لكل شخص في الوجود له أمنيات عديدة في الحياة يتمنى أن تتحقق سواء كانت على المستوى الشخصي أو العائلي أو المجتمعي أو حتى على المستوى العالمي ، ولو ان بعض الأمنيات قد تقع ضمن خانة المستحيلات أو خارج نطاق الممكن إلا انها تبقى أمنية داخل النفس . وكوني إنسان ولدت ، دون إرادتي ، في العراق وأمضيت سنوات عديدة من عمري منذ نشئتي ولغاية تقاعدي من الوظيفة فقد عاصرت فترة الحكم الملكي وفترة حكم عبد الكريم قاسم وحكم البعث عام ١٩٦٣ وملابساتها حتى عام ١٩٦٧ وبداية الحكم الفعلي لحزب البعث العربي الإشتراكي ومن ثم مرحلة حكم صدام حسين المطلق وعائلته كنظام حكم فردي عائلي ديكتاتوري وانتهت بنظام حكم أحزاب الإسلام السياسي منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن . ولم يكن لدي خلال كل تلك المراحل أي هدف سوى هدف الحصول على التعليم الجيد وبناء أسرة طبيعية متعلمة ومتحضرة وواعية ، والحصول على وظيفة تؤمن الحياة الكريمة . ومن حسن الحظ تحققت أهدافي الأساسية في الحياة سواء على المستوى العائلي أو المستوى الوظيفي وإمتيازاته المادية والمعنوية . ولم يكن للواقع السائد في العراق وتعقيداته آنذاك أي تأثير على وضعي العام حتى خلال الفترات الحرجة مثل قيام الحرب الغبية بين العراق وإيران التي دامت ثمان سنوات حصدت أكثر من مليون ونصف من الشباب من كلا الطرفين نتيجة غباء القيادات في كلا البلدين المتخلفين ، أو القرار الجنوني الذي إتخذه صدام لغزو الكويت وما آلت اليه من أحداث لاحقاً .
في ضوء كل تلك الأحداث التي مرت بالعراق منذ الحكم الأزلي لصدام حسين وعائلته للعراق كان الإنطباع السائد لجميع العراقيين بدون إستثناء إن حكم صدام وعائلته سيستمر لسنوات وعقود عديدة يستحيل على أي من كان في العراق أو خارجه من المعارضين الضعفاء أن يغير ذلك الواقع . وعلى أساس ذلك تصرف الجميع في الداخل والخارج إتجاه نظام حكم صدام خلال كل مراحله بأنه نظام دائم وأبدي . وهنا بدأت أمنيتي المستحيلة التي أفصحت عنها لعائلتي وصديق واحد فقط وكانت أمنيتي أن أطلب من الله أن يبقيني حياً لمشاهدة إنتهاء صدام ونظامه الديكتاتوري وإنتهاء حزب البعث بإسلوبه القمعي والفاشي من الوجود . سبب إمنيتي هذه كانت نتيجة لقناعتي بأن المسؤولين عن إدارة البلاد آنذاك كشخص أو عائلة كانوا أغبياء وليس لهم أي إنتماء للوطن وهمهم هو السيطرة والحكم والإستحواذ على موارد البلد والتي هي حق الشعب وأجياله . وكانت هذه الأمنية من سابع المستحيلات .
الشيء الجيد والمثير إن هذه الأمنية المستحيلة قد تحققت ليس بفضل العراقيين وإنما بفضل قوات التحالف الدولي وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية التي هيأة الظروف المناسبة لإدارة البلاد وفق النظام الديمقراطي الذي كان الجميع يسعى اليه . إلا ان ما حدث هو خلل في تقييم الواقع العراقي خصوصاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وعدم إدراكها بأن المجتمع العراقي في غالبيته مجتمع متخلف وعشائري وغير متحضر ويخضع بطبيعته وتكوينه لرموز متخلفة تُمارس كل أنواع الشعوذة عليه بحيث تجعله يتقبل التبرك بلعاب السيد وإفرازاته الأخرى أو يتقبل الحكم أو الفتوى بعدم حلال الممارسة الجنسية بين الزوج والزوجة إذا لم يتم إعطاء الصوت الإنتخابي لشخص معين تتبناه المرجعيات أو الرموز الدينية عموماً والتي تتميز بالشذوذ الفكري والجنسي معاً .
المهم ، وأمام الواقع العراقي الجديد بعد عام ٢٠٠٣ ، ونتيجة حكم أحزاب الإسلام السياسي ونتائج حكمه خلال ثلاثة عقود فأن أمنيتي الثانية والمستحيلة أيضاً قبل أن أودع الحياة هي أن ينتهي عصر حكم أحزاب الإسلام السياسي في العراق وقيام حكم مدني ديموقراطي حقيقي ينقل العراق من بلد نكرة الى بلد معترف به بين بلدان العالم المتقدم . بحيث يفتخر العراقي كونه عراقي ينتمي الى بلد متقدم ومتحضر . وليس للوجوه القبيحة من أمثال هادي العامري و الحكيم و المالكي والصدر والخزعلي والبطاط وغيرهم من المذاهب الأخرى والقيادات النكرة ، سواء ما يطلق عليهم بغباء مصطلح سني أو شيعي أو كردي أو تركماني أو أزيدي أو صابئي أو مسيحي أو أي فئة أخرى تحت أي من المسميات ، أي وجود في الساحة السياسية العراقية . فهل ستتحقق هذه الأمنية المستحيلة مرة أخرى ؟ بالتأكيد كلا ما لم يعود التحالف الدولي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية في التدخل مرة ثانية لتغيير نظام حكم الملالي في العراق وهذا أمر مستبعد تماماً . فما على العراقيين إلا التغيير بأنفسهم وهذا أيضاً من سابع المستحيلات بوجود المليشيات المسلحة الساندة لكل تلك الوجوه القبيحة الحاكمة والمسيطرة تماماً على مقاليد الحكم في العراق . أذاً الحل هو معجزة أخرى لا بد أن تتحقق من قبل ” !!!!!!!!!” للتخلص من نظام أحزاب الإسلام السياسي الذي لا يختلف كثيراً عن نظام صدام الديكتاتوري ولو تحت عنوان مختلف .