضا طب محمد علي صبيح مصر 1959 .

دلائل الاعجاز .تح محمد عبدة ومحمود الشنقيطي طب دار المعرفة بيروت 1978

18- ابن هشام . المغني 729 مصدر سابق

19- الجاحظ . الحيوان 5/ 201 تح عبد السلام محمد هارون طب لجنة التاليف والترجمة مصر 1983

20- العسكري . ابو هلال . الحسن بن عبد الله ت 395 هـ الصناعتين ص 159 طب دار آفاق بيروت 1973

21- ولسن .كولن . اصول الدافع الجنسي ترجمة سهيل ادريس طب دار الآداب بيروت 1968

ختام الجريدة

من حق القاريء الكريم ان يتساءل عن السبب الذي سوغ لي عدم الاشارة الى اسماء كتبي التي تتصل بأمن اللبس بطريقة واخرى وجوابي عندها يكون ان كتبي وهي مطبوعة سحبت من كل المكتبات ومقرات دور النشر واتلفت وقد نال عدد من الناشرين الأفاضل غضب المتشددين فلم تعد كتبي موفورة للقاريء الكريم واذكرها كما وردت ص 15 من كتابي المطبوع رقم 31 عنوانه الطيور المهاجرة ورماد العودة تحرير وتقديم ماجد الغرباوي طبعة ميزوبوتوميا عدد صفحاته 816 صفحة وهو كتاب كرمتني به مؤسسة المثقف في استراليا بادارة المفكر الاسلامي التنويري الاستاذ الغرباوي فاقتضت الاشارة اما كتبي المهدورة فهي:

ظاهرتا التأويل والترميم في تحليل النص

علوم القرآن

الجرح والتعديل في تقويم الحديث النبوي الشريف

ظاهرة قتل المبدعين في الحضارة العباسية

نظرية امتلاك الحقيقة وانقراض الامم

قراءة مغايرة للعصرين الاموي والعباسي

ظاهرة التصحر في الدراسات العليا

تعليل الانحراف في العقل العراقي . إ . هـــ