ـ في شبابنا كانت لنا أمنيات لا تنتهي .. تبدأ بالتحصيل العلمي.. والتفوق.. والحصول على وظيفة جيدة.. وسفر إلى الخارج.. والدخول في عش الزوجية مع بنت حلال جميلة ومن عائلة يشار إليها بالبنان والسمعة الطيبة.. وبناء بيت يتوافر على كل ما يتمناه الإنسان.. وكان احدنا يكد بشرف ونزاهة لتحقيق أمانيه.
ـ أما الشباب الملتزم سياسيا فكان ينشط دون كلل أو ملل لتحقيق أهدافه السياسية.. لا لتحقيق أمنية أو مصلحة خاصة أو الإثراء على حساب مبادئه.
ـ في حين كان الشباب ذوو الموهبة الأدبية أو الشعرية أو الفن وغيرها.. من هذه الشريحة العبقة ينحتون بالصخر لتحقيق أمنياتهم في أن يكونوا أدباء أو شعراء أو فنانين أو سواهم.
ـ كان الموظف في زماننا يمثل النموذج المثالي للمواطن في إخلاصه وسلوكه.. كان شامخا لا يحني رأسه لأحد.. لا يقبل أية هدية.. ويعدها رشوة.. وانتقاصاً من شخصه.. وإهانة لكرامته.. وإساءة لسمعته.
ـ فنجد الموظف ينتفض كالأسد الهصور.. إذا ما حاول احد أن يرشيه بأية طريقة كانت.
ـ طبيعيا لكل قاعدة شواذ.. فالمجتمع ليس خالياً من المسيئين.. والمرتشين.. والوصوليين.. والكسالى.. والمجرمين.. وحتى الجواسيس.. وغيرهم من الناس غير الأسوياء.. مع ذلك لم يكن هؤلاء يشكلون جميعا نسبة تذكر.
ـ خلال العقود الثلاثة الأخيرة أفرزت الظروف ظواهر سلوكية مدانة بكل المقاييس.. ويبدو إنها من إفرازات الحروب والاستبداد والحصار.
ـ اليوم تقتصر أمنيات الشباب الأسوياء على اثنتين أولاهما: توفر الأمن.
ـ والامنية الثانية: الركض للحصول على عمل أو على عمل إضافي لتوفير مستلزمات الحياة.
ـ أما أمنياتنا الأخرى.. فقد انزوت اليوم وتضاءلت.
ـ ما يلفت النظر إن الممارسات المدانة أصبحت اليوم حالة شبه اعتيادية..
ـ لم يعد الكثير من الناس يخجلون من قيامهم بأعمال: السرقة.. أو المطالبة العلنية بالرشوة أو التدليس.
ـ بل نجد البعض يتباهى كونه: أجرم.. أو سرق.. أو أثرى.. بشكل غير مشروع.. أو حصل على شهادة علمية (بالفلوس).. أو انه استطاع أن (يبلف) إحدى القوائم الانتخابية للترشيح إلى المجلس النيابي كل ذلك يعتبره هؤلاء شطارة.
ـ ما أثار استغرابنا إن المفوضية العليا للانتخابات السابقة.. شطبت أكثر من 600 مرشحاً من الانتخابات النيابية.. لكونهم سراق.. ومرتشين.. ومزورين.. ومجرمين.. وقتلة.. وسماسرة في الدعارة.. وبغايا.. ولواط.. وقل ما تشاء.
ـ الأسوأ ان قادة انتفاضة تشرين تبيع الانتفاضة بثمن بخس.. وترفع الخيام خلال ساعة.. وينتهي كل شيء.
ـ ناقوس الخطر يدق.. وان الواجب يقع على المثقفين الملتزمين قبل غيرهم في التوعية والتوجيه لتخليص المجتمع من هذه السلوكيات وتداعياتها ..من اجل إعادة المجتمع إلى مساره الطبيعي.