ليس هذا بحثاً في علاقة داعش بأمريكا والطغمويين* والسعودية وتركيا وقطر إلا بقدر ملامسة بعض جوانب تلك العلاقة الوضعَ الراهن لهذه الأطراف. أما تلك العلاقة الكاملة فلي عودة اليها في المستقبل إذ أمتلك تصوراً كاملاً بشأنها.
فشل المخطط الأصلي لتحريك داعش القاضي بإسقاط النظام الديمقراطي العراقي برمته. وهنا بلغ الاتفاق مع داعش مداه الأخير فابتعد الجميع عن داعش ليبدأ المخطط البديل وتم ذلك، بتقديري، وفق اتفاق مسبق بين أمريكا وداعش قبل تسليم إدارة العلاقة مع داعش الى السعودية وتركيا وقطر تحت سقف المصالح الأمريكية.
فشل المخطط البديل أيضاً (لحد الآن) وهو القاضي بعودة أمريكا الى العراق تحت غطاء محاربة داعش وذلك لمحاولة إحداث تغييرات سياسية داخل العراق لصالح الطغمويين (“حلفاء” أمريكا) عن طريق إبتزاز التحالف الوطني على افتراض أن القوات العسكرية والأمنية العراقية ستثبت فشلها في مواجهة داعش في حزام بغداد وديالى وصلاح الدين والأنبار والموصل (وإذا بآمالهم تخيب بسبب صلابة الجيش ودعمه بالحشد الشعبي الذي دعت اليه مرجعية السيد علي السيستاني فتحرر جرف الصخر والضلوعية اللتان إستعصيتا على الجيش الأمريكي)، أو بالأقل إحداث إقتتال بين قواعد أطراف التحالف الوطني مما سيؤدي إلى إضعاف أهم عنصر قادر على الوقوف بوجه أمريكا إذ له القدرة المدنية السلمية الكافية وهي التي أخرجت عساكرها من العراق في نهاية عام 2011، وله الحرص الكافي على الشأن العربي وخاصة السوري والفلسطيني بما يجعله في تضاد مع الإستراتيجية الأمريكية – الغربية – الإسرائيلية في المنطقة.
بسبب الفشل النهائي للمخطط الأول وبسبب فشل المخطط الثاني لحد الآن دون أن يلوح في الأفق كثير أمل في نجاحه، تحاصرت الأطراف المعنية وضاقت ذرعاً وسط تلميحات وتهكم ونقد وتشكيك وتجريح حول العالم لسياسة أمريكا القاضية باحتواء داعش ومن ثم القضاء عليها في مدة تتراوح بين ثلاث الى ثلاثين سنة بمساعدة السعودية وقطر!!!؛ وتحاصرت أيضاً بسبب فشل محاولتها الهيمنة على الجيش العراقي أو فشلها في كسر إرادة التحالف الوطني ممثلاً برئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الذي يصر على عدم الحاجة الى قوات برية غير عراقية أجنبية كانت أو عربية أو تركية؛ والسبب، بتقديري، معنوي إذ لا كرامة لشعب يحرر الغرباء وطنَه إضافة الى عدم الاطمئنان لأية قوة خارجية ترضى عليها أمريكا – أقول بسبب فشل المخطَطَين، بدأت تهديدات تحالف القوى العراقية الطغموي تُرمى بوجه رئيس الوزراء وجاءهم حادث إغتيال الشيخ قاسم سويدان الجنابي وأفراد حمايته وإبن أخيه النائب زيد الجنابي كهدية من السماء.
بالطبع ودون تروٍّ، كعادته، إتهم تحالف القوى الطرف الآخر بحجة أن الشيخ نقل من جنوب بغداد الى شمالها دون أن تعترضه قوى الأمن، وكأنهم لا يتابعون إعترافات أولئك الإرهابيين الذين يأتون بالسيارات المفخخة الى جميع مناحي بغداد بل حتى الى البصرة من حزام بغداد والفلوجة والرمادي وجرف الصخر وأبي غريب وديالى والضلوعية والمقدادية وغيرها دون أن تتمكن السيطرات الأمنية من إعتراضهم. صعَّد تحالف القوى الطغموي تهديداته بتعليق مشاركته في الحكومة ومجلس النواب.
ما الذي يريدونه من وراء هذه التكتيكات، وكيف تنبغي مواجهتهم؟
هذا هو موضوع الحلقة الثانية من هذا المقال.
أما حصارُ وسأمُ داعش التي أصبحت وحيدة، فيما خلى الألاعيب الأردوغانية، فقد تجليا في حرق المكتبة المركزية في الموصل وحرق المخطوطات والكتب والوثائق النادرة وتدمير مقتنيات متحف الموصل وهو ثاني أكبر متاحف العراق بعد متحف بغداد وذلك بعد أن هدموا من قبل الكنائس وبعض المساجد ودور العبادة الأخرى.
لماذا هذه الأفعال؟ سيكون هذا موضوع الحلقة الثالثة من هذا المقال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995