22 ديسمبر، 2024 5:25 ص

أمرٌ آخرٌ في الزيارةِ البابوية!

أمرٌ آخرٌ في الزيارةِ البابوية!

على الرغم مّما جرى تناوله وتداوله حول تفاصيل هذه الزيارة المباركة وبكثافة , لكن تبقى بعض الجزئيات ذات الدلالات التي قد لم ينتبه اليها البعض , ولم تلفت انظار وسائل الإعلام .!؟

بعضُ هذه الجزئيات لا تتعلّق بفضيلة الشيخ البابا ولا بمنهاج زيارته المكثّف , وإنّما مرتبطة بالجانب العراقي , وبالجانب الرئاسي – الرئاسي حصراً .!

وقبل أن نسلّط الضوء تسليطاً على السلطة , فنشير بإشارةٍ أمنيّةٍ عابرة , الى استقبال رئيس الوزراء السيد الكاظمي لحضرة البابا في مطار بغداد واكتمال مراسم الأحتفاء والإحتفال المموسقة بسيادته , وخروج الرجلين من بوابة المطار , ثمّ صعود فضيلة البابا الى السيارة الرئاسية المخصصة ” ذات لوحة التسجيل بأرقامٍ ورموزٍ اجنبية ! ” , وبقاء الكاظمي على حافة رصيف المطار دون ان يرافق السيد الضيف .! , فالواقع أنّ الإعتبارات الأمنيّة – الوقائية كانت قد فرضت أن تتحرّك سيارة السيد فرنسيس لمسافة محدودة , ولينتقل رئيس الفاتيكان الى طائرةٍ مروحيّةٍ وبعيداً جدا عن كاميرات واجهزة وسائل الإعلام , لتتّجه المروحية الى القصر الجمهوري , حيث الرئيس برهم صالح في الإنتظار. وفي الواقع ايضاً فإنَّ عدم مرافقة السيد الكاظمي للبابا في السيارة الرئاسية قد أثار علائماً ما من الإستغراب والإندهاش لدى المراقبين او حتى عموم الجمهور , وكان ذلك افرازاً لإعتباراتٍ او تقاطعات سلبيةٍ او موضعيةٍ بين الرئاسات او بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية .! وهذا محسوبٌ كثغرةٍ أمنيّةٍ في سيناريو الحماية الأمنية للضيف الزائر .!

وإذ اشرنا لما حصل بإشارةٍ عابرة , لكنّ ما هو غير عابرٍ ويصعبُ هضمه ومضغه , هو صعوبة تقبّل الرأي العام العراقي للفوضى الرئاسية التي جرت هندستها دونما عناية .! , فحيثُ بثّتْ شاشات التلفزة المحلية والعربية والعالمية استقبال السيد الكاظمي للبابا منذ لحظة نزوله من الطائرة , ومرافقته جنباً الى جنب في كلّ تفاصيل البروتوكول والأستقبال الخاص والمبرمج بهندسةٍ فنيّةٍ رائعة , فعلى العكس من ذلك , فَلَمْ تُظهر عدسات الكاميرات ايّ حضورٍ للكاظمي في توديع السيد فرانسيس في المطار , وكأنه اختفى من المشهد البروتوكولي .! , لكنه في الحقيقة لم يكن اختفاءً بل بدا وكأنه تغييباً ما .! !

وبدلاً عن ذلك , فبدت عملية الأستبدال وإناطة الدَور لرئيس الجمهورية السيد برهم صالح , والذي رافق الضيف الضيف الزائر من بوابة المطار الى صالة الراحة والإستراحة , وثمّ الى سُلّم الطائرة .

الأمرُ هنا لا يتطلّب ايّ تفكيكٍ لما حدث ولا لأيّ ذكاء .! , فتقليدياً وكما هو سائر عالمياً , فكان من المفترض إمّا أن يكون الكاظمي في استقبال وتوديع البابا , او العكس بالعكس أن يكون رئيس الجمهورية في كلتا الحالتين .! ولكن لماذا ذلك .! , وفي هذا التفاوت الذي فاتَ وتجاوز كلّ الإعتبارات البروتوكولية , فمن حقّ ايّ مواطنٍ بسيط ليفسّر ما جرى بأنه وكأنّه تنافسٌ حادّ بين كلا رئيسي الجمهورية ورئيس الوزراء للإنفراد بالظهور أمام الأضواء او خطف الأضواء واستغلالها او استثمارها في مراسم استقبال وتوديع حضرة البابا .!

وتشتدُّ وتحتدّ هذه المسألة في رؤى الجمهور في عدم تسوية الأمر بقيام كلا رئيسي الوزراء ورئيس الجمهورية في توديع السيد فرانسيس , وكأنّه كان صعباً على الرئيس برهم صالح القبول بذلك .!

الحقيقةُ أنّ عموم الجمهور العراقي لا يهمّه ولا يكترث اذا ما كان السيد برهم او السيد مصطفى في الأستقبال الحارّ او التوديع الوديع , لكنَّه فقط الإهتمام بسمعة العراق كبلدٍ او كدولةٍ فقدت سمعتها منذ سنة 2003 ويراد ترميمها بأيّ شكلٍ كان ولو بروتوكولياً ظاهرياً .!