تعوّد العراقي وعلى مر العصور التي عاشها من حياته على الأحلام والأمنيات الوردية لكنها لم تتحقق يوما ما يحلم بها مساءا ويفقدها صباحا كأوراق الخريف تحملها أشجارها مساءا ومع أول هبة نسيم صباحي تتساقط واحدة تلو الأخرى ذاهبة مع الريح وفي بعض مراحل حياتيه منعت عليه هذه الأحلام من قبل الآخرين وأعدوها مطالبات غير مشروعة تكلفهم الكثير من الجهد والمال المهدور . ومن هذه الأحلام والأمنيات يتمنى أن لا يرى المسئول بسيارته المصفحة المظللة السوداء وهو يُزفْ كالعروس في ليلة زواجها في شوارع العراق محاطا بالضجيج والصفير الذي يشق عنان السماء بموكب مهيب جرار من سيارات الحماية . يتمنى أن يرى المسئول وهو يزاحمه في الشوارع راكبا دراجته الهوائية أو البخارية يستنشقون الهواء العليل ما بين الأشجار الخضراء التي زرعتها الدولة ليستيقن المواطن العراقي البطران بأن لا فرق بينه وبين المسئول كونهم كأسنان المشط ومتساوون في الواجبات والحقوق الشخصية والإنسانية والاجتماعية . يتمنى المواطن أن يرى المسئول الحكومي أو السياسي وهو معه كتفا بكتف في طوابير منافذ استلام الراتب الشهري ليطمئن أن لا فرق بينهما لأنهم من أم وأب واحد وهو وطن أسمه العراق بعيدا عن الامتيازات والخصوصيات والفوارق الطبقية التي أعتاد عليها المسئولين في الدول الأخرى . يتمنى أن لا يرى صباحا أكداسا من النفايات وهي تزين الطرق والأزقة والشوارع العامة وبين الحين والحين تُزْرع أكياس النفايات على طول الطريق بدلا من باقات الزهور العطرة والأشجار المثمرة التي تبعث في النفس الراحة والجمال بل تلعب بها الصبية والأطفال .رأى البيضة الفاسدة كيف ترمى في القمامة ورأى الدجاجة الفاسدة ترمى كذلك والفواكه الخضر الفاسدة كيف تجمع في سلة واحدة وتودع في حاوية القمامة ورأى الموظف الفاسد وهو يُعاقبْ في دائرته بقطع راتبه أو إعفائه أو نقله أو أي عقوبة رادعة له ورأى سابقا كيف يُعلقْ الفاسد والحرامي والقاتل والجاسوس على أعواد المشانق وفي دهاليز السجون المظلمة قابعا لسنوات طوال لكنه تمنى ولو في الأحلام أن يرى فاسدا واحدا أو إرهابيا أو مجرما من السياسيين أو الفاسدين في حكومته الموقرة يعاقب على فساده أو جريمته وهدره للمال العام أو الأضرار بمصالح المواطن العراقي أو الدولة ومؤسساتها .أمنيته الأخيرة أن لا يرى الشبكة العنكبوتية من الأسلاك الكهربائية وهي تحجب الهواء والضوء من الشوارع العامة هذه الشبكة التي تصطاد بها السيارات المارة بين الأفرع والأزقة وهذه الخيوط العنكبوتية المتقطعة المتدلية إلى الأرض بعد غياب الكهرباء الغير الوطنية التي فقدت وطنيتها على يد مسئوليها وأصبحت البنت العاق لأبيها الوطن بفسادها . عذرا سادتي فهذه أمنياتي البعيدة المنال والتحقيق فأنها مجرد أحلام وهمية لا يعتد ولا يؤخذ بها مجرد أحلام مواطن عراقي بطران بعيد عن الحقيقة والواقع همه الوحيد إثقال كاهل الدولة المسكينة وتحميلها أعباء فوق طاقتها بأحلامه وأمنياته الجريئة )) ضياء محسن الاسدي