قرع الغرب نواقيس الخطر بعد أن باتت داعش على أبواب أوربا .فوجودها في العراق وسوريا وسيطرتها على أرضٍ شاسعة ليس كوجودها في أفغانستان. وهيمنتها على حقول للنفط ومصادر تمويل مهمة في العراق وسوريا .فتسويق نفطها من تركيا ليس كتجارة الحشيش الممنوعة دولياً. ومن الأمور الأكثر خطورة تمكن داعش من إمتلاك أسلحة محرمة دولياً, وتطور معلوماتها التسليحية والمخابراتية المدعومة بالسر والعلن من دول ذات علاقة وثيقة بأمريكا والغرب. فأرعب هذا أمريكا والغرب وأرعب العالم كله لما لهذه المنظمة وليدة القاعدة المتمرسة بالأرهاب من خبرة وعمق ستراتيجي يمدها بالعنصر البشري المؤدلج والمال الموفور الذي حرمت منه الشعوب.
هرعت أمريكا و حلفاؤها بعقد مؤتمرات في جدة وباريس لعقد حلف لمحاربة هذا السرطان المدمر الخطر على العالم والأنسانية أجمع. وهي تظن بأن العلاج في التحالف العسكري . مع علم هذه الدول والقوى الأقليمية فشل هذه التجربة, وعدم رجاحتها,كما جرى في أفغانستان وباكستان وليبيا. حيث تمددت القاعدة في شمال ووسط أفريقيا ,وفي العراق وبلاد الشام. لأنه علاج ناقص غير جذري .وإن أمريكا تصم آذانها وتغمض عيونها عن السبب الحقيقي لتمدد الأرهاب. الذي يمارسه ويقوده الإسلام السياسي المتشدد الخارج عن عقيدة الأسلام ومنهجه المحمدي الرباني. فلم تلجأ للعلاج الناجح. وهي تعرفه.
إن هذه القوى التي تدعي محاربة الأرهاب تدير الظهر للحلول الجذرية و لمن يُمكِن أن يكون عوناً حقيقياً للأجهاز على الأرهاب,والقضاء عليه.
فالأرهاب لا يمكن القضاء عليه عسكرياً فقط . فلا بد من تجفيف منابعه وموارد تمويله ومعالجة أسبابه الأيديولوجية وهذه الأخيرة هي الأهم.
نحن ما يهمنا هو تحقيق الأمن في العراق ومحيطه العربي ثم في دول الأسلام والعالم.
ففي العراق لن يستطيع الحل العسكري وحده إنجاز هذه المهمة ,ما لم يتم بناء الدولة على أسس دولة مؤسسات المجتمع المدني. وإجراء مصالحة حقيقية بين مكونات المجتمع العراقي. وهذا ممكن إن عُدِّل قانون الأنتخابات. وأصبح العراق دائرة إنتخابية واحدة ,والترشيح فردياً ,لا كتل هيمنة على مقدرات البلاد .وساقته طعمة للأرهاب والفساد المالي والرذيلة. وإعادة النظر في شروط المرشح والناخب . ليصل الممثلون الحقيقيون للشعب قبة البرلمان ,لا تجار طائفية وسياسة ومصالح. وعند هذا تضمحل الطائفية والعنصرية. وتختفي عن سدة الحكم وجوه سأم الشعب
من أدائها وفساد ذمتها, وجهلها لمعنى الديموقراطية, وأصول الحكم الحديثة. فنحظَ بحكومة مُمَثِلة للشعب, لا حكومة مباوس اللحى والربت على الأكتاف, وتفاهمات الطائفيين والعرقيين. فلكي يقف العراق على رجليه وتبدأ مسيرة البناء التنموي والديموقراطي والأنساني, لا بد من التغيير الفعلي والأصلاح الواقعي لا النفاق السياسي.وتقاسم الكعكة.كما يحصل اليوم.
لقد دمرت أمريكا البنى التحتية للعراق. وحلت جيشه وقواته الأمنية .وفجرت أسلحته. وجعلت حدوده مستباحة. وتركته لقمة سائغة للأرهاب والشر, بالأتفاق مع حكومات وساسة نصبتهم بالأتفاق مع إيران. تحقيقاً للمصالح الأمريكية والإيرانية .وعليها أن تعيد له قوته وبناه التحتية .وتأخذ بيد إقتصاده للسلامة والعافية. وتؤمن حدوده ومياهه المسلوبة. كي يتعافى العراق ويجد شبابه العمل الشريف اللائق لا الجوع والبطالة والأرهاب الذي يضرب أطنابه.
ولا يمكن أن يقضى على الأرهاب بالسلاح فقط, فهناك أسباب ساعدت على تواجده في سوريا والتسلل الى العراق. فإن لم يتمكن الشعب السوري الشقيق من إستعادة قراره من يد الشموليين والديكتاتوريين .فستبقَ داعش وغيرها يقاتلون بإسم الحرية ,ووجوب تحقيقها للأخوة السوريين. والمسؤولية هنا تقع على الدول الكبرى وإيران ومن يناصر هذا الطرف أو ذاك. فلا بد من حل ديموقراطي للأزمة السورية. ولا بد من نهاية لحكم الطغاة. وتحقيق حلم السوريين بالحرية والكرامة . فوجود حكم بشار وحزبه أعطى الذريعة والمسوغ للكل بحمل السلاح ومقاتلة نظامه في سوريا, ثم التسلل للعراق بحجة مقارعة من يؤيد هذا النظام ,الذي شرد 4 ملايين من شعبه وقتل عشرات الآلاف وخرب البلاد .
كما إن من أهم الأمور التي يجب تأخذ بعين الأعتبار لأنهاء الأرهاب هو تجفيف إعلامه, وإسكات منابره التي تحثُ عليه بإسم الجهاد, والفتاوى التي تصدر من علماء دول ترعى الأرهاب بالسر والعلن .وتصحيح ما يُدَّرس في مدارسها من أمور تحث على الأرهاب وتُشرْعِنه وتُلقِنُه للناشئة.
والأهم من هذا كله إنصاف العرب والمسلمين في قضيتهم الكبرى فلسطين .فلا يعقل أن تستمر إسرائيل في قتل العرب وتهجيرهم وإستعمار أراضيهم ,وبمقدمتها القدس الشريف. وأمريكا وحلفاؤها يباركون لها هذا. ولا ينبسون ببنت شفة أزاء المذابح والأستهتار بكرامة العرب والمسلمين .وقد وضَّفت القاعدة هذا الحال لتبرير إرهابها فكرياً فأشاعت مذهب الذبح والتقتيل والتهجير ودفع الجزية وسبي النساء وبيعهن في سوق النخاسة.
فلن تفضي مؤتمراتهم الى الحلول المطلوبة ولن تقضي على الأرهاب مادام الحل ناقصاً.ولا أظنهم جادين بالقضاء عليه. لأنهم وضعوا بحساباتهم حاجتهم له مستقبلاً, لأمر في نفس يعقوب.