23 ديسمبر، 2024 3:37 م

أمريكا ونادي الغباء السياسي السعودية وأسرائيل وتركيا وقطر

أمريكا ونادي الغباء السياسي السعودية وأسرائيل وتركيا وقطر

الغباء السياسي مرتبط بعملية ” الفهم ” وليس مرتبطا بالعلم , فالعلم يمكن تحصيله من قبل الكثيرين على مستوى ألآفراد والشعوب والدول , ولكن ” الفهم ” كعملية أدراكية تشترك فيها عوامل كثيرة في مقدمتها العوامل النفسية لايمكن الوصول اليها ألآ من قبل القلة القليلة من البشر وفي مقدمة هذه القلة هم ألآنبياء , وأوصياؤهم , والصالحون من الناس .

وكثير من الناس لايفرقون جيدا بين ” العلم ” وبين ” الفهم ” ولذلك تلتبس عليهم ألآمور , فأمريكا مثلا تمتلك علما , وعلمها أنتج تقنية منتشرة ألآستعمال بين الشعوب , وكل هذه المسائل لانقاش فيها , ولتبسيط وتوضيح هذه المسألة نقول : يمكن لبعض ألآفراد أن يصبح عالما في الفيزياء,  أو في الطب , أو الهندسة , أو في علم الفضاء , ولكننا نجد بعض أصحاب هذه ألآختصاصات العلمية لم يرتقوا الى درجة ” الفهم ” في المسائل ألآ جتماعية , أو السياسية , أو ألآقتصادية , أو ألآمنية , ولذلك يظهر بعضهم رغم تحصيله العلمي دون المستوى المطلوب في المسائل ألآجتماعية , مما تجعله فاشلا مع أسرته , أو جيرانه , أو زملائه في العمل كذلك ألآمر بالنسبة للدول , فحصول الدولة على مستوى من العلم وتقدمها في مضماره , ليس بالضرورة أن يكون مصحوبا بنفس المستوى من ” الفهم ” للآمور السياسية وألآجتماعية والعقائدية , وأمريكا اليوم هي من ألآمثلة التي تستجمع ” العلم ” ولكنها تتخلف في ” الفهم ” للكثير من ألآمور وعلى رأسها المسائل السياسية التي تخص : العقائد , وحقوق ألآنسان , وألآرهاب , وأذا تجاوزنا قضية ” العقائد ” بأعتبار أمريكا دولة علمانية في الظاهر ولو أنها تتصرف خلاف ذلك في مسألة الصراع الفلسطيني ألآسرائيلي , فالدولة ألآسرائيلية تسعى لآعلان يهودية الدولة , وأمريكا تؤيد ذلك , وهذا التأييد لايجعل من أمريكا دولة علمانية , وقيادة أمريكا للمحور التوراتي , وهو محور ذو تصورات ومواقف دينية , كذلك لايجعل من أمريكا دولة علمانية كما تقول , وسنرى أن هذه ألآشكالية تجعل من صاحبها غبيا , وأذا أضفنا الى ذلك مفارقات تطبيق الديمقراطية التي تنادي بها أمريكا في الظاهر , ولكنها تسجل فشلا ذريعا في كل التجارب التي خاضتها خارج أمريكا , ومنها تجربة ” العراق ” على سبيل المثال وليس الحصر , وتبقى ديمقراطية الداخل ألآمريكي ليست بعيدة عن الشوائب والثغرات أن أردنا التدقيق في دراستها .

أن الحديث عن غباء النادي السياسي الذي تقوده أمريكا لم يكن وليد الساعة , وأنما ترجع جذوره الى أيام ” الحروب الصليبية ” مرورا بأحداث التعامل مع السلطنة العثمانية ثم بأحداث ظهور الحركة الوهابية في القرن الثامن عشر الميلادي , ثم بأحداث الثورة الفرنسية وما بعدها عندما أصبح نابليون بونابرت مصدرا للرعب في أوربا , والى أتفاقية سايكس بيكو , وأعتماد أنظمة وراثية متخلفة , وأخرى دكتاتورية في العالم العربي , الى حركة مايسمى ” الربيع العربي ” التي سبقها أحتلال أفغانستان والعراق , ومن ثم الرهان على الخيار ألآرهابي التكفيري المسبوق بالرهان على الخيار الصهيوني , ولقد ظهر مع الرهان على الخيار ألآرهابي التكفيري أستعمال وسائل بديلة حتى تتجنب أمريكا العمل المباشر نتيجة فشلها في العراق وأفغانستان , فكانت الوسائل البديلة أكثر غباءا , وهي كل من السعودية , وقطر , وتركيا , وأسرائيل التي راحت تعالج جرحى عصابات ألآرهاب في مستشفياتها , مثلما أخذت تركيا على عاتقها أن تكون ممرا للآرهاب , وأخذت قطر والسعودية مسؤولية التمويل , وأصبحت ألآردن محطة للقاء خبراء التوجيه للآرهاب , وبعد حادثة أسقاط الطائرة بدون طيار في سورية التي أنطلقت من مطار ألازرق في ألآردن , ووصول المباحثات حول النووي ألآيراني الى نقطة خلاف عميقة بين الجمهوريين والديمقراطيين , وبعد التقدم الذي أحرزه الجيش والحشد الشعبي العراقي في محافظة صلاح الدين , وبعد ألآنكار المتكرر من الحكومة التركية بعدم دعمها لداعش والذي تنفيه أحزاب المعارضة التركية وتنفيه الصحف الغربية , وبعد أعتراف وزير خارجية أمريكا جون كيري بضرورة التفاوض مع بشار ألآسد , وبعد الظهور ألآيراني في أكثر من مكان رغم الحصار ألآقتصادي وبعد قيام الرئيس الروسي بوتين بأعلان حالة التأهب القصوى في أسطول روسيا الشمالي , ومع هذه التغيرات ظهور حزب الله في لبنان كقوة أقليمية وظهور الحوثيين في اليمن كقوة يمكنها أجراء مناورات عسكرية على حدود السعودية , كل ذلك يكشف غباء النادي الذي تقوده أمريكا.